17-يناير-2018

قيود على حرية لباس الطلبة في المؤسسات التعليمية المصرية (محمد حسام/ الأناضول)

منع طالبان مصريان من دخول الحرم الجامعي مؤخرًا ومن إتمام الامتحانات المقررة بسبب ملابسهما أو بالأحرى بسبب ارتدائهما لبنطال ممزق برتوش خفيفة لمواكبة الصيحات الشبابية في الموضة. الطالبة الأولى هي آية مصطفى، وهي شخصية شهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي اعتادت تصوير بعض المقاطع الكوميدية، وتدرس بالفرقة الثالثة بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بمدينة دمنهور، والطالب الآخر هو إبراهيم ممدوح طالب، يدرس بالمعهد العالي للإعلام وفنون الإتصال بمدينة الثقافة والعلوم. وهذه الحالة تضعنا أمام تساؤلات حول القيود المفروضة على حرية اللباس بالمؤسسات التعليمية، خاصة أن تلك الحالات المرتبطة بالمنع بناءً على المظهر الخارجي، تتكرر باستمرار داخل الجامعات حسب ضوابط كل جامعة دون قانون واضح.

منع طالبين مصريين من دخول الحرم الجامعي مؤخرًا بسبب ملابسهما أثار تساؤلات عدة حول القيود المفروضة على حرية اللباس بالمؤسسات التعليمية دون أي قانون واضح يضبطها

اقرأ/ي أيضًا: باسم "الوطنية".. استنزاف طلاب جامعات مصر نفسيًا وماديًا

البنطلون "المقطّع" ممنوع داخل الحرم الجامعي!

تسرد آية مصطفى ما حدث معها على صفحتها الشخصية على موقع فيسبوك، أنها مُنعت من دخول الحرم الجامعي بسبب ارتدائها لبنطال "ممنوع داخل الجامعة" حسب ما قال لها فرد الأمن، إلا أن أسلوبه تعمد الإهانة وأخذ يتفحصها "بكل قرف"، فدخلت من باب الجامعة وأخبرته أنها تريد الحديث مع أحد المسؤولين، فاقترب منها ودفعها من ذراعها آمرًا إياها بالخروج من الجامعة، وعندما حاولت الشكوى إلى الأساتذة الجامعيين، أبلغوا الأمني أن يقوم بكتابة محضر بالواقعة، وتمادى فرد الأخير في الإذلال والإهانة ليبلغها أنه يملك تحديد مصيرها الدراسي، وتعامل معها على أنها، حسب وصفها، "شِمال"، وهو لفظ دارج مصريًا له دلالات سيئة كمرادف شعبي لعدم الاحترام.

وتزامنًا مع هذه الحادثة، كان الطالب إبراهيم ممدوح مجبرًا على خياطة بنطاله أمام مبنى جامعته حتى يسمح له الأمن بدخول الامتحان.

كشف الطالبين لما حصل معهما، عمق الجدل حول الموضوع لتتناقله برامج تلفزيونية وتستضيفهما، إضافة إلى نقاشات واسعة على مواقع التواصل، التي انقسمت بين مؤيد لحق الطلاب في حرية اللباس ومعارض لهيئتهم التي يراها البعض مخالفة لأعراف المجتمع وتقاليده، حتى أن إحدى المداخلات التليفونية في أحد البرامج التلفزيونية هاجمت ملابس الطلاب وقالت إن "تلك الثقوب ليست ثقوبًا في الملابس وحسب وإنما في الشخصية!".

وتعرّضت آية مصطفى تحديدًا لهجوم وشتائم على صفحتها الشخصية من أشخاص يتهمونها بعدم الاحترام أو مخالفة تقاليد المجتمع أو السعي وراء الشهرة والتشكيك في صدق روايتها.

 

وأشار الإعلامي شريف مدكور في مداخلة تليفونية إلى الفروق الطبقية والتناقض الإداري في المعاملة بين طلاب الجامعات الحكومية وطلاب الجامعات الخاصة، حيث أن طلاب الجامعات الخاصة لهم مطلق الحرية في اختيار الهيئة التي تتوافق مع شخصهم وهو الأمر الذي يتم تقييده وتحديده في الجامعات الحكومية.

كتعليق عن الحادثة، اللواء إبراهيم أبو الخير، مدير أمن مدينة الثقافة والعلوم، صرح أن "هناك بعض الملابس الممنوعة داخل الحرم الجامعي، فلا يجب على الطالبة أو الطالب أن يظهر جزءًا من فخذه أو من جسمه"، كما قال.

بينما هاجم الدكتور محمد سويدان، وكيل المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بدمنهور، الطالبة آية مصطفى وسرد تاريخها الدراسي حيث تغيبت عن دخول الامتحانات لثلاث سنوات في إشارة منه على فشلها الدراسي، وكأن ذلك يبرر منعها من دخول الامتحان الأخير بسبب هيئتها والتعرض لها بشكل غير لائق من أفراد الأمن، وهو الأمر الذي نفاه بالتبعية.

أبدى البعض استياءهم من الاختلاف في التعامل بين طلبة الجامعات الخاصة والحكومية في مصر، في علاقة بحرية اختيار الطالب للباسه

اقرأ/ي أيضًا: جشع وتخبط نظام السيسي وراء فشل المدارس اليابانية في مصر!

الضوابط الأخلاقية في الجامعات المصرية على هوى الأساتذة الجامعيين

أصدر مركز عدالة للحقوق والحريات ورقة بحثية من إعداد الباحث محمود شلبي في كانون الأول/ ديسمبر 2017 بعنوان "التقاليد والأعراف فوق الجميع" يوثّق فيها لبعض القرارات الإدارية في الجامعات المصرية في السنوات الأخيرة التي تفرض وصاية على مظهر الطلاب وتمارس قمعًا على حرياتهم الشخصية، ففي العام الدراسي 2013-2014 منعت جامعتي القاهرة وعين شمس دخول الطلاب بملابس "الفيزون" و"الشورت" والشبشب"، وفي العام الدراسي 2016-2017 منعت كلية دار العلوم بجامعة القاهرة دخول الطلاب "بالجلباب"، وأخذت كل جامعة أو كلية تصدر قرارات إدارية بما يتوافق مع هوى رئيس الجامعة أو عميد الكلية، وما يتوافق مع رؤيته وتعريفه لمصطلح التقاليد والأعراف الجامعية، ويُمكن كامل السلطة لفرد الأمن لمنع أو السماح للطلاب بدخول الجامعة أو الكلية.

تصدر كل كلية قرارات إدارية تتعلق بملابس الطلبة بما يتوافق مع هوى عميدها وتعريفه لمصطلح التقاليد والأعراف الجامعية وهو ما يعتبر مسًا من مبدأ حرية اللباس بشكل عام

يقول محمود شلبي، الباحث بوحدة التوثيق والدراسات بمركز عدالة للحقوق والحريات، لـ"ألترا صوت"، "لا يوجد قانون أو لائحة تحدد الهيئة المفروضة على الطلاب داخل الجامعات والمؤسسات التعليمية، إنما الأمر مجرد إعلان إداري بمثابة قرار من عميد الكلية أو رئيس الجامعة".

وأضاف شلبي أن "المادة 124 من قانون تنظيم الجامعات هي ما تسمح بفرض القيود على حرية الملبس بهذا الشكل، حيث تنص المادة على أنه "يعتبر مخالفة تأديبية كل إخلال بالقوانين واللوائح والتقاليد الجامعية.."، دون أن يضع القانون تعريفًا محددًا للتقاليد الجامعية، لتضع كل جامعة قواعدها الخاصة وقراراتها الإدارية التي يراها الأستاذ الجامعي متوافقة مع تعريفه لمفهوم "التقاليد الجامعية"، ويشير شلبي "أن الأمر تجاوز الاعتراض على هيئة الملابس بل امتد إلى منع المكياج أو قصات الشعر الغريبة أو الملابس التي تظهر مفاتن الجسم، كما تعرّفها بعض الكليات".

 

اقرأ/ي أيضًا:

محاكاة حادث الروضة الدموي في مدارس مصر.. انتقادات واسعة

الفصل التعسفي.. سلاح السلطة في وجه طلاب مصر