16-يونيو-2019

المرأة السورية ضحية للحرب والجوع والعنف الجنسي (Silent War Film)

الترا صوت - فريق التحرير

تتعرض نساء سوريات لانتهاكات جنسية مختلفة من قبل أطراف الصراع في سوريا، إذ إن العنف الجنسي الممارس ضدهن لا يقتصر على اعتقالهن في أفرع المخابرات السورية، بل يمتد ليشمل مراكز إيواء النازحين التي يشرف عليها النظام السوري في مناطق سيطرته تحت رعاية أممية، أو مراكز إيواء النازحين في مناطق سيطرة المعارضة السورية، والتي تتم ممارستها ضدهن من قبل المسؤولين عن هذه المراكز.

تتعرض نساء سوريا لانتهاكات جنسية من مختلف أطراف الصراع، في حالات مختلفة، بما في ذلك مراكز الإيواء

الجنس مقابل المساعدات الإغاثية

"الجنس مقابل المساعدات"، بهذه العبارة يمكن اختصار التحقيق الاستقصائي الذي أنجز بدعم وإشراف الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية (سراج)، بعنوان "الجنس مقابل الغذاء في مراكز إيواء دمشق وريفها"، والذي أورد شهادات مجموعة من النساء عن تعرضهن للابتزاز الجنسي من قبل مسؤولين في مراكز إيواء النازحين التابعة للنظام السوري.

اقرأ/ي أيضًا: المرأة السورية.. عبء التقاليد وأعباء الثورة

قصة مريم (20 عامًا)، وهي إحدى الفتيات اللواتي تحدثن لمعدة التحقيق، تلخص رحلة النساء المأساوية في سبيل حصولهن على المساعدات المقدمة لعوائلهن من منظمات الأمم المتحدة.

منذ نزوح عائلة مريم من ريف دمشق إلى أحد مراكز الإيواء التابعة للنظام السوري عام 2012 اعتادت أن تحصل المساعدات الإغاثية، لتبدأ قصتها بتعرضها للاستغلال الجنسي عام 2016، حيثُ تعرضت الفتاة العشرينية لثلاثة أشهر متوالية للاعتداء الجنسي من قبل المسؤول على مركز الإيواء الذي تقيم فيه عائلتها في حي كفرسوسة الدمشقي، بعدما أجبرها المسؤول على إقامة علاقة جنسية معه مقابل حصول عائلتها على المساعدات.

السلة الغذائية في مراكز الإيواء السورية
مكونات السلة الغذائية في مراكز الإيواء السورية

قصة مريم، بالإضافة للنساء اللواتي أورد التحقيق شهادتهن، تمثل عشرات القصص لنساء أخريات يتعرضنّ للاستغلال الجنسي، فالنساء في المراكز يعانين من التحرش اللفظي والجسدي والنظرات المؤذية، ويجبرنَ في أحيان كثيرة إلى إقامة علاقات جنسية جبرية مقابل الحصول على حصص المساعدات الإغاثية. 

وفي أغلب الأحيان تضطر هؤلاء النساء إلى التزام الصمت خوفًا من الطرد خارج المركز، أو قطع المساعدات أو التهديد بالفضيحة والاعتقال في بعض الأحيان، إذا اكتشف أمرهن.

ويشير التحقيق إلى أن أكثر الأسباب التي تدفع المشرفين في المراكز إلى استغلال حاجة النساء مقابل تقديم تنازلات جنسية، عدم وجود معيل لهن، وعدم امتلاكهنَّ مهارات تؤهلهنَّ للكسب والعيش، ما يجعل هذه المساعدات طوق النجاة الوحيد.

انتهاكات جنسية في مختلف المناطق السورية

التحقيق الذي نشرته وحدة سراج الاستقصائية هو واحد من بين عشرات التقارير الحقوقية والتحقيقات الاستقصائية التي تتبعت الانتهاكات الجنسية في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية في آذار/مارس 2011، فقد أشار تقرير "أصوات من سوريا" الصادر عام 2018 عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى أن المساعدات الإنسانية يتم تقديمها مقابل الجنس في مختلف المناطق السورية، في إشارة لمراكز الإيواء المنتشرة في مناطق سيطرة المعارضة السورية، والنظام السوري، أي أن الانتهاكات تشمل جميع أطراف النزاع في سوريا.

وكشف التقرير المطول تعرض النساء والفتيات داخل مراكز الإيواء للاستغلال الجنسي من أولئك الذين يشغلون مناصب في السلطة، مقابل السكن والمساعدات. وتبقى النساء والفتيات اللواتي ليس لهن من يحميهن مثل الأرامل والمطلقات، والنازحات، معرضات بشكل خاص للاستغلال الجنسي.

الانتهاكات الجنسية ضد المرأة
فتيات دون الـ18 ضمن اللواتي تعرضن للانتهاكات الجنسية (صورة تعبيرية)

وذكرت دراسة أجرتها مفوضية اللاجئين حول الوضع الاجتماعي للنساء السوريات عام 2014، أن واحدة من بين كل ثلاث نساء لم تغادر البيت أبدًا، أو غادرته نادرًا أو عند الضرورة فقط، لانعدام الأمن وللخوف من التحرش. 

وكشفت دراسة أممية أخرى في العام نفسه، أن 3.5% من النساء تعرضن للعنف الجنسي بعد مجيئهنَّ إلى مركز الإيواء. وتراوح العنف الجنسي بين التحرّش اللفظي والجسدي والنظرات المؤذية.

العنف الجنسي.. سلاح أطراف الصراع السوري

ويشكل العنف الجنسي المرتكب ضد النساء سلاحًا تستخدمه أطراف الحرب السورية، مع تسجيل انتهاكات بالمئات قامت بها قوات النظام السوري، فقد أشار تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى أنه ما بين آذار/مارس 2011 والشهر عينه لعام 2019، وثقت ارتكاب قوات النظام لأكثر من ثمانية آلاف حادثة عنف جنسي، بينها 443 حالة ضد فتيات دون سن الـ18 عامًا. 

ووثقت الشبكة الحقوقية ارتكاب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لأكثر من تسعة حالات عنف جنسي، والمعارضة السورية لقرابة سبعة حوادث عنف جنسي، ليحظى النظام السوري بنصيب الأسد من الانتهاكات الجنسية ضد المرأة.

وكشف تقرير سابق عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أيضًا، بعنوان "الذل المرير" قصة استعباد 45 فتاة سورية في لبنان من قبل عصابات متنافسة، تتاجر بأجساد اللاجئات السوريات، وتعرضهن للتعذيب، والتشويه والاغتصاب والإجهاض، وتهديدهن بنشر صورهن ومقاطع فيديو لهن وهن عاريات، كان من بينهن ثمانية فتيات دون سن الـ18 عامًا، مشيرًا إلى أن العصابة كانت تستهدف النساء السوريات داخل سوريا، أو اللاجئات السوريات في لبنان.

وتتعرض النساء للاستغلال والعنف الجنسي في سوريا منذ عام 2011، فقد ذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش عام 2012، أن قوات النظام السوري استخدمت العنف الجنسي لتعذيب الرجال والنساء والصبية المحتجزين لديها. ونقل التقرير عن شهود أن قوات النظام والمليشيات الموالية لها قد أساؤوا جنسيًا للنساء والفتيات حتى سن 12 سنة في المداهمات العسكرية للمناطق السكنية.

الانتهاكات الجنسية ضد النساء في سوريا
أكثر من 8 آلاف امرأة سورية وقعن ضحية العنف الجنسي من قبل قوات النظام السوري

وقال تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2013، إن نساء سوريات تعرضن للعنف الجنسي من قبل قوات النظام أثناء تفتيش المنازل، أو عند نقاط التفتيش والحواجز التابعة لقوات النظام، أو خلال تحقيق أجهزة المخابرات، وتهديدهن بالاغتصاب الجماعي أثناء التحقيق لإجبارهن على الاعتراف.

ما بين 2011 و2019 ارتكبت قوات الأسد ثمانية آلاف حادثة عنف جنسي ضد نساء، بينها 443 حالة ضد فتيات دون الـ18 عامًا

وكانت منصة "عيني عينك" قد أطلقت في 15 نيسان/أبريل الماضي، ولمدة ستة أسابيع، حملة بعنوان "ناجيات أم ليس بعد؟"، لتسليط الضوء على معاناة النساء الخارجات من الاعتقال أو الاختطاف، وشارك في الحملة منصات نشر سورية إعلامية منحت مساحة للنساء لتقديم شهادتهن، وتسليط الضوء على قضيتهن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الدعارة في سوريا.. حرب تفاقم الظاهرة وشبيحة النظام أكبر المستفيدين!

التسول والاستغلال.. واقع لاجئات سوريات بالمغرب