04-يوليو-2018

تتوطد العلاقات البحرينية الإسرائيلية بشكل سريع جدًا (Getty)

بشكل علني وبدون مواربة، وبرعاية العاهل البحريني نفسه، استضافت المنامة وفدًا إسرائيليًا رفيع المستوى، شارك في اجتماع لجنة التراث العالمي، في زيارة بدأت في 24 حزيران/يونيو الماضي وتنتهي اليوم الموافق الرابع من تموز/يوليو الجاري. وترفع الإدارة البحرينية شعار التطبيع الرسمي هذه المرة دون خشية من أي ردود فعل، فيما بدا أنه استمرار لتعامل المملكة الصغيرة مع نفسها، كحديقة خلفية تُختبر من خلالها سياسات السعودية "الجريئة"، إذ بدأت الرياض منذ فترة بتوطيد علاقاتها مع تل أبيب بشكل غير رسمي، فيما يقول مراقبون إن العلم الإسرائيلي سيرفرف قريبًا في عاصمة الدول السنية "المعتدلة".

تتعامل السعودية مع البحرين كحديقة خلفية تختبر سياساتها "الجريئة" فيها

زيارة تاريخية واستقبال دافئ

أصرت بعض الصحف الإسرائيلية على إظهار أن الزيارة الرسمية للوفد الإسرائيلي، كانت زيارة تاريخية هدفها توطيد العلاقات بين دول خليجية وإسرائيل، بينما اعتبرت صحف أخرى مثل هآرتس أن الزيارة تمثل تسابقًا بين بعض الدول الخليجية الحليفة، على توطيد العلاقات مع تل أبيب، وإعلانها بشكل رسمي.

وبينت الصحيفة الإسرائيلية، أنه ومع أن هذه "الدول العربية لا تعترف رسميا بإسرائيل، وقد أصرت على مر السنين على عدم السماح بدخول الإسرائيليين إليها، حتى عند استضافة أحداث دولية كبرى"، إلا أنها تتجه نحو تعزيز ملحوظ للعلاقات الثنائية. ونقلت عن خبراء في واشنطن قولهم إنه على الرغم من أن العلاقات الرسمية بين البحرين وإسرائيل ليست "قريبة" إلا أن وتيرة سرعتها تزيد حقًا".

اقرأ/ي أيضًا: البحرين وإسرائيل.. تطبيع بالعلن تحت غطاء التسامح الديني

وقال مارك شنارزر، أحد الذين قاموا بزيارة مماثلة إلى المملكة في آذار/مارس الماضي، في مقابلة له مع إحدى القنوات الإسرائيلية، إن زيارة المملكة كانت بالنسبة له تاريخية، خاصة فيما يتعلق بالحوار اليهودي الإسلامي، أما تصريحه الأهم في نفس المقابلة، فهو أنه ومؤسسته كانا يرتبطان بعلاقات مميزة مع ملك البحرين منذ العام 2011، وأن الزائرين تم استقبالهم بحفاوة حيث تراوح عددهم بين 18 -21 شخصًا في ضيافة الملك.

وفي وقت سابق قال منير بوشناقي، مستشار التراث العالمي في هيئة البحرين للثقافة والآثار، في تصريحات لجريدة "أخبار الخليج" البحرينية، فيما يتعلق بالزيارة الأخيرة لإسرائيليين، إنّ "هناك وفدًا إسرائيليًا سيحضر هذه الاجتماعات، لأنّ هذا اجتماع دولي، ومنظمة اليونيسكو هي التي تنظمه، ومملكة البحرين هي مستضيف للاجتماع فقط".

ولا يبدو الأمر حسب مراقبين كما يصوره البوشناقي، فالبحرين تتبنى لهجة أكثر جرأة من بقية حلفائها الخليجيين فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، إلى الدرجة التي جعلت الصحافي الإسرائيلي المعروف ابن كسبيت، يقول في العام الماضي في مقال نشره في النسخة العبرية من موقع المونتور، إن الدولة الخليجية الصغيرة تلعب دورًا في مقدمة التطبيع العلني الذي تتردد السعودية في المضي بشكل علني إليه، مضيفًا أن "الموقف البحريني من إسرائيل هو في الواقع موقف السعودية، وتصريحات ملك البحرين حول رفضه للمقاطعة العربية لإسرائيل، ما كان لها أن تصدر لولا المصادقة عليها من الرياض التي من المتوقع أنها شجعت البحرين على إظهار علاقتها مع إسرائيل إلى العلن".

واستمرت وصلات الدعم والترحيب بين المنامة والحكومة الإسرائيلية بشكل علني خلال الفترة الماضية، وكانت مسرحًا لتمهيد إعلان العلاقات الدافئة بين الدولتين، ففي أيار/مايو الماضي لاقت تصريحات آل خليفة عن دعمه لضرب إسرائيل أهدافًا إيرانية في سوريا بحجة "الدفاع عن النفس"، ترحيب مسؤولين إسرائيليين، منهم وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا.

التطبيع التراكمي: البحرين كبالون اختبار

ووصفت هآرتس الزيارة الرسمية للوفد الاسرائيلي إلى البحرين، والتي بدأت في حزيران الماضي، بأنها ليست تافهة "لأنها قد تشير إلى تحول فيما يتعلق بمعاملة دولة الخليج العربي الصغيرة لإسرائيل".

اقرأ/ي أيضًا: "عرّاب التطبيع".. أنور عشقي يعترف بمؤامرة السعودية وإسرائيل

ونقلت هآرتس عن جوناثان شانزر من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، وهي مؤسسة مقربة من اليمين الإسرائيلي ومن الإداراة الإماراتية، حسب ما كشفت تسريبات سفير أبوظبي في واشنطن يوسف العتيبة، إنه "من المنطقي بدرجة كبيرة أن تزيد البحرين وإسرائيل من تعاونهما"، وقام شانزر بزيارة البحرين في العام الماضي حيث كان حكام البلاد العرب "يجرون بالون اختبار، وهذا الاتجاه واضح للغاية" من أجل تطبيع رسمي محتمل مع إسرائيل.

 تتبنى البحرين لهجة أكثر جرأة من بقية حلفائها الخليجيين فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل

وقالت هآرتس نقلًا عن شانزر "إن البحرين تعد رائدة لبعض دول الخليج الأخرى مثل الإمارات والمملكة السعودية التي تنظر أيضًا إلى إسرائيل كشريك محتمل ضد الجمهورية الإسلامية الايرانية". وأضاف أنه "يبدو في بعض الأحيان أن السعودية والإمارات تستخدمان البحرين، المتحالفة معهما ولكنها أصغر حجمًا وأقل نفوذًا، للقيام ببالونات اختبار".

أما على المستوى الشعبي فلا يمكن القول بأن التطبيع يحظى بذات المرونة، ففي أيار/ مايو 2017، شهدت المنامة أول زيارة لمسؤول إسرائيلي في المؤتمر العالمي السابع والستين للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، الأمر الذي جعل وسم  #البحرين_ترفض_التطبيع  يتصدر موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر.

وعلى ما يبدو فإن الشواهد تتكرر على أن التطبيع الرسمي أصبح مسألة وقت لا أكثر، خاصة بعد أن اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخطوة الأكثر جرأة، أي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والبدء بإجراءات صفقة القرن، التي تحقق عملية سلام بشروط مرغوبة إسرائيليًا، وبمساهمة سعودية وإماراتية فريدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فضيحة محمد بن سلمان الجديدة.. الملك المنتظر زار تل أبيب سرًا

تيران وصنافير في الصحف الإسرائيلية: "السعودية ملتزمة بمصالح تل أبيب"