26-أكتوبر-2015

البطالة أرهقت شباب غزة (محمد عابد/أ.ف.ب/Getty)

فجّرت قضيّة الفلسطينيّين المتسلّلين من قطاع غزّة إلى "إسرائيل"، العديد من التساؤلات عن مصير الأوضاع الأمنية، وما إن كانت الأمور ستبقى على حالها أم أن الوتيرة سترتفع، أو أن حكومة حماس السّابقة والتي تبسط سيطرتها الأمنيّة والعسكريّة على القطاع ستعالج الأمر.

يعتبر البعض أن تسللهم من غزّة يمكن أن يخلق لهم فرص عمل. حتى وإن سُجنوا، فإن الراتب الشهري سيكون مضمونًا. يبيعون أيامهم، لأجل عملٍ لا يجدونه في غزة. المسألة شائكة، والحصار طويل.

والدة أحد المتسلّلين، التي أسر ابنها (تسعة عشرعامًا)، تقول إنه لم ينفك يحاول الهروب من غزّة من خلال الأنفاق بسبب الأوضاع الاقتصاديّة السيئة التي يعانيها كما معظم سكّان القطاع، لكنّه فشل، ما اضطر به إلى الذهاب بأرجله إلى "الأسر". تضيف والدة أحمد طلعت: "أراد الخروج من البلد كونه يشعر أنها سجن وأن لا مفر من ضبابية مستقبله هنا، وعدم جدوى الدراسة في الجامعة بسبب البطالة وعدم توافر فرص العمل لمن أنهوا دراستهم، فما كان له إلى أن يتجه إلى هذا الطريق دون أن نعلم جدّية نيّته التي كان قد تحدّث عنها واستهترنا بها"

وتتراوح أعمار المتسلّلين ما بين سبعة عشر إلى أربعة وعشرين عامًا، والدافع طبعًا هو الوضع الاقتصادي السيئ - حسب المراكز الحقوقيّة – وتتعامل أجهزة الأمن في غزّة مع معظم الحالات التي يتم إفشالها من خلال التحقيق معهم للوقوف على أسباب الظاهرة.

علمت والدة طلعت باعتقال نجلها من خلال اتصال هاتفي من قبل قوّات الاحتلال. قالوا لها أنّه تسلّل إلى داخل المنطقة العازلة من دون تصريح وأنه سيخضع للمحاكمة. وإزاء القضية ترفض إلقاء اللوم على أي من الجهات الأمنية قائلة: "جلنا يعلم أن أمن حماس والمقاومة يتابعون القضية باستمرار منذ أن بدأنا نسمع عنها خلال عام 2014. أنا لا ألقي اللوم عليها فالحدود مفتوحة والشباب لا يصعب عليهم شيء، ولكن مع هذا نتمنى أن يكون محطات توعية للشباب ومحاولة الإسراع في احتوائهم من قبل الجهات المسئولة وخلق حلول جذرية لتحد من الهروب بهذه الطريقة". وفي محاكمات سابقة فإن من يتسلّل تتراوح مدّة اعتقاله من خمسة إلى سبعة أشهر.

اقرأ/ي أيضًا: نصف سكان غزة تقريبًا عاطلون عن العمل

في الحقيقة، لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن بشكل أسبوعي تقريبًا عن اعتقال أعداد جديدة من الفلسطينيّين إثر تسلّلهم عبر الحدود الشرقيّة للقطاع باتجاه "المنطقة العازلة" والتي تتجاوز الشريط الحدودي بمسافة ثلاثمائة متر، فالمعروف أن من يتجاوز هذه المسافة إمّا يعتقل أو يتم إطلاق النار عليه من قبل القّوات الإسرائيليّة.

من جهته، يؤكد سمير زقوت الباحث القانوني بمركز الميزان لحقوق الإنسان أن المركز يتابع القضية باستمرار، وقام بتوثيق حوالي سبعين حالة منذ بداية العام الجاري. ويرجّح أن يكون العدد أكبر من ذلك إثر التزايد المستمر في أعداد هؤلاء المتسلّلين السبب الرئيسي للتسلل هو العمل هناك. ويحمّل زقوت المسؤولية للاحتلال الذي لا يزال يُحكم إغلاق القطاع ومحاصرته منذ تسع سنوات.

ويؤكّد "حسن" وهو أحد المتسلّلين الذين أعادتهم قوّات الاحتلال إن كل من تعتقله قوّات الاحتلال يخضع للتحقيق حول إن ما كان يعلم بأمور تخصّ المقاومة وأماكن إطلاق الصّواريخ والأنفاق. ويرفض الخوض فيما حدث معه بالتفصيل الشرح مكتفيًا بالقول "إن الأجهزة الأمنيّة حقّقت معي بما فيه الكفاية، هاد احتلال واحنا بنستهبل لما بنروح هناك وبعرفش كيف رجعوني أصلًا! بس عنجد مطولة القصّة؟!"

تقّيد إسرائيل نحو 62,6 كم مربعًا من الأراضي الحدودية، وهي تشكل سبعة عشر بالمائة من مساحة قطاع غزة

وفي رواية إسرائيليّة أخرى، فإن عدد المتسلّلين منذ بداية العام الجاري تجاوز المائتين وأربعين شابًا، من ضمنهم عائلة كاملة. وقد ألمح مصدر خاص في المقاومة الفلسطينيّة  في غزّة لـ"ألترا صوت" إلى أنهم سيحاولون الفترة القادمة العمل على إغلاق شارع "جكر" للحد من عمليّة تسلّل الشبّان، ويذكر أن شارع "جكر" أنشأته المقاومة كطريق عسكري خاصّ بها على طول مناطق حدود قطاع غزّة فيما رفضت في وقتٍ سابق الحديث عن ما هيّة هذا الشارع الذي أثار قلق الجهات الإسرائيليّة.

وتقّيد إسرائيل نحو 62,6 كم مربعًا من الأراضي الحدودية، وهي تشكل سبعة عشر بالمائة من مساحة قطاع غزة، وتحظر الدخول إليها رسميًا. وفي مطلع عام 2010 حذر الجيش الإسرائيلي السكان عبر مناشير نشرها في أنحاء القطاع من مغبة الاقتراب من الجدار من مسافة ثلاثمائة مترًا، لكن التسلل ما زال موجودًا، ولا "حكم خط"، لرفع الراية!

اقرأ/ي أيضًا: مدارس غزة.. للأمهات أيضًا