27-سبتمبر-2017

هل انتهى زمن التعليم العمومي في المغرب؟ (Getty)

في كل موسم دراسي جديد بالمغرب، يتجدد النقاش حول انتشار المدارس الخاصة، على الرغم من تكلفتها الباهظة التي تثقل كاهل الآباء والأمهات. ففي المغرب يلج كل سنة عدد كبير من التلاميذ  هذه المدارس الخاصة، والتعلة المنتشرة هي أن المؤسسات التعليمية العمومية تعيش أسوأ أيامها، ولا يعول عليها في تأمين مستقبل تعليمي جيد للتلميذ وبالتالي ضمان فرص عمل جيدة مستقبلًا، مما يدفع عددًا من الآباء والأمهات إلى تسجيل أبنائهم في أقرب مدرسة خاصة، رغم الوضع المادي المتوسط لغالبيتهم، مما يجعلهم تحت رحمة مصاريف ترتفع في كل سنة، دون أي تدخل رسمي من المسؤولين لوضع حد لذلك.

مع انتشار التعليم الخاص في المغرب، حتى في مستويات التعليم الدنيا، تزداد مصاريفه دون أي تدخل أو مراقبة من المسؤولين

في هذا السياق، قابل "الترا صوت" عددًا من أولياء الأمور، الذين اشتكوا من الأسعار التي تفرضها المؤسسات الخاصة، انطلاقًا من أسعار الكتب الأجنبية، والتي لا تتناسب، حسبهم، أسعارها مع قدراتهم المادية، حيث تصل قيمة كتاب المادة الواحدة إلى أزيد عن 30 دولارًا.

اقرأ/ي أيضًا: الجامعات الخاصة في المغرب.. قنبلة الغلاء

تقول، في هذا الصدد، خديجة المنصوري، إحدى الأمهات، لـ "الترا صوت": "تلجأ المدارس إلى التعاقد مع بعض المكتبات لتوفير هذه الكتب الأجنبية وننصاع لذلك". وتضيف: "كما أن قيمة الكتب الأجنبية تهلك كاهلنا خاصة في مرحلتي الإعدادي والثانوي، حيث تتراوح كلفتها بين 200 إلى 300 دولار".

وأظهر أولياء الأمور، خلال حديثنا معهم، استياءهم أيضًا من رسوم التأمين على أبنائهم، فالتأمين على التلميذ لا يتعدى 20 دولارًا في المدارس العمومية، بينما تفرض المدارس الخاصة دفع رسوم تسجيل وتأمين  تفوق 200 دولار للتلميذ الواحد.

وتفرض بعض المدارس الخاصة مبالغ إضافية لدراسة الإعلامية/الحاسوب مبكرًا، ودخول المكتبة وثمنًا آخر خاصًا بتكاليف الرحلات، فيما تفرض بعض المدارس على أولياء الأمور شراء الزي المدرسي من المؤسسة نفسها ولو كان متوفرًا في السوق. وكمقابل تروج المدارس الخاصة إلى نسبة النجاح بها والتي تصل بزعمهم إلى  100 في المئة، كوسيلة لجذب أعداد أكبر من التلاميذ، دون تبيين لما تعنيه هذه الأرقام، وهل تتعلق فعلًا بجودة منتجها التعليمي والتربوي.

ويتذمر بعض الأولياء من الطاقم التعليمي داخل المؤسسات الخاصة. يقول  محمد محجوب، والد أحد التلاميذ، لـ"ألترا صوت": "يفاجئني المستوى التعليمي لبعض المدرسين، الذين يعملون في المدارس الخاصة، ألاحظ من خلال تجربتي أنهم أقل خبرة من المدرسين في المؤسسات العمومية وأخشى أن ينعكس هذا سلبًا على مستوى الأطفال".

تروج المدارس الخاصة إلى نسبة النجاح بها والتي تصل إلى100 في المائة، كوسيلة لجذب أعداد أكبر دون توضيح لحقيقة هذه الأرقام

اقرأ/ي أيضًا: طلاب تونس وحلم الجامعة الخاصة

هكذا تحولت العديد من المدارس الخاصة إلى مشاريع استثمارية أساسًا، هاجسها الربح على حساب التلاميذ وأسرهم، وهذا ما يذهب إليه الكثيرين خلال حديثهم لـ"الترا صوت". يقول منعم بنعباد، أحد المسؤولين التربويين بمدينة الدار البيضاء إنه "حان الوقت لتتدخل الوزارة الوصية لوضع حد لما يحدث في بعض المدارس الخاصة وتحديد تعريفة واحدة للرسوم، وتصنيف هذه المدارس حسب إمكانياتها وما تقدمه من وسائل متطورة للتلاميذ".

ومن جهة أخرى وحسب تقرير صادر عن جمعية حركة أنفاس الديمقراطية، فإن "عدد التلاميذ المسجلين بالقطاع العمومي سنة 2014، شهد انخفاضًا مقارنة مع عام 2000، مما أدى إلى تنامي نسبة التعليم الخاص التي تصل بمنطقة القنيطرة - الدار البيضاء إلى ما بين 35 و50 في المئة". ووفق التقرير ذاته، فالتكاليف المرتفعة للتعليم الخاص تتسبب في منع وصول عدد كبير من أطفال الطبقات الفقيرة والمتوسطة إلى المدارس الخاصة، وبالتالي في توسيع الفوارق الاجتماعية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لا جامعات خاصة في الجزائر!

المدارس الخاصة تكتسح التعليم بموريتانيا