31-أكتوبر-2018

أحبط الجولانيون انتخابات الأسرلة (عمار عواد/رويترز)

ألترا صوت - فريق التحرير

تجمع مئات من سوريي الجولان المحتل، يوم أمس الثلاثاء 30 تشرين الثاني/أكتوبر الجاري، تعبيرًا عن رفضهم إجراء الانتخابات البلدية الإسرائيلية ، التي قامت الحكومة الإسرائيلية بفرضها على سكان الجولان المحتل، مع شروط تساهم في تعزيز عملية أسرلة المجتمع المستمرة منذ احتلال المنطقة، ومساعدة بعض الفواعل المحلية المتواطئة مع المساعي الإسرائيلية.

 اعتبر "الحراك الشبابي في الجولان المحتل" أن المجتمع السوري في الجولان أعاد التأكيد على عدم شرعية المجلس المحلي وما يمثله

على الرغم من قيام الشرطة الإسرائيلية، حسب تقارير وصور تداولتها الصحافة الإسرائيلية، بمساعدة الناخبين على الوصول إلى مراكز الاقتراع، التي احتشد حولها المحتجون في مجدل شمس. ومع استمرار الاحتجاجات وتصاعدها، قامت شرطة الاحتلال بقمع المتاهظرين عبر إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

كان من المفترض أن يتم إجراء الانتخابات في أربعة من بلدات الجولان المحتل، لكن المحتجين ودعواتهم الرافضة، حالوا دون اكتمال التصويت في بلدتين منها. كما رفع المتظاهرون لافتات وشعارات، تؤكد أن "هوية الجولان هي عربية سورية"، بينما ندد عديد من الشخصيات الدينية والاعتبارية بالانتخابات، وطالبوا المجتمع الجولاني بالتصدي لهذه الخطوة وعدم التورط فيها.

بينما نددت مجموعة من الناشطين السوريين في الجولان المحتل بالانتخابات، طوال الأسابيع الأخيرة، معتبرين أن الانتخابات التي تحاول إسرائيل فرضها عليهم ما هي إلا مساهمة في تشظية المجتمع الجولاني وأسرلته، إلى جانب الاستثمار في التباينات في المواقف  لدى أهل الجولان، إذ إن الحق في التصويت، حسب القانون الإسرائيلي الناظم لهذه الانتخابات، محصور في الأقلية التي لا تتجاوز  12%  من ديمغرافية الجولان، وهم للمصادفة حملة الجنسية الإسرائيلية!

في السياق ذاته، تجسدت الدعوات الرافضة للانتخابات في حراك شبابي واسع، قاده مجموعة من الشباب السوريين من الجولان، ضمت مثقفين وفنانين وشرائح مختلفة من المجتمع من مشارب فكرية متنوعة التقت على مواجهة الأشكال المتعددة لمحاولات أسرلة الجولان، تمهيدًا لضمه.

اقرأ/ي أيضًا: انتخابات الأسرلة في الجولان.. وهم "ديمقراطية" الاحتلال

في الوقت ذاته نجح الناشطون المحتجون في وقف مساعي السلطات الإسرائيلية بمنع استكمال عملية الاقتراع في بلدتين من أصل أربع بلدات. واعتبر "الحراك الشبابي في الجولان المحتل" عبرعدة بيانات نشرها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن المجتمع السوري في الجولان "أعاد التأكيد على عدم شرعية المجلس المحلي وما يمثله. وبذلك، يبقى عمل هذه المؤسسة ومن يمثلها مناقضًا لإرادة الأهالي، وإلغاء الانتخابات يفقده شرعّيته أكثر مما مضى".

فيما أضاف بيان الحراك عينه "سابقًا، عند توظيف شخص في المجلس المحلي، تم النظر إليه كموظّف خدماتي فقط. ولكن، الآن، التعيين الذي سوف يتبع بعد إلغاء الانتخابات هو خروج صريح عن إرادة المجتمع، وهذا لا يلغي حقوق أبنائه، إذ أنه من الطبيعي أن يستمر أبناء وبنات البلد بالحصول على الخدمات التي يجب على هذه المؤسسة تقديمها، ومطالبتها هي وممثليها بالحصول على جميع الحقوق المدنية"، وهو ما يعتبر من الحقوق المكفولة للسكان الواقعين تحت الاحتلال وفق اتفاقيات جنيف الأربعة.

تكفل اتفاقيات جنيف الأربعة حق السكان الواقعين تحت الاحتلال الأجنبي بالحصول على الخدمات المعيشية والبنى التحتية اللازمة لاستئناف حياتهم

يذكر أن الحراك الشبابي في الجولان، قد أقام خلال الفترة الماضية مجموعة من الفعاليات، تعبيرًا عن رفض الانتخابات، ولنشر الوعي بخصوص خطورتها على المجتمع السوري. وكان مدير برنامج الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت، والباحث السوري من الجولان المحتل، منير فخر الدين، قد وضح لـ"ألترا صوت"، أن الخطوة الإسرائيلية، تسعى إلى استغلال الشروخ التي أحدثها الملف السوري بين السكان المحليين، فيما تأتي هذه المحاولات كاستمرار لمشروع الضم والأسرلة الذي تنتهجه إسرائيل للمرتفعات السورية المحتلة.

كما أضاف فخر الدين، إن إسرائيل والأوساط المتأسرلة المتماشية معها، تحاول في الفترة الأخيرة استغلال الفراع السياسي الحاصل، نتيجة الاصطفاف داخل المجتمع الجولاني حول الموقف من الثورة السورية. واعتبر أن "السبب الحقيقي وراء إجراء هذه الانتخابات، قائم على محاولة مجموعة من الشباب المتأسرلين سد هذه الفراغ"، حيث تتنازع هذه الأوساط المتماشية مع إسرائيل، على تمثيل الوسط الجولاني.

تأتي هذه المحاولة الإسرائيلية "الانتخابية" في الوقت الذي تتم تنفيذ أجندات انتخابات الاحتلال في حالة شبيهة، يشهدها الشق الشرقي من القدس المحتلة. إذ كانت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب قد نقلت السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، في خطوة تسهم في الترويج لقبول واقع إسرائيل الاستعمارية واحتلالها كواقع قائم لا يثير إشكالات قانونية أو دبلوماسية لدى المجتمع الدولي. ولا يمكن اعتبار إقامة انتخابات بلدية الاحتلال في الشق الشرقي من القدس المحتلة إلا أحد جوانب ماكينة الأسرلة والترويج للإبقاء على واقع الاحتلال في المدينة. وسط صورة شائكة من هذا الوزن، يمكن القول أن إسرائيل تسعى لتنفيذ أجندات ضم الجولان المحتل، مستغلة تماشي إدارة ترامب ومساعيها غير القانونية. لتأتي هذه الانتخابات التي أحبطتها إرادة أبناء الجولان تذكيرًا بواقع الاحتلال وعدم شرعيته، خاصة من وجهة نظر ضحاياه. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نازحو الجولان.. خمسون عامًا والقمح بانتظارهم

نكسة حزيران.. بدء حكم الطغاة وهزيمة الإنسان