02-فبراير-2023
gettyimages

تعزز التحالف بين طهران وموسكو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (Getty)

تسعى طهران وموسكو منذ بداية غزو موسكو لأوكرانيا إلى إقامة علاقات ثنائية وثيقة، فيما تحاول كل منهما بناء شراكات اقتصادية، ودبلوماسية جديدة في أماكن أخرى، في محاولة لتجاوز العقوبات العالمية المفروضة على البلدين، وذلك بحسب تقرير لـ"نيويورك تايمز".

تطورت العلاقة بين روسيا وإيران بشكلٍ كبير منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا

وهذا الإطار، قال مسؤول إيراني كبير، إن إيران وروسيا قامتا بربط أنظمة الاتصال والتحويل بين المصارف الإيرانية والروسية، للمساعدة في تعزيز المعاملات التجارية والمالية في ظل خضوع طهران وموسكو لعقوبات غربية، وفي حديث  لنائب محافظ البنك المركزي الإيراني محسن كريمي، لوكالة أنباء فارس، قال إن "البنوك الإيرانية يمكنها الآن الاعتماد على خدمات المراسلة المصرفية الروسية ، مما يسمح لها بإجراء معاملات دولية مع تجاوز الكثير من المؤسسات المصرفية العالمية"، وأضاف "لقد ربطنا شبكة الرسائل المصرفية الوطنية للبلدين ولم نعد بحاجة إلى نظام سويفت"، مشيرًا إلى أن "النظام سيربط حوالي 700 مصرفًا روسيًا بـ 106 مصرفًا من 13 دولة أخرى على الأقل"، من دون الخوض في تفاصيل حول أسماء البنوك الأجنبية.

وتابع أن ممثلين من البنك المركزي الروسي، الذين لم يعلنوا الاتفاق بشكلٍ رسمي، من المقرر أن يصلوا إلى إيران في غضون أيام قليلة لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل.

وأدت العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الدول الغربية إلى فصل المصارف في كلا البلدين عن خدمة "SWIFT"،  المالية العالمية للتحويلات المصرفية، والتي تتخذ من بلجيكا مقرًا لها، وتربط أكثر من 11000 مؤسسة مالية حول العالم.

وتُعد خدمة "SWIFT"، أمرًا بالغ الأهمية للمدفوعات عبر الحدود، مما يسمح للمصارف الدولية، والشركات المالية بإرسال تعليمات الدفع وتنبيه بعضها البعض بالمعاملات قبل حدوثها. وقطعت الخدمة  العلاقات مع المصارف الإيرانية في عام 2018، بعد أن انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015، وأعاد فرض العقوبات على طهران. 

getty

كما فرضت إدارة بايدن عقوبات جديدة على طهران في الأشهر الأخيرة، بعد أن قوبلت المظاهرات المنددة بمقتل الشابة مهسا أميني، في جميع أنحاء البلاد بقمع وحشي. كما تم فرض قيود مماثلة على بعض المصارف الروسية منذ الغزو الروسي على أوكرانيا العام الماضي.

هذه العقوبات التي تشمل قيودًا على أكبر المصارف الروسية، إلى  جانب قيود على بيع التكنولوجيا  التي يمكن أن يستخدمها جيشها، تمنع الحصول على مجموعة متنوعة من المنتجات، وذلك بحسب ماريا سنيجوفايا، الباحثة المنشغلة في روسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، حيث أن التقارير المسربة بانتظام من روسيا حول الاستهلاك، تظهر ارتفاعًا في أسعار سلع، أو قلة جودتها.

وقال المدعي الفيدرالي الأمريكي السابق مايكل باركر، الذي يرأس الآن قسم مكافحة غسيل الأموال والعقوبات في مكتب المحاماة فيراري وشركاه في واشنطن، إنه "عندما تدفع الجهات الفاعلة الحكومية بعيدًا عن النواة إلى الأطراف، فمن المنطقي فقط أن يجدوا بعضهم البعض".

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، يبدو أن التحرك نحو تكامل الأنظمة المصرفية يشير إلى أن إيران وروسيا ربما تعملان على ترسيخ العلاقات التي وصفها المسؤولون الغربيون بـ "تحالف الملاءمة"، وحذرت إدارة بايدن العام الماضي من أن روسيا وإيران تعززان روابطهما العسكرية لتصبح "شراكة دفاعية كاملة". وهذا ما ظهر بعد الكشف عن استخدام روسيا لمُسيّرات إيرانية الصنع خلال حربها في أوكرانيا

وأشار المدعي الفيدرالي الأمريكي السابق إلى إن ربط الأنظمة المصرفية لطهران وموسكو سيسمح  لهما بمشاركة خبراتهما بالعمل في إطار برامج العقوبات، والتي هى "مصممة لتلائم نوعين مختلفين من التهديدات المتصورة، ولا تنطبق بالتساوي على كلا البلدين أو أنظمتها المالية".

وأدت العقوبات المالية المفروضة على روسيا، والتي يصفها البعض بأنها الأكثر شمولًا في التاريخ الحديث، إلى ضعف اقتصادها، وكبح جهودها في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي، للتحديث وفقًا للخطوط الغربية.

وبالمثل، أدت العقوبات المفروضة على إيران، إلى قطع وصولها إلى الأسواق الدولية، مما أدى إلى تدمير اقتصادها وعملتها، التي تراجعت في الأشهر الأخيرة بنحو 30%، وهو انخفاض قياسي.

وحول هذه العلاقة بين طهران وموسكو، تشير الصحيفة إلى الرئيس الروسي تعامل، تاريخيًا مع تعميق العلاقات مع إيران بحذر، لكن حساباته تغيرت حيث أدت حربه مع أوكرانيا،  إلى إخراج روسيا من الأسواق الغربية، فالتفتت موسكو الآن بشكل متزايد إلى طهران، كشريك اقتصادي للمساعدة في تخفيف بعض آثار العقوبات الغربية.

وأوضح  باركر، أن إيران "أمضت  سنوات في صقل تجاربها لتخفيف تأثير برامج العقوبات الأكثر شمولًا الذي تم فرضه ضدها وضد اقتصادها"، وتابع "روسيا بدورها لديها نظام مصرفي أكثر قوة وحداثة، لم يتم استبعاده بالكامل من الاقتصاد العالمي حتى الآن".

وذكر الممثل التجاري لروسيا في إيران، أن النظام المصرفي الجديد يمكن أن يكون جاهزًا للعمل في غضون بضعة أشهر، وفقًا لوكالة الأنباء الروسية "تاس".

كان بوتين ينظر طوال الوقت إلى العلاقة مع إيران بحذر، ويحاول أن يتعامل معها كورقة للمساومة مع الغرب، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا، قد تحولها إلى تحالف استراتيجي

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال المدير التنفيذي للرابطة الروسية لصناعة العملات المشفرة ألكسندر برازنيكوف، لصحيفة روسية، إنهم يعملون مع إيران لإطلاق عملة مشفرة مشتركة، ويمكن لهذا التعاون أن يخفف من آثار العقوبات الغربية من خلال السماح لكلا البلدين بإجراء معاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع الدول الراغبة في التجارة في العملات الرقمية.