29-ديسمبر-2020

لوحة لـ صفوان داحول/ سوريا

أعدُكَ

أنني سأتوقّف عن كوني ساذجة، وحمقاء

لن ألعب مع الكلمات بعد اليوم

لن أكذب كذبات صغيرة

أسدُّ بها شقوق حكاياتي

لن أخبرك بعد اليوم

عن عملي

أوه! إنه عمل بائس حتمًا

لا يشبه عملك

عملك الذي يُصيّرك لآلةٍ وديعةٍ

تعملُ وفق إيقاعٍ مضبوط.

 

أعدك

أنني لن أركض على الرمال بعد اليوم

سأمشي كما تمشي السّيدات

وألبسُ أحذيتهن ذات الكعوب العالية

وسأرتدي ما تهوى من الألوانِ

لن ألبس قمصاني القديمة

ولا البناطيل الغريبة

ولكني لن أتخلّص من قميصي الزهريّ

المنقّط بالأسودِ

أحفظهُ في درجٍ خاص

حيثُ خبأتُ الصندوق الصغير

الصندوق الذي قدّمتهُ لي مرّة

هناك، عند الشجرة العملاقة

في الليلة الظلماء

وعدتَ وحيدًا لمنزلك

قطعت مسافة طويلة

وحدكَ

بينما كان بمقدورك

أن تشدّ يدي، إليك

وتهرب بي

إلى حيث لا وجهة محددة

نتوه سويًّا

ينتشرُ خبرُ غيابنا

تُفجع والدتي

ويُجنُّ أبي

فأتوسّلك أن تُعدني

أنا ابنة بيتي الصغير

جذري هناك

أعدني

تُناديني الشجرة العملاقة

والهرّة الوديعة

تنادي كتبي: عودي

لا تذهبي

فأَعِدني..

أيّها الباسط راحتيكَ على قلبي

سرقْتَني فأعدني

أرجعني

حرّرني منكَ

خلّصني من رائحتك

انزعني عنكَ

انزعُكَ عنّي.

تعال، دعنا نتفق:

أُعيدُ لك النظرة الأولى،

أنزعها من عيني

فتُرجعني.

إنهم يرونني بينهم

ولستُ بينهم

هذا الجسدُ بلا هوية

أرْجعها؛ لأستعيدني

رُدّ القبلة الأولى، فالثانية، والثالثة، والخامسة عشرة

رُدّ يدك في جيبك

لا تضعها على وجهي

أيّها اللص ذو اليدِ الناعمة، الحنون

ردّ رسم نبضي لعهده السابق

وتوقّف عن حشرِ حجمك في فُتحاتي،

في فؤادي

الآهةُ ترتفع

مكتملٌ هو القمر

يولدُ الذئب عند اكتمال القمرِ

عواءٌ في الخارجِ، يرتفعُ

عُدْ يا لصّ

نسيتَ القميص

ملقىً على الأرضِ

عُدْ لتركض بهِ

فتُلقيه على المغشيّ عليه

فَتَرْتدّ روحه

لِيصحو من رقادهِ..

 

أعدكَ

لن أطلب العودة

ولا البحث عن اليقظة

أعدك أن أطيل الرقاد

أن أقطع أصابع الجذور

أن أخيط فم رأسي

وأن لا أمحو آثارك عن جسدي

بسكبِ ماءٍ

أن لا أعضّ على الآهةِ

أن لا أنظر في عينيك

وسيل دمع في عيني يندفعُ

أن لا تعيدني

وأن لا تنقض غزلك أنكاثًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: