04-مارس-2017

لاجئون سوريون في الجزائر (فاروق بعطيش/أ.ف.ب)

الصورة لم تتغير لدى الجزائريين عن سوريا، عن الشام كما يقولون عادة. سوريا في نظرهم بلاد العلم والمعرفة والتاريخ و"قطعة من الجنة"، ويتوجعون لما يدور على أرضها. لكن ماذا يشعر السوريون الذين استقبلتهم الجزائر، قبل 6 سنوات وتجاوز عددهم 12 ألف سوري؟.

واقع المهاجرين السوريين في الجزائر غير مستقر وهم يؤكدون أن الجزائر محطة عبور نحو دول أخرى بأوروبا بحثًا عن استقرار نهائي هناك

"تركنا الأهل والأحباب، تركنا الحياة بأكملها هناك بعيدًا عنا بآلاف الكيلومترات، في الجزائر نحن أجساد تتحرك لا ندري ماذا يخبئ لنا الغد ولا مستقبل أمامنا"، يقول السوري وسام، 42 سنة، لـ"ألترا صوت". يؤكد وسام تمسكه بالعودة لسوريا يومًا ما، كما يقول، رغم أنه يعيش حياته بشكل طبيعي في الجزائر، حيث يشتغل في تجارة الخردوات بمنطقة الحراش، غرب العاصمة الجزائرية، حيث أقام شراكة في دكان مع جزائريين اثنين، لافتًا إلى أنه أيسر حالًا من الكثير من السوريين الذين يعانون الكثير في الغربة.  

اقرأ/ي أيضًا: "المونة" السورية.. تنعش حياة اللاجئين في تركيا

وسام متزوج وأب لطفلين، يعترف بصعوبات جمة وجدها في العاصمة الجزائرية، من رحلة استئجاره لبيت يضمه هو وأسرته الصغيرة إلى طرقه أبواب التجارة في مجال قطع الغيار مع المنافسة الشديدة لزملائه في المهنة، رغم أنه تمكن من صنع زمالات ومعارف ووجد تسهيلات من طرف السلطات الجزائرية فيما يتعلق بالنشاط التجاري، على حد قوله.

من الصعب أن تتحدث مع أيهم، 32 سنة، السوري الذي أخذ من اللهجة الجزائرية عدة كلمات وخصوصًا "لاباس وبزاف"، فتذكيره بأرضه يشبهه بإعادة فتح جرح عميق، يبتسم تارة ويرد بكلمات متقطعة عن سوريا وحاله. يقول: "لا أشعر أنني بعيد عن بلدي لكن لا شيء يعوض سوريا"، يتكلم تارة عن جيرانه وتارة أخرى عن والديه وتارة عن أهله. يضيف: "تركت كل شيء هناك، إخوتي الثلاثة لا أعرف أين أجدهم اليوم، أما والدي فتوفي قبيل الأحداث العنيفة الأخيرة في البلاد، والدتي اضطرت إلى الالتحاق بشقيقتها في لبنان، واخترت أنا وأبناء عمومتي الجزائر منذ أربع سنوات".

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئون السوريون في أوروبا.. إلى تركيا

أسس أيهم وأقاربه الأربعة مطعمًا خاصًا بالمأكولات الشرقية بمنطقة "بئر مراد رايس، وسط العاصمة الجزائرية، وهو المطعم الذي كسب زبائن كثر من الجزائريين وغيرهم، يقول أيهم لـ"الترا صوت": "الجزائريون يتعاطفون مع قضيتنا إلا أن الوضع هنا غير مستقر خاصة أننا تركنا كل شيء مهم في سوريا".

واقع المهاجرين السوريين في الجزائر غير مستقر، أغلبهم توزعوا عبر ولايات مختلفة، بين العاصمة الجزائرية والبليدة وقسنطينة ووهران وعنابة، وهي الولايات التي احتضنهم فيها الهلال الأحمر الجزائري بناء على تعليمات من السلطات الجزائرية. في هذا السياق، تقول رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس لـ"ألترا صوت": "استقبلنا ما يقارب 12 ألف سوري، حاولنا أن نسخر لهم ضرورات الحياة الكريمة ومن ذلك الإقامة في مراكز مخصصة لهم، فضلًا عن تقديم التسهيلات بخصوص التعليم للأطفال وإيجاد عمل للشباب".

وتضيف بن حبليس: "تمركزوا في البداية في مخيمات خاصة بهم منهم مخيم "سيدي فرج" في العاصمة الجزائرية، إلا أن البعض رأى أن المكان غير مجدي، ووجدت العديد من العائلات السورية نفسها مطالبة بتوفير لقمة العيش لإعالة أفرادها، وانتقلت لتعيش في أماكن أخرى ولتدبر حياتها بمفردها".

اللافت أن الكثير من السوريين يؤكدون أن الجزائر هي مجرد محطة عبور نحو دول أخرى بأوروبا بحثًا عن استقرار نهائي هناك، وخصوصًا الشباب منهم، الحالم بمستقبل أفضل في الضفة الأخرى للمتوسط.

اقرأ/ي أيضًا:

اللاجئون السوريون ضحايا أساطير المجاهدين

اللاجئون في السويد.. أسئلة قلقة