27-أبريل-2022
التهاب كبد لدى الأطفال

وصف المرض بأنه التهاب كبدي وبائي مجهول المصدر (Getty)

أصيب أكثر من 200 طفل بمرض مفاجئ وغير معروف السبب في الكبد، في عدة مناطق من الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما دفع العلماء إلى البحث عن إجابات لتفسير الظاهرة والبحث عن حلول لها خشية تفاقمها في حال كانت مرتبطة بناقل مرضيّ معدٍ مجهول، أو إذا ما كانت له علاقة بأحد متحورات فيروس كورونا الجديد.

لم يستطع العلماء تحديد السبب المباشر وراء هذا الالتهاب الكبديّ القاتل بين الأطفال 

ولم يقف العلماء حتى الآن على السبب المباشر للمرض، رغم أن تفسيرات أولية ترجح أن يكون مرتبطًا بسلسلة من الفيروسات قد تسبب أنواع منها الزكام، ولا يعرف عنها سابقًا ارتباطها بأي أمراض في الجهاز الهضمي. وما يزال الخبراء في الولايات المتحدة يفحصون هذا الاحتمال. وقد توفي طفل واحد على الأقل بهذا المرض الكبدي على الأقل، كما اضطر عدد آخر من الأطفال إلى الخضوع إلى عمليات زراعة للكبد جراء تشخصيهم بمرض التهاب الكبد الوبائي. 

ماذا نعرف عن هذا المرض؟

أصيب عشرات الأطفال على نحو مفاجئ بالتهاب كبديّ وبائي مجهول المصدر. ومن بين الأعراض التي ظهرت على الأطفال، اليرقان، والإسهال الشديد، والمغص المعوي، وغيرها من الأعراض الشديدة. وتراوحت أعمار الأطفال المصابين بهذه الحالة من الالتهاب الكبدية بين شهر واحد و16 عامًا، علمًا أنهم جميعًا كانوا أصحاء قبل ذلك، ولم يعانوا من أية أعراض مرتبطة بهذا النوع الخطير من الأمراض.

التهاب كبد لدى الأطفال

وقد حصلت معظم هذه الحالات في أوروبا، مع تسجيل أول الحالات المعروفة من هذا المرض مطلع العام الجاري في المملكة المتحدة. أما في الولايات المتحدة، فقد أعلنت هيئة مراكز التحكم بالأمراض والوقاية منها في تحذير وطني شامل أن حالات أولى من المرض قد حصلت في وقت سابق من العام الماضي، وبالتحديد في تشرين الأول\أكتوبر الماضي، في ولاية ألاباما.

ما هو التهاب الكبد الوبائي؟

يصاب الإنسان بمرض التهاب الكبد الوبائي بعد الإصابة بأحد الفيروسات المعدية المسببة للمرض، وهي فيروسات لم يتم التعرف عليها لدى الأطفال الذين تم تشخيصهم بالمرض حتى الآن. وقد كانت بعض الحالات طفيفة ولم يلزم إخضاع الأطفال المصابين إلى عمليات علاج محددة، إلا أن الحالات التي تفاقمت واضطرت إلى الإدخال إلى المستشفيات أثارت حالة من الهلع بين ذوي المرضى، ولاسيما بعد أن اكتشفوا احتمال تعرض الأطفال لحالة الفشل الكلوي، التي قد تؤدي إلى الوفاة.

هل عرف العلماء سبب هذا المرض؟ 

ما تزال السلطات تجهل السبب المباشر لتفشي هذا المرض الكبدي بين الأطفال. من بين الحالات التي تم تشخيصها بالمرض في ولاية ألاباما الأمريكية، كان تسعة من الأطفال مصابين بفيروسات غدانية، وهي فيروسات قد تؤدي بعض أنواعها إلى الإصابة بالزكام، وما يزال العلماء يبحثون عن احتمال أن تؤدي أنواع أخرى منها إلى مشاكل في الجهاز الهضمي، إلا أنّه ما يزال غير معروف ما إذا كان الفيروس مسببًا للحالة التي أصابت الأطفال والتي أثرت على وظائف الكبد لديهم.

التهاب كبد لدى الأطفال

أين ينتشر المرض؟

تتحدث السلطات في أكثر من 10 دولة عن حالات مشابهة لهذا المرض الكبدي، من بينها الدنمارك وبريطانيا وفرنسا وإيرلندا وإيطاليا وهولندا واسكتلندا وإسبانيا والولايات المتحدة، و"إسرائيل". وقد حذرت الهيئات الطبية العليا في الولايات المتحدة من احتمال انتشار المرض على نحو أوسع، ودعت الأطباء إلى مراقبة الأعراض المرتبطة بهذا المرض لدى المراجعين من الأطفال والذي وصفته بأنها "التهاب كبدي مجهول السبب".

وبحسب أرقام منظمة الصحة العالمية في 23 نيسان\أبريل الماضي، فإن الحالات المسجّلة قد كانت 169 حالة في 11 دولة، في حين تشير أرقام الأسوشيتد برس إلى تجاوز عدد الحالات حاجز 200 حالة مسجّلة رسميًا، معظمها في المملكة المتحدة (114)، ثم إسبانيا (13)، و"إسرائيل" (12 حالة)، والولايات المتحدة (9 حالات). ومع تسجيل اليابان أول حالة من المرض يرتفع عدد الدول إلى 12 دولة على الأقل.

ما علاقة كوفيد-19؟

معظم المصابين بالمرض كانوا أطفالًا تتراوح أعمار معظمهم بين خمس إلى سبع سنوات، رغم أنه قد تم تسجيل حالات بين أطفال أصغر سنًا (شهر واحد)، إضافة إلى فتيان أكبر (16 عامًا). ومن أهمّ الأعراض التي يتحدث عنها الأطباء، الإسهال والغثيان واليرقان والمغص المعوي الشديد.

ويعكف الخبراء حاليًا على محاولة استكشاف أسباب المرض وتحديدها منذ أن تم اكتشاف أول حالة في المملكة المتحدة في كانون الثاني\يناير 2022، وما إذا كان المرض مرتبطًا بشكل ما بجائحة كوفيد-19.

ويحاول الخبراء بالتحديد معرفة ما إذا كان ضعف التعرض السابق لفيروسات تعرف باسم الفيروسات الغدانية خلال فترات الحظر الطويلة إبان المراحل الأولى من تفشي فيروس كورونا في بعض الدول حول العالم، أو إن كان المرض مرتبطًا بالإصابة السابقة بعدوى فيروس كورونا. وثمة تفسيرات أخرى ترى احتمال أن يكون العالم أمام تحوّر طرًا على الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد الوبائي التقليدي، وهو ما يؤدي إلى الالتهاب الكبدي الخطير. إلا أن الخبراء أكّدوا على نحو جازم بعدم وجود علاقة بين هذا المرض وبين لقاحات كوفيد-19.


اقرأ المزيد عن لقاحات كوفيد-19 عبر هذا التبويب الخاص على التراصوت


في المملكة المتحدة، ترى وكالة الأمن الصحي (Health Security Agency) أن السبب المرجّح وراء المرض هو أحد أنواع الفيروسات الغدانية يعرف بالرمز (F41)، إلا أن الوكالة ذكرت أن الأبحاث ما تزال جارية لاستكشاف أي أسباب محتملة أخرى وراء انتشار هذا المرض بين الأطفال. ووفق تقرير لشبكة "سي أن بي سي" الأمريكية، فإن هذا الممرض قد وجد في غالبية الحالات التي تمّ تسجيلها في المملكة المتحدة. في المقابل، لاحظ الأطباء أن عددًا من الأطفال المصابين (20 طفلًا)، قد كانوا مصابين في وقت سابق بعدوى فيروس كورونا.

ما هي الأعراض بالتحديد وما مدى خطورة هذا المرض؟

في الوضع الطبيعي، يطوّر الأطفال مناعة ضد الفيروسات الغدانية جراء التعرض لها خلال سنوات طفولتهم الأولى، إلا أنّ الظروف التي فرضتها جائحة كوفيد-19 قد أدّت إلى الحدّ من فرص تعرّض أعداد كبيرة من الأطفال لهذه العوامل الممرضة وتطوير مناعة ضدّها، وهو ما يرى خبراء أنه قد يكون مسؤولًا عن ضعف الاستجابة المناعية لديهم.

إلا أنّ الإصابة بالفيروسات الغدانية تؤدي إلى أعراض شبيهة بأعراض الزكام مثل ارتفاع الحرارة والتهاب الحلق، وعادة ما تكون أعراضًا طفيفة. إلا أن أنواعًا من هذه الفيروسات قد يؤثر على الكبد ويؤدي إلى فشل في وظائفه.

التهاب كبد لدى الأطفال

ولا يعرف حتى اللحظة مدى خطورة هذا الانتشار الغامض للمرض، إلا أنّ النصيحة العامة التي يقدمها الخبراء في هذه المرحلة هو ضرورة أن يتنبه ذوو الأطفال إلى أي أعراض مرتبطة بالتهابات الكبد، مثل الاصفرار، والبول الداكن، والطفح الجلدي، والمغص المعوي، وزيارة الطبيب للتحقق من صحة الطفل في حال ملاحظة مثل هذه الأعراض.

ينصح الأطباء بضرورة العناية بالنظافة الشخصية، ولاسيما الحرص على نظافة وتعقيم اليدين، ومراقبة الأطفال في حالة الإسهال أو الاستفراغ

كما ينصح الأطباء بضرورة العناية بالنظافة الشخصية، ولاسيما الحرص على نظافة وتعقيم اليدين، ومراقبة الأطفال في حالة الإسهال أو الاستفراغ، وعدم إرسالهم إلى المدرسة حتى بعد التأكّد من خلوّهم من المرض إلا بعد انقضاء 48 ساعة على الأقل بعد زوال الأعراض عنهم.