04-مارس-2017

اختزال نضال المرأة في يوم احتفائي لا يفيد النساء في شيء (P.p)

تفصلنا أيام قليلة عن الاحتفال بيوم المرأة العالمي، لاشك إنه يوم عظيم بالنسبة لهن، بما في 8 آذار/مارس من ترميز لكفاح ونضال نساء، عشن في زمن معين، وفي أرض بعيدة عنا بمسافات وساعات طويلة.

هن نساء أمريكيات فضلن أن يثُرن في وجه الاستبداد، وواجهن الجيش الأمريكي ببسالة، واستشهدن واعتقلن بالمئات، فقط للدفاع عن حقهن وتحسين أوضاعهن، لأنهن كن عاملات في مصانع النسيج الأمريكي، ومع مرور سنوات وأحداث غيرت العالم، من حروب وأزمات، تم الإعلان عن يوم النرأة العالمي، تخليدًا لكفاحهن، واعترافًا بأنهن عنصرًا أساسيًا في المجتمع.

قدمت المرأة العربية والأمازيغية بطولات لا تقل أهميتها عما قدمه الرجال في تحرير بلادهن من الاستعمار

إذن، مادخلنا نحن بهذا اليوم؟ ولماذا سنحتفل به؟ أقصد هنا نحن المغاربيات والمشرقيات، صحيح المرأة العربية والأمازيغية، قدمت على مر التاريخ بطولات لا تقل أهميتها عما قدمه الرجال، في تحرير بلادهن من الاستعمار، وحملن السلاح أيضًا، ونظمن مسيرات شعبية، إلا أن عقلية الرجل العربي بصفة عامة، لا تعترف بما أنجزته النساء سواء في مرحلة الاستعمار أو الاستقلال أو حتى يومنا هذا.

مثلًا في الثورات العربية الأخيرة، رأينا نساء وفتيات كن في الصفوف الأولى لمسيرات ضد الأنظمة، رفعن شعارات، لكن في النهاية لا نتذكرهن أبدًا.

لهذا، وبكل صراحة تاريخ 8 آذار/مارس لا يعنيني أبدًا، ويمكن أن أقول إنه يهينني كامرأة، فإلى الآن، لا أعرف ما معنى أن يقدم زميل لي في العمل وردة حمراء، ويردد كلمات تهنئة هو نفسه غير مقتنع بها، والتي غالبًا تكون على شكل التالي، "عيد مرأة سعيد"، لا أعرف إن كان يسخر مني، أو يواسيني لكي لا أغضب مثلًا أو اعتبره متخلفًا.

اقرأ/ي أيضًا: أهنئ كل اللواتي يحتفلن بعيد المرأة

أحيانًا هذا الزميل لا يكتفي بوردة حمراء، يصر أن يكون كريمًا، ويقتني قطعة من شوكولا، ليقدمها لي كهدية بمناسبة احتفاله بيوم عالمي للنساء. وفي الغد، نفس الزميل ينسى كرمه المفاجئ، ويرفض بشكل قاطع، أن اترأس اجتماعًا في العمل، ويكون هو تحت إمرتي، أو أتقاضى راتبًا شهريًا أكثر منه، وهو نفسه يتحرش بي أو بزميلاتي في العمل إن لبسنا لباسًا يصفه بالمثير، وأحيانًا تجد هذا الزميل يحضر ندوات ويكتب مقالات يستنكر ويندد وضع المرأة العربية، هذا الزميل إما أنه منافق أو يعاني من انفصام.

ويمكن أن يكون العقل الذكوري، لدى أغلب المسؤولين، يفسر سبب تقلدهم الدائم لمناصب المسؤولية، وسبب رفضهم أيضًا وبشكل قاطع أن تتقلد النساء مراكز القرار، بالرغم من اعترافهم بذكاء ومهنية النساء، لكن هذه العقلية الذكورية، سواء في القطاعات الحكومية أو الخاصة، تعرقل وصول النساء إلى مراكز المسؤولية، وإن وصلت إحداهن بفضل اجتهادها، نجد اتهامات لها بأنها قدمت كل الحيل المشروعة وغير المشروعة لتفوز بالمنصب.

اختزال المرأة ونضالها في الثامن من آذار وتهميش دورها بقية العام يدلل على انفصام حقوقي وهوياتي يعم مجتمعاتنا

أتساءل ماذا أنجزنا نحن النساء العربيات، لاشيء يذكر، وحتى المرأة الغربية هي الأخرى لم تستطيع فعل الكثير، نذكر المرأة الأمريكية مثلًا التي قادت أول مظاهرة في 8 آذار/مارس 1857، والتي رفعت لأول مرة شعار "لا للتمييز ونعم لمساواة الحقوق"، فشلت أن تصبح رئيسة دولة مثل أمريكا.

قدر النساء في كل العالم، أن يكافحن بإقناع الرجال بأنهن يستطعن قيادة دولة، وفي بعض الدول إقناعهم بقيادة سيارة.

لهذا أقترح مقاطعة الاحتفال بهذا اليوم، من قال إنهم يحتفلون بنا بالأساس؟ صدقيني ياعزيزتي، لا جدوى من الاحتفال باليوم العالمي هذا، فمديرك في العمل تعرفينه جيدًا، هو نفسه يرفض أن تجلسين مكانه يومًا ما، وزوجك أيضًا لا تصدقيه عندما يحتفل معك بيومك المزعوم، ينافقك صدقيني، في نهاية الاحتفال، أنت من سترتبين الغرفة وستنظفين المطبخ، ولا تصدقي كلمات رنانة لصديقك أو حبيبك أيضًا، بتهنئته لكِ في هذا اليوم، سيرفض أن تتاقضي راتبًا أكثر منه، ويمكن أن يطلب أشياء كثيرة أنتِ ترفضينها فقط لأنك امرأة.

اقرأ/ي أيضًا:
في معايير ملكة الجمال
نساء "المغرب العميق"