03-مايو-2017

صورة ترويجية للحياة في الجونة (صفحة الجونة على فيسبوك)

باتت الجونة في مصر نموذجًا للمجتمعات المسيّجة أو Gated Communities، والتي هي شكل من أشكال التعبير عن التميز الاجتماعي والرغبة في العزلة الاجتماعية بعيدًا عن غوغاء المدينة والعامة، هي أشبه بالرغبة في "التشرنق الاجتماعي" والإحساس بالأمان بعيدًا عن تهديدات الطبقات الاجتماعية الأدنى.

باتت الجونة في مصر نموذجًا للمجتمعات المسيّجة، التي هي شكل من أشكال التعبير عن التميز الاجتماعي

في هذا السياق، يندرج فيديو ترويجي، تطلقه صفحة الجونة على موقع فيسبوك، تظهر فيه فتاة ببالطو من الفراء وبملابس خفيفة، تمشي بواسطة الأحذية المتحركة (الباتيناج)، كنوع من الخروج عن المألوف مصريًا، بعد يوم عمل شاق، كما تقول. وتضيف الفتاة "محدش بصلي.. محدش بصلي"، كتوصيف لـ"مجتمع اليوتوبيا"، الذي تعيشه في الجونة. الفتاة تواصل خلال الفيديو الترويجي رفقة آخرين الحديث عن الجونة وميزات الحياة داخلها تحت عنوان Gouna Natives، أهل الجونة الأصليين!

[[{"fid":"70856","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","title":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","height":498,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

اقرأ/ي أيضًا:  القاهرة.. من فقراء المدن إلى مجتمعات الكومباوند (1 ـ 2)

هذا النوع من الدعاية استفز الكثير من الناس، التي علقت على المقاطع الترويجية بسخرية أحياناً وبمرارة في أحيانًا أخرى، نظرًا للطابع الاستفزازي الذي اتسم به الإعلان والذي أثار حنق الكثيرين.

في حقيقة الأمر، الجونة مدينة صغيرة تبعد عن الغردقة حوالي 22 كيلو متراً ويملكها سميح ساويرس، أحد أهم أثرياء مصر حسب تصنيف موقع فوربس الأمريكي، الذي يتتبع الثروات المعلن عنها لأغنياء العالم، وتقدر ثروة سميح ساويرس بحوالي 540 مليون دولار، ويمتلك سلسلة من أهم الفنادق في مصر منها الماريوت والشيراتون و Club Med.

تمتلئ الجونة بملاعب الغولف، التي توصف بأنها من أكثر الألعاب ذات التكلفة العالية، حيث يبلغ ثمن كرة الجولف 600 جنيه مصري أي حوالي (30 دولارًا) وملابس اللعب 1700 جنيه مصري أي حوالي (85 دولارًا)، بالإضافة إلى تكلفة الري العالية. هذا بالإضافة إلى إنشائها 6 ملاعب للإسكواش بتكلفة 6 ملايين جنيه من أجل استضافة بطولة العالم للإسكواش.

الفيديوهات الترويجية للحياة في الجونة استفزت الكثير من المصريين لما حملته من مظاهر ثراء فاحش في ظل وضع اقتصادي متدهور في مصر

اقرأ/ي أيضًا:  القاهرة.. من فقراء المدن إلى مجتمعات الكومباوند (2 ـ 2)

[[{"fid":"70861","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة"},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","title":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","height":532,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

يجري ذلك كله في بلد يأكل فيه الفقراء من أسواق بقايا الطعام حيث هياكل الدجاج وعظام الغنم هي الغاية الكبرى، وفي بلد يصل فيه معدل الفقر إلى 17% في المدن و42% في المناطق العشوائية. وفي الوقت الذي قامت فيه وزارة التموين بحذف الملايين من نظام بطاقات الحصص التموينية، مع ارتفاع أعداد من هم تحت خط الفقر المدقع، خاصة بعد قرار تعويم الجنيه، وما تبعه من ارتفاع كبير جدًا في أسعار السلع  الغذائية ونقص كبير في حوالي 3000 نوع من الدواء.

على مواقع التواصل الاجتماعي، استقبل النشطاء هذه الإعلانات الترويجية بالكثير من السخرية والمرارة وقارنوها بما يعانيه البلد من ويلات الفقر والجوع، أما البعض الآخر فربط الأمر بتأييد هؤلاء للنظام في مصر، وتغافلهم عن الحياة الحقيقية التي يعيشها عامة الناس.

البعض الآخر استطاع أن يعيد تأصيل فكرة "العفن الطبقي"، مستشهدًا بالروسيين جرينوفسكي وأناتولي تشوبياس، اللذين كانا يظهران ثرواتهم للإعلام الأمريكي، ويعرضون حماماتهم التي صنعت من الذهب الخالص، وكراسيهم التي كانت من فراء الدببة وكان كل ذلك يحدث إبان إعلان روسيا إفلاسها في أواخر التسعينات.

هكذا تظهر إذن الطبقية بكل تفاصيلها في مصر مؤخرًا، وهذه الأمراض الطبقية عادة تبرز في المجتمعات الفقيرة في الفترات التي تحتكر فيها فئة واحدة فقط الثروة. ثراء مستفز لفئة قليلة من الشعب في ظل وضع قاس للبلد ومعظم أهله، واستفزاز يزيد من الاحتقان والتوتر الاجتماعي.

[[{"fid":"70866","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة"},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","title":"تفاعل المصريين مع الفيديوهات الترويجية للجونة","height":493,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

اقرأ/ي أيضًا:

العشوائيات في مصر.. أرقام ومعلومات

الدولة لم تسمع بعشوائيات نواكشوط بعد!