01-ديسمبر-2017

بهرم حاجو/ ألمانيا - سوريا

كانت الظهيرة رمادية والكلام غائبًا، عندما عرفت، كمن يتلقى خبر نهاية النهايات، أو يخرج من هاوية باليقظة، ألا اسم لكِ، وأن كيانك بلا صفة.

اجتررت اللغة، تعثرت بالتاريخ جيئة وذهابًا، قرأت أسماء الآلهة، وبلغات منقرضة، فلم أجدك. أعدت حكايتك على رأسي بالعرض البطيء؛ فكان شيء منك نجمًا، وشيء منك وحشًا، وشيء ملاكًا. رأيت حصانًا مجنحًا في الأساطير وقلت: أنتِ، رأيت ظل شبح في غبار النيازك وقلت: أنتِ، ورأيت حجرًا إن لامس الماء أضاء، وإن لامس النار تلونت، وإن لامس الهواء أطلق الهواء نداء ولم يسم المنادى..

ذهبت إلى إفرادك، وناديتك من كل الأماكن بمسمى:

قلت: أيتها السماء، وكنت متعبًا، كان الطريق إليك طويلًا، تكدست عجلاته تحت أكداس الغيوم، فمر شعاع أصاب عينيَّ بالصحو والنور.

وقلت: أيتها البهجة، وكان الدمع في وجهي قد خط على كل جانب مجرى، فتكسرا، وسرى معناك عبر نفسي فأمنت، وانبعثت منها هالة تضج بالألوان.

وقلت: أيتها الدراية، وحملتك كتابًا، كانت صفحة منك آية مقدسة، وصفحة منك قصيدة حب، وصفحة منك طلسم، وصفحة منك فيها سر النشوء، قرأتك، وتلوت صفحاتك ساعات وساعات فلم تمنحني الدراية سوى الحيرة.

ضجرت فناديتك بكل ما أعرف: أيتها الشراب والطعام والغطاء، أيتها الصلاة والهداية والخطيئة، أيتها النوم والصحو والثمالة، أيتها الرغبة والغريزة والجمال، أيتها القصيدة.. في أولها وحيرتها ولا نهايتها، في معقولها ولا معقولها، في بحثها عنك وتصويرك وعجزها.

بلا مسمى تساقطت على أعتابك الوشايات، واصطدمت بأسوارك الأقاويل، وسموت بنفسي نحوك محملًا بالنوايا، فوجدتُني في صندوقك الصغير، حيث تجمعين الأسماء، فعرفت أنني في لحظة سأكون اسمك، فناديتك: يا أنا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رامي وجنى

في مديح الندم