06-مارس-2023
stray dogs

تشير التقديرات إلى وقوع حوالي20 حالة عقر يوميًا (GETTY)

تضج حسابات التواصل الاجتماعي في الأردن، يوميًا، بمقاطع فيديو لحوادث هجوم الكلاب على المواطنين، وتجوّل قطعان من الكلاب الضالة التي وصفها البعض بالمسعورة في الشوارع الرئيسية وبين المباني المأهولة، وآخرها أمام مبنى طوارئ لمستشفى حكومي.

مشكلة قسّمت الشارع الأردني في محاولة لإيجاد حلول لهذه الظاهرة التي أصبحت تؤرق المواطنين، إذ إنه حتى قبل عامين فقط كان مواطنون يلجأون لقنص الكلاب الضالة أو تسميمها، خاصة المؤذي منها. إلا أن قرارًا منع ذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية، مؤكدًا على نص قانون تجريم قتل الحيوان غير المملوك من قانون العقوبات الأردني الذي يُجرّم بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين، والسجن لمدة شهر أو غرامة لا تتجاوز 20 ديناراً على كل من "ضرب أو جرح حيوانًا بصورة تؤدي إلى منعه عن العمل أو تلحق به ضررًا جسيمًا".

وبين مطالبات لإلغاء تعديل النص القانوني السابق أو تعديله، تظهر مطالبات أخرى تدعو إلى جمع الكلاب وتوفير ملاجئ لحمايتها وتزوديها بالمطاعيم اللازمة، إضافة إلى تعقيمها لمنع تكاثرها، فأين الحكومة من كل هذا الجدل؟

 

أين أمانة عمان الكبرى؟

أمانة عمّان قالت في بيان سابق إنها تتعامل مع الكلاب الضالة عبر تطبيق برنامج "ABC" للسيطرة عليها، وذلك بجمع الكلاب الضالة من مواقع وجودها، ثم تعقيمها عبر أطباء مختصين وتحصينها بالمطاعيم اللازمة، وإعادتها إلى مواقع جمعها، لتقليل أعدادها وضمان عدم نقلها للأمراض.

مديرة وحدة مكافحة الحشرات في أمانة عمان، شتورة العدوان، قالت لألترا صوت إن: "برنامج ABC ستظهر نتائجه للمواطنين خلال السنوات الثلاثة القادمة، علمًا بأن تعاون المواطنين للإبلاغ عن أي شكوى بخصوص الكلاب الضالة سيساهم في تسريع العملية بشكل كبير".

أمانة عمان الكبرى بدأت ببرنامج تعقيم الكلاب الضالة منذ سنوات، إلا أن الأرقام تشير إلى ازدياد حالات العقر هذا العام بما يقارب الضعف بالمقارنة مع العام الماضي

وقالت العدوان إن الأمانة تعاملت مع نحو 4 آلاف ملاحظة خلال الستة أشهر الماضية، وأن البرنامج ممول كليًا من موازنة أمانة عمان.

الأمانة كانت قد بدأت بتطبيق البرنامج منذ عام 2018، بل ويؤكد أطباء بيطريون أن ممارسة تعقيم الكلاب الضالة بدأت قبل ذلك بكثير عام 2011، إلا أن الواقع يشهد تزايدًا في أعداد الكلاب في الشوارع، إذ سجلت المملكة ما يقارب ألف حالة عقر منذ بداية العام الحالي، أي حوالي 20 حالة عقر يوميًا، في حين سجلت 5138 حالة العام الماضي.

مبادرات فردية تنوب عن الحكومة

مع بطء تحرك الحكومة في حل مشكلة الكلاب الضالة برزت مبادرات فردية سعيًا لإيجاد حلول للمشكلة، مثل مبادرة أصدقاء الحيوانات التي تهدف للتدخل طبيًا (من خلال عمليات تعقيم) بالتعاون مع خبراء أطباء بيطريين لمنع زيادة أعداد الكلاب.

مبادرة أخرى قام بها مواطن آخر، إذ تبرع بقطعة أرض لبلدية إربد كي تنشئ ملجأً للكلاب الضالة عليها. وقد قال مدير الشؤون الصحية للبلدية الدكتور محمود الشياب في تصريح له لإحدى القنوات الإخبارية، إن تخصيص هذه الأرض وإنشاء مراكز فيها جاء لمعالجة الكلاب الضالة تمهيدًا لإطلاقها بعد استكمال مراحل المعالجة للكلاب المصابة بداء الكلب والسعار.

أما بلدية السلط، فقد صرّحت في فبراير الماضي بأنها وافقت على مبادرة لشباب مدينة السلط، والتي تبناها شاب بمبادرة شخصية، لاستئجار قطعة أرض في أطراف المدينة لتؤهَّل وتصبح ملجأ للكلاب الضالة المنتشرة بين الأحياء السكنية في المدينة.

في المقابل، قال المدير التنفيذي في بلدية عين الباشا المهندس، أحمد الفاعوري، لألترا صوت إن البلدية حصلت على الموافقة من وزارة الإدارة المحلية لتقوم بطرح عطاءات  لشركات متخصصة بالتعامل مع الكلاب الضالة بهدف إيجاد حلول جذرية للظاهرة التي تؤرق سكان المنطقة ، ولكن ذلك سيتم فور إقرار موازنة العام الحالي للبلدية.

 

خسائر لا تحتمل الانتظار

هجمات الكلاب الضالة لم تقتصر على البشر بل طالت مصالحهم أيضًا، ففي الأسبوع الماضي تسبب هجوم لقطيع من الكلاب بنفوق 56 رأسًا من الغنم بدير أبي سعيد في لواء الكورة في محافظة إربد. وقالت مالكة الأغنام في مقابلة لها على إحدى القنوات الرسمية إن الكلاب الضالة تهاجم المزرعة باستمرار، مما تسبب بخسائر فادحة أثر على لقمة عيش عائلتها بالكامل.

الحادثة أثارت الموضوع تحت قبة البرلمان بعد أن طالب عضو لجنة الزراعة والمياه والبادية النيابية، عبد السلام الخضير، الحكومة بتعويض مالكة الأغنام خلال اجتماع اللجنة.

تسميم الكلاب أو قتلها يخالف معاهدة التنوع الحيوي العالمي التي صادق عليها الأردن

وبعد ذلك قام النواب في الجلسة النيابية التشريعية يوم الاثنين الماضي بعرض مقطع فيديو لكلاب ضالة منتشرة قرب الدوار الثامن في العاصمة عمان، مؤكدين على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضح حد لهذه الظاهرة بأسرع وقت ممكن.

كما  أكدت دائرة الفتوى أن الأصل هو عدم جواز قتل الكلب، لكن يستثنى من ذلك الكلب العقور، أي المؤذي الذي يعتدي على حياة الإنسان وينشر الخوف في المجتمع.

في المقابل، فإن قتل الكلاب الضالة يضع الأردن في موقف صعب أمام التزاماته الدولية، إذ إن قتل الحيوانات عن طريق القتل أو التسميم محرم دوليًا حسب معاهدة التنوع الحيوي العالمي التي صادق عليها الأردن.

كما تنص المادة 8 من تعليمات التعامل مع الحيوان رقم 18 لسنة 2022 على أن قتل أو جرح أو ضرب أي حيوان بقصد الإيذاء يعد مخالفة صريحة لمعايير الرفق بالحيوان، وذلك وفقًا للمعايير الواردة ضمن دستور المنظمة العالمية للصحة الحيوانية "WOAH".