أفادت مصادر إعلامية رسمية سودانية بأن الجيش السوداني بات قريبًا من السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم، الذي يتمتع بأهمية رمزية وسياسية كبيرة. واعتبرت وكالة "رويترز" للأنباء أن استعادة القصر من قوات الدعم السريع سيمثل تحولًا مهمًا في الحرب المستمرة منذ عامين، والتي تهدد بتقسيم البلاد، لا سيما في ظل طرح حميدتي وداعميه لإعلانٍ دستوري ومساعيهم لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتهم بدارفور.
ونقلت "رويترز" عن شهود عيان ومصادر عسكرية أن "اشتباكات عنيفة اندلعت في وقت متأخر من مساء الأربعاء قرب القصر الرئاسي، مع سماع دوي انفجارات وضربات جوية للجيش استهدفت وسط العاصمة الخرطوم". كما أفاد موقع "الترا سودان" باشتداد حدة المعارك فجر الخميس.
يُذكر أن قوات الدعم السريع تسيطر على معظم غرب السودان ومناطق عدة في العاصمة الخرطوم منذ اندلاع الحرب في منتصف نيسان/أبريل 2023، إلا أنها تكبدت في الآونة الأخيرة خسائر متتالية في وسط البلاد والعاصمة أمام الجيش السوداني.
بدأت الحرب في السودان، حسب الأمم المتحدة، بدفع ملايين السودانيين إلى شفا المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء، بسبب الحرب المستمرة منذ عامين، والتي امتدت إلى 13 ولاية من أصل 18 هي جميع ولايات السودان
حصار مطبق
باتت قوات الدعم السريع المتحصنة داخل القصر الجمهوري وفي محيطه محاصرة ومستنزفة بالكامل، وفقًا لمصادر محلية سودانية. وأشارت المصادر إلى أن هذه القوات تتعرض لاستهداف متواصل، ومع تصاعد خسائرها وانقطاعها عن خطوط الإمداد الرئيسية، أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام وتسليم سلاحها للجيش أو القضاء عليها بالكامل.
وتؤكد التطورات الميدانية أن حملة الجيش لاستعادة القصر الرئاسي والمواقع السيادية المتاخمة له على شارع النيل بدأت بشكل مكثف منذ الثلاثاء الماضي، حيث تم الدفع بمئات المدرعات والآليات العسكرية الثقيلة في معركة السيطرة على وسط الخرطوم.
فك الحصار عن الفاشر
في سياق متصل، كشف القائد الميداني في القوة المشتركة، العميد يزيد رشاش، لموقع "الترا سودان" عن خطة عسكرية تستهدف فك الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، عبر ما وصفها بـ"ضربة قاضية".
وقال رشاش: "الآن كل متحركات الجيش والقوة المشتركة والمقاومة الشعبية تُعد العدة لتنفيذ الضربة القاضية لسحق المليشيا، وفك الحصار عن مدينة الفاشر، وفرض الأمن والاستقرار لسكان المدينة ومعسكرات النازحين بشمال دارفور، مع تهيئة الظروف الأمنية المناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية وإنقاذ حياة المحاصرين في الفاشر ومعسكر زمزم".
ويعود حصار الفاشر إلى منتصف نيسان/أبريل 2024، حين فرضت قوات الدعم السريع طوقًا عسكريًا حول عاصمة إقليم دارفور، وسط تقديرات بأن السيطرة عليها تمثل العقبة الأخيرة أمام إعلان الدعم السريع لحكومة موازية في دارفور. ورغم سيطرتها على معظم مدن الإقليم الكبرى، فإن الفاشر بقيت خارج نطاق نفوذها، حيث رفض الجيش التخلي عنها، رغم الكلفة البشرية العالية والمخاوف من تكرار سيناريو مذابح مدينة الجنينة.
وخلال الحصار، كثفت قوات الدعم السريع استهدافها لمعسكر زمزم للنازحين، مما أسفر عن مقتل العشرات وإجبار أكثر من 100 شخص على النزوح، وفق تقارير أممية. ويتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بتحميل المدنيين ثمن إخفاقها في السيطرة على الفاشر.
وفي تصريحاته لـ"الترا سودان"، أكد العميد رشاش أن الوضع في المدينة بات أكثر استقرارًا بعد حملات تفتيش واسعة نفذها الجيش والقوة المشتركة، والتي وصفها بأنها "عملية تنظيف لبقايا جيوب الدعم السريع في الأحياء الطرفية"، معتبرًا أنها ساهمت في "توسيع الرقعة الأمنية في الفاشر".
وحول مساعي الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتها بدارفور، اعتبر رشاش أن هذا التحرك "محاولة يائسة" جاءت بعد فشل الدعم السريع في فرض سيطرتها بالقوة، مضيفًا أن "إعلان حكومة موازية هو دليل آخر على انهيار مشروعها التخريبي"، وفق قوله.
#السودان | تقرير حقوقي يتحدث عن جرائم حرب على نطاق واسع
إليك التفاصيل في في سلسلة التغريدات التالية⏬ pic.twitter.com/pveCmiYCPd
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) August 7, 2023
إنهاء الحرب:
وفقًا للأمم المتحدة، دفعت الحرب المستمرة في السودان منذ عامين ملايين السودانيين إلى حافة المجاعة والموت، نتيجة النقص الحاد في الغذاء وانتشار العنف. وامتدت رقعة الصراع إلى 13 ولاية من أصل 18، مما فاقم الأزمة الإنسانية في البلاد. وأمام هذا الخطر الوشيك والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تُرتكب من قبل طرفي النزاع، تدعو الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والقوى الدولية إلى وقف الحرب فورًا، وإنهاء العمليات القتالية، والعودة إلى طاولة الحوار لإيجاد حل سياسي للأزمة.
يُذكر أن طرفي النزاع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كانا قد نفذا انقلابًا عسكريًا عام 2021 أدى إلى تعطيل عملية الانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي. ومع تصاعد الخلافات بين الطرفين حول خطط تسليم السلطة، اندلعت الحرب الأهلية في السودان في نيسان/أبريل 2023، مما أدخل البلاد في دوامة من العنف وعدم الاستقرار.