الترا صوت – فريق التحرير
يستمر الحوثيون في محاولة السيطرة على محافظة مأرب الاستراتيجية التي تعد آخر معقل للجيش اليمني في الشمال، بينما لا تزال المحاولات الدولية للوصول إلى تسوية في البلاد عالقة في هذا الملف، من بين ملفات أخرى. في هذا السياق، رفض الحوثيون مؤخرَا الاجتماع بمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في سلطنة عمان، كما رفضوا سابقًا مختلف المبادرات للتهدئة ووقف التصعيد في مأرب تمهيدًا للحل السياسي وإنهاء الحرب، وما ذلك إلا لأنهم أصبحوا قاب قوسين من السيطرة على مأرب التي تعني السيطرة عليها اكتساب أوراق قوة جديدة على طاولة المفاوضات المرتقبة.
يستمر الحوثيون في محاولة السيطرة على محافظة مأرب الاستراتيجية التي تعد آخر معقل للجيش اليمني في الشمال
في هذا السياق جاء إعلان الخارجية الأمريكية أن "الحوثيين في اليمن أضاعوا فرصة كبرى لإبداء التزامهم بالسلام برفضهم الاجتماع مع مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث في سلطنة عمان".
اقرأ/ي أيضًا: تصاعد حدة المواجهات في اليمن وجولة تفاوض ثانية بين الرياض وطهران
وكانت الولايات المتحدة أرسلت مبعوثها إلى اليمن في جولة إلى المنطقة شملت السعودية وسلطنة عمان والأردن التقى خلالها بوسيط الأمم المتحدة غريفيث لدعم جهوده في الوساطة مع الشركاء الإقليميين، بعدما أعلنت حكومة هادي المعترف بها دوليًا استعدادها للجلوس مع الحوثيين على طاولة المفاوضات، وبعدما أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان استعداده لمساعدة الحوثيين ودعمهم اقتصاديًا مقابل وقف إطلاق النار والجلوس لطاولة المفاوضات، علمًا وأن السعوية قدمت منتصف شهر آذار/مارس مبادرة عرضت من خلالها تخفيف جميع القيود على الواردات والسفر إلى ميناء الحديدة ومطار صنعاء.
لكن الحوثيين رفضوا كل تلك العروض حسب مبعوث الأمم المتحدة غريفيث، الذي أعرب الأربعاء الماضي، عن أسفه لعدم التوصّل إلى تفاهمات مع الحوثيين. من جهتها، اتهمت الخارجية الأمريكية بناء على ذلك الحوثيين بالمساهمة في تدهور الوضع الإنساني في اليمن بمواصلتهم الهجوم على مأرب، كما تحدثت وزارة الخارجية الأمريكية عن وجود "صفقة عادلة مطروحة على الطاولة ستجلب الإغاثة الفورية للشعب اليمني"، لكنّها اعتبرت أن الحوثيين "أضاعوا فرصة كبرى لإثبات التزامهم بالسلام، وإحراز تقدّم في هذا الاقتراح برفضهم مقابلة غريفيث في مسقط، لا سيما في ظل استعداد حكومة الجمهورية اليمنية المعلن للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع".
في الأثناء قدّم المبعوث الأممي السابق إلى اليمن الجزائري جمال بن عمر مبادرة لإنهاء الأزمة نظرًا لخبرته في الملف اليمني كأول مبعوث من طرف الأمم المتحدة إلى اليمن بعد اندلاع الأزمة. وقال بن عمر إن المبادرة التي اقترحها تضم "فريقًا من الدبلوماسيين السابقين في الأمم المتحدة ممن ينحدرون من منطقة الشرق الأوسط وشمال وغرب أفريقيا".
وطالب بن عمر الأمم المتحدة بـ"رعاية قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يلغي القرار 2216 الذي صدر في نيسان/أبريل 2015"، ونص على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، كما شدد على "عدم الاكتفاء بمعالجة حصار الموانئ". وقال بن عمر "إن المقاربة الدولية ظلت مؤطرة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 (..) القرار، الذي صاغه السعوديون عام 2015، وطالب باستسلام الحوثيين غير المشروط للحكومة التي استقرت في منفاها بالرياض".
وأضاف: "لم يكن من الواقعي أبدًا أن نتوقع انسحاب الحوثيين الذين استولوا على أكثر من نصف البلاد آنذاك وإلقاءَهم السلاح بدون مقابل. ومع سيطرة الحوثيين على المزيد من الأراضي اليوم، فليس من العملي توقع وقف إطلاق النار، وفقًا لهذه الشروط التي عفا عليها الزمن".
وفسر الهجوم البري للحوثيين على مأرب قائلًا إنهم "يحاولون تعزيز موقفهم على الأرض وهذه ببساطة طبيعة الحرب ومنطق الأوزان التفاوضية ولا يقتصر ذلك بأي حال من الأحوال على اليمن أو الحوثيين".
ودعت المبادرة، إلى تجاوز مبدأ وقف إطلاق النار إلى "إنهاء الحصار السعودي كخطوة أولى" ثم الانتقال إلى رسم أفق ترتيبات تقاسم السلطة بين الأطراف اليمنية، لافتًا إلى أن هذه الخطوة الثانية ستجعل محادثات السلام ممكنة.
وفيما انتقدت الطرح الداعي لاستثناء الحوثيين من ممارسة أي سلطة، قالت مبادرة بن عمر، إن "السلام يُصنع مع الأعداء وليس الأصدقاء"، وإن الحقيقة القاسية هي "الاختيار بين العمل مع مجموعة مُستهجنة أو الاستمرار في الحرب"، في إشارة إلى جماعة الحوثيين.
كما اعتبرت المبادرة أن التدخل السعودي الإماراتي "لم ينجح في إعادة الحكومة إلى السلطة بعد سنوات طويلة من إقامتها في المنفى، كما أنه لم يجلب السلام، بل إن تواجد قوات من دول الإقليم أثار صراعات محلية جديدة وساعد على إضفاء الشرعية على سردية الحوثيين القائمة على استهداف السيادة اليمنية".
الخارجية الأمريكية: "الحوثيون في اليمن أضاعوا فرصة كبرى لإبداء التزامهم بالسلام برفضهم الاجتماع مع مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث في سلطنة عمان"
وطالبت المبادرة جماعة الحوثيين بخفض العنف، وقالت: "على الحوثيين أن يفهموا أنهم لا يستطيعون الاستمرار في شق طريقهم إلى السلطة من خلال العنف، وكبادرة حسن نية، عليهم إطلاق سراح السجناء السياسيين على الفور". هذا ولم يُعلّق أي من الأطراف العلنية، حتى لحظة كتابة التقرير، على مبادرة المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بن عمر.