05-مارس-2016

مقاتلات سعودية(فايز نور الدين/أ.ف.ب)

يخيل للمشاهد، أو قارئ بيان الإعلان عن التّحالف الإسلامي العسكري أن زمن الأمجاد العربية قد عاد، لم يبقَ علينا إلّا رفع صور صلاح الدّين الأيوبي، وإسراج الخيول، تمهيدًا لاجتياح ذاكرة التّاريخ، وتحرير العراقة التّي نختزنها في كُتُب تاريخنا.

عديد الأسئلة تدور حول أهداف التحالف الإسلامي العسكري والقيم التي يود حفظها بينما تنتهك أغلب دوله حقوق الإنسان

نحن اليوم نعيش في عصر التحالف الإسلامي العربي، ما قبل إعلانه ليس كما بعده، هذا ما يحاول البعض تعميمه، على الإرهابيين أن يعيدوا حساباتهم، صحيحٌ أنّهم صمدوا لأكثر من خمس سنواتٍ في الحرب، وتمدّدوا ليصلوا سوريا بالعراق، صحيحٌ أنّ غارات التّحالف الغربي، كما غارات الرّوسي لم تؤثّر بهم، لكن، هناك ما يدعو للخوف اليوم، تحالفٌ وليدٌ جديد، تحت شعار التّحالف الإسلامي، واضحٌ من اسمه من هم أعضاؤه، أمّا أهدافه، فهي بالعنوان العريض، "حماية القيم الإنسانية ومحاربة الإرهاب وتلميع صورة الإسلام بعد أن هشّمها المتطرفون بفتاويهم الجديدة".

توحيد الجهود للحرب على الإرهاب، لا سيما تنظيم "داعش"، الاسم الأبرز في الخارطة العالمية للإرهاب، الذي أُضيف إليه "حزب الله" مؤخّرًا، واجبٌ على الجميع، من حيث المبدأ، تشكيل حلفٍ عربي أو إسلامي أو علماني قومي أو أممي عالمي يعدّ خطوةً مميزّة نحو عالمٍ أكثر سلامًا.

اقرأ/ي أيضًا: سوريا.. الاختراق الروسي بتواطؤ أمريكي

نظريًا، تستحوذ على الصّورة اليوم ثلاثة تحالفات تنسّق فيما بينها سرًّا أو جهرًا، وتتقسّم مناطق عملياتها بين اليمن وسوريا والعراق. التّحالف العربي بقيادة السّعودية في اليمن، ملعبه الرّئيسي اليمن، ويمثّل دورًا بارزًا على الميدان السّوري. التّحالف الثّاني هو التّحالف الإيراني-الرّوسي-السّوري، ويشكّل هذا التّحالف قوّة ضاربة تتوزّع على الأراضي السّورية من خلال الميليشيات الشّيعية والجيش السوري، بينما يساندها جوًّا الطّيران الرّوسي، وتنتشر قوات هذا التّحالف في العراق لكن بإطارٍ عراقي صافٍ يتمثّل في الحشد الشّعبي، يجمع التّحالفين عنوانٌ واحد، محاربة الإرهاب، لكن لا مفهوم ثابت للإرهاب بين الطّرفين، وعلى الأغلب هما يقاتلان بعضهما بينما يتمّدد تنظيم "داعش".

أما التّحالف الثّالث، فهو التّحالف الدّولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هذا التّحالف يعتمد كلّيًا على الغارات الجوّية، وفي الحروب المُدُنية، أو حرب الشّوارع، لا فاعلية لسلاح الجوّ، ولذلك فضّل هذا التّحالف سلك الطّرق الدّبلوماسية، ومباركة الضّربات الرّوسية بشكلٍ خجول، على قاعدة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم.

التّحالفات الثّلاث الموجودة، تتبع استراتيجية سياسية وعسكريةً واضحة، لها مقار وهيئات أركانٍ مشتركةٍ فيما بينها، جيوشها تعرف ماذا تفعل وأين تتحرّك، هنا تكمن الأسئلة الجوهرية حول التّحالف الإسلامي العسكري، ما هي أهداف التّحالف، وأي قيمةٍ إنسانيةٍ يودّ التّحالف حفظها بينما تنتهك أغلب دوله حقوق الإنسان، وفي حين أن بعض دوله لم تسمع بالإنسان أصلًا.

في الشّق العملي، التّحالف الجديد، وليد منتصف الليل لا هيئة أركانٍ مشتركةٍ له، كيف لجيوشٍ أن تخوض حروبًا على الإرهاب دون تدريباتٍ مشتركة تسبق عملياتها؟، حُكي عن مقرٍ مشتركٍ في الرّياض، لكن كيف يسبق الإعلان عن تحالفٍ "عسكري" موعد إنجاز العوامل اللوجستية لا سيما المقار؟ من المسؤول عن هذا التّحالف، وزراء دفاع الدّول المشاركة أم قادة الجيوش؟

التحالف الإسلامي الجديد وليد منتصف الليل لا هيئة أركانٍ مشتركةٍ له، كيف لجيوشٍ أن تخوض حروبًا على الإرهاب دون تدريباتٍ مشتركة تسبق عملياتها؟

من استُشير من الدّول بشكلٍ رسمي، لا باتصالٍ هاتفي أو رسالة مودّة حول مشاركته بالتّحالف؟ هل التّحالف جدّيٌ أم أنّه مجرّد إعلانٍ يخدم صورة معلنيه إعلاميًا في ضوء استمرار الاقتتال في اليمن، والذي يدفع الشّعب اليمني ثمنه وحده؟. أُعلن عن رقم 4.3 مليون جندي "مسلم" تحت جناح التّحالف، مجهّزين بـ 6271 طائرةٍ حربية، 19972 دبّابة مختلفة الطّراز، 1308 سفينة وفرقاطة وكسّادات ألغام بحرية، 27 غوّاصة بحرية متعدّدة المهمّات و3831 نظام صاروخي مختلف المدى والاستخدام ما بين الأرض، الجو والبحر.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية.. قانون "إرهابي" لمحاربة "الإرهاب"

عظيم، قوّةٌ لو أرادت لاحتلّت العالم لا حررت فلسطين فقط، والتي تشارك بالمناسبة بالتّحالف كعضو، فضّلت الجهات الفلسطينية الحرب على الإرهاب في العراق وسوريا بدلاً من محاربته على الأراضي الفلسطينية، وأعني هنا الإرهاب الإسرائيلي الغائب عن خارطة التّحالف الإسلامي العسكري، حيث تبرز أسماء تنظيماتٍ كداعش، حزب الله اللبناني، جبهة النّصرة، الإخوان المسلمون، الحوثيون، القاعدة في جزيرة العرب، جماعة بو سيّاف، القاعدة في بلاد الرّافدين، طالبان، حزب العمّال الكردستاني، أنصار بيت المقدس، القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بوكو حرام النّيجيرية وحركة الشّباب الإسلامي الصّومالية.

السّؤال المركزي المُضاف، والأساسي هو كالتّالي: أين التّحالف اليوم؟ ما هي استراتيجية التّحالف الإسلامي العسكري الفكرية؟ ما المعايير المستخدمة في اعتماد التّصنيفات، ما تعريف الإرهاب بقاموس التّحالف وما تعريف الاعتدال؟ ما العوامل التي تدفع بالمواطن العربي أو المشرقي-المغربي، مسلمًا كان أم مسيحيًا لكي يثق بالتّحالف؟ كيف لأبناء الأقليات أن لا يبنوا الهواجس من تحالفٍ بصورةٍ طائفيةٍ محدّدة؟ ما المانع من تشكيل جيوشٍ مذهبيةٍ وطائفيةٍ رديفة، كجيشٍ مسيحي بغطاء فاتيكاني، أو جيشٍ شيعي إيراني الغطاء والتّمويل؟.

بالمحصّلة، المستفيد الأول من تأطير الحرب على الإرهاب بإطارٍ طائفي هو ذاته المستفيد من الفتن، ومشاريع التّقسيم المرسومة بعد أن ماتت اتفاقية سايكس-بيكو، وذابت الحدود بين الدّول، أي إسرائيل، التّي تسعى جاهدةً لإعلان دولةٍ يهودية خالصة، بجيشٍ يهودي، واليوم، تتقدّم الفكرة شيئًا فشيئًا، فبجيوشٍ طائفية، لا مانع لاحقًا من تشكيل جيشٍ يهودي-صهيوني الأجندة مستقبلاً.

اقرأ/ي أيضًا:

التحالف الإسلامي.. ماذا عن إسرائيل؟!

تحيا إسرائيل!!