10-مايو-2018

اتهمت إسرائيل إيران لأول مرة بالوقوف وراء القصف (Getty)

ألترا صوت -  فريق التحرير

اكتمل مشهد التصعيد الإيراني الإسرائيلي، ليلة العاشر من أيار/ مايو الجاري، مع استهداف إيراني لمناطق في الجولان المحتل بمجموعة من الصواريخ، قالت إسرائيل إن منظومة القبة الحديدية أسقطت كل ما وصل منها، قبل أن ترد بقصف غير مسبوق استهدف مناطق مختلفة في سوريا. وصرح جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح الخميس، أنه استهدف العشرات من الأهداف الإيرانية في سوريا فيما وصفه بأنه الضربة الأكبر منذ عقود.

شملت  الضربة على الأراضي السورية مواقع لتخزين الأسلحة والخدمات اللوجستية ومراكز المخابرات التي تستخدمها القوات الإيرانية

واتهمت إسرائيل قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وقائده قاسم سليماني، بشن الهجوم على مرتفعات الجولان المحتل. وهذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل إيران مباشرة بقصف بؤر استيطانية تابعة لها. وقال جيش الاحتلال حسب ما أوردته صحيفة هآرتس، إن منظومة القبة الحديدة اعترضت أربعة صواريخ، بينما انفجرت بقية الصواريخ في الأراضي السورية.

وحسب بيان جيش الاحتلال نفسه، فإن الضربة على الأراضي السورية  شملت مواقع لتخزين الأسلحة والخدمات اللوجستية ومراكز المخابرات التي تستخدمها القوات الإيرانية الخاصة في سوريا، كما دمرت خمسة أنظمة دفاع جوي سورية. وصرح مصدر في الجيش الإسرائيلي لهآرتس، إن هذا الهجوم هو أكبر هجوم تقوم به إسرائيل منذ توقيعها لاتفاق فك الاشتباك مع سوريا في مايو 1974. وفي حين أبلغت إسرائيل روسيا مسبقًا بالهجوم، فإنها حذرت النظام السوري وإيران من أي رد.

هل الحرب الكاملة مستبعدة؟

توقع الجيش الإسرائيلي بالتأكيد بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحابه الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني، أنه من المرجح أن تستهدف الصواريخ الإيرانية بؤرًا استيطانية إسرائيلية، خاصة في الجولان، لكنه استبعد منذ البداية أن يؤدي هذا الرد إلى تصعيد شامل.

ولا يبدو موقف الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، واضحًا، وكذلك لا تبدو نيتها للحرب مفهومة. ففي حين ظهر نتنياهو بمظهر الواثق المتحمس للحرب، صرح وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، صباح اليوم، في تصريحات نقلتها صحف إسرائيلية عدة، أن إسرائيل ضربت "كل البنى التحتية الإيرانية فى سوريا"، وأنها "لن تسمح لإيران بتحويل سوريا إلى قاعدة أمامية ضد إسرائيل"، لكنها في نفس الوقت لا تسعى إلى التصعيد.

اقرأ/ي أيضًا: انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني.. نتنياهو مصفقًا لنفسه

ليس خوض حرب شاملة مع إيران، الدولة التي تستمر جهودها في تطوير ترسانة نووية، أمرًا سهلًا، وتدرك الإدارة الإسرائيلية أن هناك عواقب كبيرة وراء ذلك. لكن هناك ظروف كثيرة تجعل الأمر أكثر تعقيدًا، منها حاجة إدارة نتنياهو إلى تعزيز وجودها وحل أزماتها الداخلية، خاصة أن الخطر الإيراني لم ينفك يكون جزءًا حاسما في السردية التي يعتمد عليها نتنياهو.

ليس خوض حرب شاملة مع إيران، الدولة التي تستمر جهودها في تطوير ترسانة نووية، أمرًا سهلًا

في نفس الوقت، فإن صورة نتنياهو "القوي في الخارج"، أمام فرصة ذهبية. يريد مرشح الليكود "المحرج" لرئاسة الحكومة، أن يغتنم علاقته الودية مع ترامب إلى أقصى حد ممكن، باعتبار أن ذلك سيبرز من دوره كمخلّص، ما قد يجعله يتفادى واحدة من أهم الأزمات في تاريخيه السياسي، بعد فضائح الفساد التي تورط بها مع زوجته المثيرة للجدل، سارة نتنياهو.

الصواريخ الإيرانية من فوق درعا (رويترز)

ماذا عن إيران؟

تشكل العقوبات الأمريكية المنوي فرضها على طهران، عبئًا ثقيلًا على النظام الذي أراد في السنوات الأخيرة، أن ينقذ الاقتصاد المهزوز. ويعرف الإيرانيون أن هذه العقوبات لن تكون سهلة، خاصة مع تعهد السعودية، الأكثر سعادة إلى جانب نتنياهو بقرار ترامب، بتعويض النقص في إنتاج النفط العالمي بعد فرض الحصار على إيران، ولا يبدو أن ترامب الذي يتذمر من أسعار النفط، مهتم كثيرًا بالارتفاع الذي قد يطرأ على هذا السعر بعد العقوبات.

صورة نتنياهو "القوي في الخارج"، أمام فرصة ذهبية يمكن استثمارها في عداء إيران وبتصفيق السعودية

مع ذلك، فإن إيران بذلت كثيرًا من الجهود أيضًا بعد الاتفاق النووي، وحاولت، بقدر ما يمكن لـ"جمهورية" ثيوقراطية صارمة، أن تصدر صورة معتدلة للعالم، وخاصة للأوروبيين. بدا النظام السياسي الإيراني، خاصة مع صعود حسن روحاني إلى الواجهة، باعتباره ممثلًا لوجهة النظر الوسطية، حريصًا على مكتسبات الاتفاق. ولا يبدو أن إيران ستستغني عن هذه المحاولات بسهولة، أو أنها ستتعامل مع انسحاب ترامب الأحادي باعتباره تفكيكًا كاملا للاتفاقية، التي ما زال الأوروبيون حريصين على استمرارها.

تريد طهران بالتأكيد ردع الهجمات الإسرائيلية المتتالية، وأن تقول لإدارة نتنياهو، أن انسحاب ترامب لا يعني تجميد خطرها أبدًا، وتريد أيضًا أن توجه رسالة موجزة، كلفتها عشرين صاروخًا، عن خطورة تفكك الاتفاق كاملًا، وخطورة ألا يكون لإيران ما تخسره. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما هي فرص استمرار التحالف الروسي الإيراني بعد انتهاء الحرب السورية؟

كيف ساعدت واشنطن النظام الإيراني على التحكم بالإنترنت؟