17-فبراير-2025
حرب السودان

حرب السودان تشرف على إكمال عامها الثاني (رويترز)

تمكّن الجيش السوداني من استعادة مناطق جديدة من قوات الدعم السريع شرقي العاصمة الخرطوم. وتأتي هذه التطورات في وقتٍ أعلن فيه رئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم الإثنين، تصميم الجيش "على دحر التمرد".

يتزامن ذلك مع تجديد مفوضية السلم والأمن الإفريقي دعوتها إلى وقف "إراقة الدماء في السودان"، وإعلان الأمم المتحدة، اليوم الإثنين، أنها تسعى، هذا العام، للحصول على 6 مليارات دولار للسودان من المانحين الدوليين، وذلك للمساعدة في تخفيف المعاناة، التي وصفتها المنظمة الأممية، بأنها "إحدى أكثر الأزمات تدميرًا في عصرنا، بسبب ما خلفته من حالات نزوح جماعي ومجاعة متفاقمة وانتهاكات".

النداء الإنساني

تسعى الأمم المتحدة إلى زيادة الدعم الإنساني للسودان بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، وتأتي الدعوة الأممية، حسب رويترز، في وقتٍ تتعرض فيه ميزانيات المساعدات في جميع أنحاء العالم لضغوط متزايدة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الشهر الماضي، بوقف التمويلات والمساعدات الإنسانية لأكثر من منظمة دولية إنسانية، الأمر الذي أثّر على برامج إنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم.

ومع ذلك، تعتبر الأمم المتحدة، أنّ الحصول على مبلغ 6 مليارات دولار للسودان أمرٌ ضروري، لأنّ الأوضاع الإنسانية تزداد سوءًا، بفعل الحرب التي استمرت 22 شهرًا بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، والتي شردت بالفعل خمس سكان السودان، وزادت من معاناة حوالي نصف السكان بسبب الجوع الشديد.

بيان الأمم المتحدة أشار إلى أنه جرى الإبلاغ عن ظروف المجاعة في خمسة مواقع على الأقل في السودان، بما في ذلك مخيمات النازحين في دارفور

وفي هذا الصدد، نقلت رويترز، عن منسق الإغاثة في الأمم المتحدة توم فليتشر قوله إن: "السودان حالة طوارئ إنسانية ذات أبعاد صادمة، فالمجاعة تتفاقم، ووباء العنف الجنسي ينتشر، والأطفال يقتلون ويصابون. باختصار المعاناة في السودان مروعة".

وأفاد بيان، صادر عن الأمم المتحدة، أنه جرى الإبلاغ عن ظروف المجاعة في خمسة مواقع على الأقل في السودان، بما في ذلك مخيمات النازحين في دارفور، وأضاف البيان أنّ هذا الوضع  سيزداد سوءًا بفعل استمرار القتال وانهيار الخدمات الأساسية.

وكان مخيم زمزم للنازحين واللاجئين المنكوب بالمجاعة قد تعرض الأسبوع الماضي لهجوم من طرف قوات الدعم السريع، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات. وجاء الهجوم المذكور في وقتٍ كثّفت فيه قوات الدعم السريع من هجماتها على الفاشر بهدف تشديد قبضتها على معقل قواتها في إقليم دارفور.

يشار إلى أنّ قوات الدعم السريع، عاودت اليوم الإثنين 17 شباط/فبراير، القصف المدفعي على مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، وذلك بعد هدوء نسبي استمر لثلاثة أيام فقط. وقالت مصادر لـ"الترا سودان": "إن قذائف صاروخية وقعت في سوق المخيم وأوقعت قتلى من المدنيين، وأدت لموجة نزوح جديدة من المخيم في ظل ظروف بالغة التعقيد".

ودائمًا، في المجال الإنساني، تهدف خطة الأمم المتحدة، وفقًا لما أعلن اليوم، إلى الوصول إلى نحو 21 مليون شخص داخل السودان، مما يجعلها الاستجابة الإنسانية الأكثر طموحًا حتى الآن لعام 2025. 

يشار إلى أنّ مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي بانكولي أديوي، دعا اليوم الإثنين، إلى وقف إراقة الدماء في السودان.

تطورات الميدان

ذكَر موقع "الترا سودان" أن القوات المسلحة السودانية، مدعومة بالقوات المشتركة وقوات العمل الخاص، نفذت عمليات عسكرية وصفت بـ"الناجحة" ضد قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر، محققة تقدمًا في عدد من المحاور.

وفي الخرطوم، أفاد الجيش السوداني، بأن قواته وصلت إلى ضاحية المايقوما في منطقة شرق النيل شرقي العاصمة السودانية، وقامت على إثر ذلك بإبعاد قوات الدعم السريع من المنطقة المذكورة. كما أعلن الجيش السوداني بسط سيطرته على أجزاء واسعة من حي كافوري في الخرطوم بحري.

وتزامنًا مع هذه التطورات، قال رئيس المجلس الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، إن القوات المسلحة والشعب السوداني "مصممون على دحر التمرد"، مشدّدًا على أن الشعب السوداني "لن يوافق على حكومة يفرضها الخارج تقودها شخصيات منبوذة ولم تقاتل في الميدان ولم تعايش معاناة المواطنين في الاغتصاب والتشريد والنهب"، نافيًا في الصدد ذاته "وجود اتصالات مع قوى الحرية والتغيير"، معتبرًا أن الكلمة هي "للمقاتلين في الميدان"، مضيفًا: "نحن حديثنا مع المقاتلين في الميدان".

وقال البرهان، في كلمته التي ألقاها في بورتسودان أمام حضور من السلك الدبلوماسي والبعثات الدولية، "إن القوات المسلحة ستنأى بنفسها عن السياسة ولن تقودها أي مجموعة سياسية أو عقدية، والشعب السوداني يساند الجيش ويقف وراءه لدحر المتمردين"، مضيفًا: "لدينا الكثير من الوحدات التي تساند القوات المسلحة. هي ليست تنظيمات ولديها مسميات وتقاتل مع الجيش".

وتابع البرهان: "الشعب سينتصر في النهاية، شاء من شاء وأبى من أبى، ولن تفرض عليه أي حلول خارجية.. رسالتي للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة: لن تفرضوا أي حكومة من الخارج".

وأردف البرهان: "عملاء الخارج والذين يتحدثون نيابة عن الشعب لن يأتوا إلى هنا، ويجب أن لا يحملوا بحكم الشعب السوداني. ونقول للاتحاد الأفريقي والإيقاد (الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا): وفروا جهدكم لحلول لن تحدث، واندهشنا من محاولات فرض شخصيات منبوذة على السودانيين".

كما أكّد البرهان، في سياق رسائله الخارجية، أن "الشعب السوداني لن يسمح للشخصيات المنبوذة بالعودة إلى الحكم مرة أخرى"، قائلًا "إن بعض الدول تسأل عن إمكانية عودة عبد الله حمدوك ليقود الحكومة، والشعب السوداني، وهم أصحاب المصلحة، لن يوافقوا على هذا الأمر"

وأردف البرهان: "رسالتنا واضحة للمجتمع الإقليمي والدولي: لا تتعبوا أنفسكم. إذا كانت هناك حلول يجب أن تكون من الداخل. وإذا كانت لديكم مساعدات إنسانية، قدموها للشعب السوداني".