11-مايو-2021

توسعت الاحتجاجات على طول الأرض الفلسطينية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

بعد أيام من الاحتجاجات المستمرة التي خاضها المقدسيون في حي الشيخ جراح وتوسعت إلى مناطق أخرى، لمواجهة قرار سلطات الاحتلال بإخلاء الحي من سكانه الأصليين في عملية "تطهير عرقي" مستمرة منذ سنوات، أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية "سيف القدس" العسكرية، ردًا على التصعيد الإسرائيلي في القدس، ومحاولات اقتحام المسجد الأقصى من المستوطنين مدعومين بجنود الاحتلال مما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى خلال الأيام الماضية.

احتجاجات مستمرة يخوضها الفلسطينيون لمواجهة قرار سلطات الاحتلال بإخلاء حي الشيخ جراح من سكانه الأصليين في عملية "تطهير عرقي" مستمرة منذ سنوات

احتجاجات المقدسيين مستمرة لحماية الأقصى

تصاعدت المواجهات أمس الاثنين بعد توجه سلطات الاحتلال لتنظيم ما يعرف بـ"يوم توحيد القدس" الذي يشير إلى تاريخ احتلال كامل مدينة القدس، قبل أن تعود لاحقًا لتعلن إلغاء الفعالية التي تنظمها مؤسسة "أم كالافي" العبرية سنويًا، غير أن المواجهات تجددت بعد محاولة المستوطنين الإسرائيليين اقتحام باحات حرم المسجد الأقصى. محاولات تصدى لها الفلسطينيون داخل حرم المسجد، فيما أظهرت عديد المقاطع المصورة تصاعد النيران من داخل المسجد الأقصى على خلفية محاولات الاقتحام المتكررة.

اقرأ/ي أيضًا: إدانات دولية للعدوان الإسرائيلي واتّساع خارطة التضامن مع هبّة المقدسيين

في حين شهدت عدة محافظات في الضفة الغربية مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين من طرف وجنود الاحتلال من طرف آخر، وبحسب ما نقل موقع ألترا فلسطين فإن المواجهات اندلعت عند حاجز حوارة جنوبي نابلس، وفي قريتي مادما ودير شرف، وجبل صبيح في بلدة بيتا أيضًا، بالإضافة لمحافظات الخليل، جنين، طولكرم، مخيم قلنديا، وعند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، فيما أسفرت حصيلة المواجهات التي اندلعت بين صباح الاثنين وفجر الثلاثاء في الأقصى ومحيط البلدة القديمة عن وقوع 612 إصابة في صفوف المقدسيين.

كما شهدت مدينة اللد في الداخل الفلسطيني احتجاجات عنيفة خرجت نصرةً للقدس بالتوازي مع مظاهرات مماثلة في عدّة بلدات فلسطينية، وأظهر مقطع فيديو متداول إنزال المتظاهرين للعلم الإسرائيلي المرفوع وسط المدينة قبل أن يقوموا باستبداله بعلم فلسطين، وهو ما يمثل تصعيدًا في مدن الداخل الفلسطيني، وقال موقع ألترا فلسطين إن سلطات الاحتلال اعتقلت 67 فلسطينيًا بسبب مزاعم "الإخلال بالنظام".

المقاومة تطلق عملية "سيف القدس".. والاحتلال يرد

إطلاق عملية سيف القدس جاء على لسان الغرفة المشتركة في بيان صادر عنها، فجر اليوم الثلاثاء، جاء في مضمونه: "نقول للعدو بأننا سبق وأن حذرناه من التمادي في عدوانه على مقدساتنا وأبناء شعبنا، لكنه استمر في غيّه بلا وازعٍ ولا رادع، لذا فقد آن الأوان له أن يدفع فاتورة الحساب"، مؤكدةً على أن "عهد الاستفراد بالقدس والأقصى قد ولّى إلى غير رجعة".

وجاء إطلاق العملة العسكرية للفصائل الفلسطينية بعد ساعات قليلة من إعلان الناطق بلسان كتائب القسام أبي عبيدة، أن الغرفة المشتركة منحت الاحتلال الإسرائيلي مهلة حتى الساعة السادسة من مساء يوم أمس الاثنين لسحب جنوده ومستوطنيه من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح والإفراج عن كافة المعتقلين خلال المواجهات الأخيرة التي شهدتها باحة المسجد الأقصى ردًا على محاولات تهجير سكان حي الشيخ جراح.

في غضون ذلك أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق عملية "حارس الأسوار" في قطاع غزة، وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي في تغريدة نشرت فجر اليوم الثلاثاء إن جيش الاحتلال قصف أكثر من 130 هدفًا وموقعًا، إضافة إلى ادعائه قتل 15 عنصرًا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتناقلت مواقع عبرية أن 31 إسرائيليًا أصيبوا بالقصف الصاروخي الذي استهدف مدينة عسقلان الواقعة داخل الخط الأخضر، وذلك ردًا على القصف الإسرائيلي الذي استهدف المنشآت المدنية داخل قطاع غزة المحاصر وأسفر عن وقوع 24 شهيدًا حتى لحظة إعداد التقرير، فيما نشرت سرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مقطع فيديو قالت إنه يوثق لحظة إصابة مركبة إسرائيلية بصاروخ كورنيت مضاد للدروع.

إدارة بايدن تفشل في أول اختبار حقوقي لها

التطورات الأخيرة التي شهدتها سواء المدن المحتلة أو مدن الداخل الفلسطيني أسفرت عن موجة من ردود الفعل الدولية التي تطالب بعودة الهدوء إلى المدن الفلسطينية، ولعل أبرز ما جاء في هذه الردود عرقلة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لقرار أممي يدعو إلى وقف التصعيد في القدس، وهو ما يمثل فشلًا على الصعيد الحقوقي في أول اختبار لإدارة بايدن الديمقراطية في البيت الأبيض.

وكان مجلس الأمن قد عقد جلسة طارئة لبحث المواجهات التي اندلعت في القدس، غير أنه لم يتمكن من إصدار بيان بعدما اعتبرت الولايات المتحدة أنه من "غير المناسب" في الوقت الحالي توجيه رسالة علنية بهذا الشأن، حيثُ تضمنت مسودة الإعلان الأممي دعوة "إسرائيل إلى وقف أنشطة الاستيطان والهدم والطرد" للفلسطينيين "بما في ذلك في القدس".

وتعليقًا على الرشقات الصاروخية التي استهدفت المستوطنات الإسرائيلية، أعربت واشنطن عن تنديدها بـ"أكبر قدر من الحزم" إطلاق حركة "حماس" صواريخ على إسرائيل، معتبرة أنه "تصعيد غير مقبول"، وأكدت واشنطن اعترافها "بحق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها وشعبها وأراضيها"، قبل أن تعرب عن قلقها على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس من اتساع دائرة العنف في فلسطين المحتلة.

وبشأن ردود الفعل العربية، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي خلال اتصال هاتفي مع وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان على "ضرورة بلورة جهد دولي فاعل لحماية الفلسطينيين من الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية"، وذلك وفقًا للبيان الصادر عن الدبلوماسيين بعد انتهاء اتصالهما، وحذر البيان المشترك من تبعات استمرار الانتهاكات في المقدسات وتهجير أهل الشيخ جراح من بيوتهم، ومن الاستمرار في العدوان على غزة.

كما أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحفي من واشنطن عقده مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن على ضرورة وقف التصعيد في القدس، مشيرًا إلى أنه "يجب أن تتوقف الممارسات الإسرائيلية اللاشرعية والاستفزازية ضد المواطنين الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، وأن تتوقف الانتهاكات في الحرم الشريف، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها، واحترام حقوق الفلسطينيين من أجل تهدئة الوضع"، لافتًا إلى أن "الأولوية اليوم هي وقف التصعيد، وضمان احترام القانون الدولي وحق الفلسطينيين وحق المصلين في العبادة".

من جهة ثانية، غرّد مدير مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية في فلسطين عمر شاكر عبر حسابة الرسمي على تويتر، مشيرًا إلى أن الوحشية التي تتعامل بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع المتظاهرين الفلسطينيين في القدس، ناجمة عن منهجية القوة المفرطة، والإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة، وتابع شاكر مضيفًا في سلسلة من التغريدات أن التطورات التي يشهدها الداخل الفلسطيني مؤخرًا تسلط الضوء على استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني طالما أن المجتمع الدولي يفشل في اتخاذ التدابير المناسبة لوقف الانتهاكات الحقوقية ضد الفلسطينيين.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي هيدي زيلبرمان قد أشار إلى أن جيش الاحتلال سيكثف الغارات الجوية على قطاع غزة المحاصر خلال الـ24 ساعة المقبلة، مشيرًا إلى أنّ الحملة العسكرية ستتواصل عدة أيام أخرى، وذلك في ضمن المواقع التي خطط جيش الاحتلال لاستهدافها منذ أشهر، ودعى زيلبرمان المستوطنين لتوخي الحذر، مشيرًا إلى أن منظومة الدفاع الجوية "القبة الحديدة" لا تضمن تحييد الصواريخ التي تطلق من القطاع بشكل كامل.