10-فبراير-2023
زلزال تركيا

من أبرز معالم التطبيع مع نظام الأسد قرار تونس رفع تمثيلها لدى النظام السوري (Getty)

فجر يوم الإثنين، كان الشمال السوري، على موعد مع الركام، وهذه المرة ركام نتيجة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، المنطقة التي كانت على موعد جديد مع الركام، تعرفه منذ 10 سنوات نتيجة غارات نظام الأسد وحليفته روسيا.

وفوق الزلزال، جاءت فرصة نظام الأسد، والأنظمة العربية التي تعمل على التطبيع معه، من أجل إيجاد مدخل لتطبيع العلاقات

كُثر مع بداية الزلزال، توقعوا أن ما يحصل سببه غارات جوية من النظام السوري، لكنها جاءت مختلفة هذه المرة، ورغم ذلك لم يفوت النظام السوري الفرصة، من أجل ابتزاز الشمال السوري، وكانت أكبر مشاغله في اليوم التالي للزلازل، محاولة السيطرة على المساعدات الإنسانية الذاهبة للشمال السوري. الشمال نفسه، الذي قصفه نظام الأسد مرارًا طوال السنوات الماضية، بحث الأسد عن فرصة جديدة للسيطرة عليه، عبر تصريحات مندوبه في الأمم المتحدة.

وفوق الزلزال، جاءت فرصة نظام الأسد، والأنظمة العربية التي تعمل على التطبيع معه، من أجل إيجاد مدخل لتطبيع العلاقات، كان آخر هذه الخطوات وتحت "ستار الكارثة"، قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد، رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي لدى النظام السوري. وجاء في بيان الرئاسة التونسية، قول السعيّد إن "السفير يُعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام"، في إشارة إلى إعادة السفير التونسي لدى النظام السوري.

Earthquake Hits Turkey And Syria

التقارب بين تونس والنظام السوري في عهد قيس سعيّد كان ضمن صيرورة مستمرة، فقبل أيام، كانت آخر نشاط لوزير الخارجية التونسي السابق نبيل عمّار، الحديث مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، والذي قدم خلاله التعازي وأعرب عن مواصلة تونس التخفيف من تداعيات الزلزال.

وبالطبع، لم يأتي تحرك تونس بشكلٍ مفاجئ، لكنه نتيجة موقف سعيّد من النظام السوري، وعلامات تقارب مستمرة منذ سنوات.

اقرأ/ي: تونس ترفع تمثيلها الدبلوماسي في دمشق.. مسار من التقارب بين سعيّد ونظام الأسد

ويبدو أن هذه فرصة النظام السوري، من أجل إعادة تطبيع نفسه، فوق جثث السوريين، حيث أن بشار الأسد، وعلى مدار خمسة أيام من وقوع الزلزال، لم يقدم أي التفاته ذات معنى للضحايا، وكانت معظم الأخبار الصادرة على رئاسة النظام السوري، تشير إلى البرقيات والاتصالات الهاتفية مع الأسد، فيما لم يزر أيّ منطقة متضررة من الزلزال، إلّا اليوم الجمعة.

ومن أبرز الاتصالات الهاتفية، كان اتصال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع بشار الأسد، وهو الأول منذ تولي السيسي للحكم في مصر، بعد الإطاحة في الراحل محمد مرسي عقب انقلاب 2013، مع أن العلاقات بين السلطات المصرية والنظام الأسد، لم تتوقف منذ وصول السيسي للحكم.  ويمكن أن يكون الاتصال الهاتفي، مقدمةً لاستعادة العلاقات بين السيسي ونظام الأسد، وذلك نظرًا للتقارب الكبير في المواقف، والرفض المصري لأي قرارات تدين نظام الأسد في المحافل الدولية على مدار سنوات.

دوليًا، كان التواصل محصورًا مع نظام الأسد، في برقية وصلت من الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ورئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، ورئيس روسيا فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ولاحقًا الرئيس الأرميني، ورئيس أوزبكستان شوكت ميرضيائيف، ورئيس جمهورية أبخازيا أصلان بجانيا، ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ وون، ورئيس بنغلاديش الشعبية محمد عبد الحميد.

Earthquake Hits Turkey And Syria

وعلى مدار أيام الزلزال، كانت رئاسة النظام السوري تحاول إبراز التواصل مع النظام السوري، أكثر من تعاملها مع الزلزال، بشكلٍ جدي، على نهج الحلفاء في روسيا والصين، الذين عملوا على مدار سنوات على ما يعرف باسم "تسليح المساعدات"، أي من خلال استخدامها سلاحًا سياسيًا للضغط والابتزاز، فيما يستعملها الأسد مع الكارثة، كفرصة لإعادة تطبيع نفسه ونظامه.

وضمن ما تلقى الأسد، كانت برقيةً من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وهي تترافق مع سعي الجزائر إلى تطبيع نظام الأسد عربيًا، وضمن مساعيها لإعادته إلى الجامعة العربية. وكذلك الاتصال الهاتفي من رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، حيث تلعب الإمارات دورًا في عملية التطبيع بين تركيا ونظام الأسد، ومنذ سنوات إعادة علاقاتها مع نظام الأسد.

كما شمل التواصل مع نظام الأسد سلطنة عُمان، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان.

ويتعامل نظام الأسد، مع كارثة الزلزال باعتبارها فرصةً لإعادة حضوره دوليًا، حيث يحرك النظام السوري حملةً إعلامية، تحت الحديث عن "رفع العقوبات" المفروضة على النظام السوري، ورغم التأكيدات الدولية على أن العقوبات لا تشمل المساعدات الإنسانية، إلّا أن نظام الأسد يحاول البحث عن مكتسبات جديدة، فوق ركام الزلزال.

على مدار أيام الزلزال، كانت رئاسة النظام السوري تحاول إبراز التواصل مع النظام السوري، أكثر من تعاملها مع الزلزال، بشكلٍ جدي

وسط كل هذا، تتوالى التقارير الإعلامية، التي تتحدث عن سرقة النظام السوري للمساعدات الإنسانية التي وصلت إلى مناطق سيطرته، دون أن تصل للمناطق المتضررة، وسط الحديث عن إيداعها في معسكرات جيش النظام.