29-يوليو-2016

الجولاني في تسجيله المصور الذي أعلن فيه فك الارتباط عن القاعدة

بابتسامةٍ خفيفة، وصورةٍ بتقنية عالية الجودة، سوّقت حسابات "النّصرة" سابقًا، جبهة "فتح الشّام" حاليًا، على مواقع التّواصل الاجتماعي للظهور الأول لأميرها، أبو محمّد الجولاني.

ارتباط جبهة النصرة بالقاعدة لطالما كان عاملًا لنفور باقي المجموعات المسلحة منها، وتصنيفها كمجموعة إرهابية، ولذا قامت بمناورة فك الارتباط

الجولاني الذي أطلّ للمرة الأولى كاشفًا وجهه، مرتديًا زيًا شبيهًا بزي مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بلغةٍ عربيةٍ فصيحة، أعلن رسميًا الانفصال عن تنظيم القاعدة وتأطير تنظيمه في جبهة عملٍ جديدة، شامية الأهداف والهوى.

اقرأ/ي أيضًا: مصر..النظام يختبئ خلف ميج-35

أبومحمد الجولاني، الذي اختبر تنظيم القاعدة واختبرته حينما التحق بصفوف القتال على اثر الغزو الأمريكي 2003، عاد إلى بلده بعد الثورة في العام 2011 مع 7 من كبار الدّعاة والقادة الجهاديين، أرسلهم "أبو بكر البغدادي"، لاستبيان القدرة على تفعيل عمل القاعدة في سوريا واستغلال الثّورة، وتهيئة الأرض أمام تنظيم "المجاهدين" ورصّ صفوفهم. قبل أن يُعلن رسميًا عن إنطلاق جبهة النّصرة  في الـ 24 كانون الثاني/يناير 2012، كذراعٍ قاعديٍ في سوريا، وكان الجولاني من ضمن هيئتها القيادية، حيث أعلن بنفسه الحرب على نظام الرّئيس السّوري بشّار الأسد، والعمل لتثبيت نظام الشّريعة في سوريا ما بعد الأسد.

وحينما قرّر أبو بكر البغدادي الاستقلال عن تنظيم القاعدة، وتأسيس تنظيمه الخاص، تنظيم "الدّولة الإسلامية في العراق والشّام"، وطالب الجولاني وبالتّالي النّصرة، بالانضمام لصفوف "تنظيم الدّولة"، لكن الأخير رفض، وأصرّ على بيعته للقاعدة والشّيخ أيمن الظّواهري، وعلى عدم الانقلاب على من يحاربون نظام الأسد إلى جانب النصرة.

اقرأ/ي أيضًا: جبهة النصرة..داخل تنظيم القاعدة أم خارجه؟

حدّد الجولاني أهداف جبهة العمل الجديدة، في المضمون، لا تختلف الأهداف الحالية عن الأهداف السّابقة، ما زالت الجبهة تضع نصب أعينها تأسيس نظامٍ جديد قائمٍ على الشّريعة، يحمي ويؤمن مصالح كل "مسلم"، بحسب الجولاني، لكن سؤال حقوق باقي الطوائف والأقليات يبقى حاضرًا، على الرغم من أن للجولاني أقوال وتجارب وسابقة تختلف عما هو سائد من قيادات القاعدة، بالإضافة إلى أن حديثة الأخير حرص على أن سبب فك الارتباط هو مصلحة "أرض الشام".

أراد الجولاني لانفصاله، والذي مهّد له نائب الظّواهري، أحمد حسن أبو الخير، بإعطاء الإذن للجبهة بالانفصال تغليبًا لمصلحة المجتمع على الأفراد، أن يخاطب المجتمع الدّولي، ويقول لهم، أي الجولاني، أنه فصيلٌ سوري "معتدل"، يسعى لتحرير سوريا وتغيير النّظام، كأي فصيلٍ آخر، وتفادي الضّربات الأمريكية - الرّوسية التي لم يسلم منها عناصر النصرة حتى الآن.

كما أراد الجولاني من انفصاله توجيه رسالة للسوريين والعرب، أن الجبهة هدفها كرامتهم، وبالتالي، عند قصفها مستقبلًا، ستعمل على بروباغندا دعائية، قوامها أن التحالف يضرب "المسلمين"، ويؤيد النّظام متجاهلًا محاولة المعارضة التّوحد، مما يفتح المجال أمام الجولاني والجبهة لاستقطاب عددٍ أكبر من المؤيدين.

المفارقة تكمن في فتح القاعدة الباب للجماعات المنضوية تحت لوائها للانفصال، فالقاعدة القائمة على مبدأ الجهاد، ومواجهة العدو البعيد، أي الولايات المتحدة الأمريكية، بفتحها باب الانفصال، يعني أنّ استراتيجية المواجهة التي تتبعها قد تغيّرت، وبالتالي تغيّرت معها قواعد الاشتباك وتمّ تغليب قتال العدو القريب، أي الأنظمة المعادية لفكر القاعدة، على قتال العدو البعيد، في تجلٍ وتطبيقٍ واضحين لدعوى الشّيخ أيمن الظواهري، الذي دعا للعمل دون ذكر الانتماء للقاعدة عن الضّرورة.

براغماتية الجولاني لم تكن لتأتي دون استشعاره تسوية سياسية قادمة، ويقين تنظيم جبهة "فتح الشام" أنّه سيكون طبقًا رئيسيًا، إلى جانب "تنظيم الدّولة الاسلامية"، على مائدة الروس والأمريكيين، فالموقف الأمريكي من إعلان الانفصال أتى سريعًا، واصفًا الانفصال بالصّوري لا الجوهري، ومستبعدًا فرضية شطب الجبهة عن لوائح الارهاب.

اقرأ/ي أيضًا: 

أهم 10 مؤتمرات قمة في تاريخ جامعة الدول العربية

"زيرو كريساج".. حملة مغربية لمحاربة الجريمة