22-يناير-2018

القرصنة استهدفت هواتف أندرويد في لبنان وبلدان أخرى وأثارت توجسًا واسعًا (Getty)

استفاق اللبنانيون صباح الجمعة 19 من كانون الثاني/ يناير 2018 على خبر صادم، حيث نشرت شركة لوك آوت Lookout المتخصصة في مجال أمن الهواتف المحمولة ومجموعة الحقوق الرقمية إلكترونك فرونتير فاونديشنElectronic Frontier Foundation تقريراً مهمًا يشير إلى رصد عملية تجسس انطلقت من مبنى الأمن العام اللبناني، في بيروت، واستهدفت عدداً من مستخدمي هواتف تعمل وفق أندرويد Android في لبنان وعشرين بلداً آخر كتركيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

لم ينف وزير الداخلية اللبناني صحة التقرير عن تجسس الأمن لكنه اعتبره مبالغًا فيه في محاولة للتقليص من أهميته وتداعياته

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لم ينفِ ما ورد في التقرير، لكنه حرص على تأكيد أن "المعلومات الواردة فيه تتضمن الكثير من المبالغة"، على حد تعبيره. فيما قال مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم إن "الجهاز الذي يديره لا يملك الإمكانيات التي يتحدث عنها التقرير، وأنه يتمنى لو كان الأمن العام اللبناني يمتلك فعلاً هذه الإمكانيات".

اقرأ/ي أيضًا: خبراء: جهاز أمن لبناني يخترق الهواتف الذكية ويحولها إلى أدوات تجسس

وفي حديث مع "الترا صوت"، أكد محمد نجم، المدير التنفيذي لمنظمة SMEX، وهي منظمة تعنى بالحماية الرقمية في لبنان والعالم العربي، أن التجسّس حصل فعلاً، وأن منظمة EFF التي نشرت التقرير تحظى بمصداقية عالية، وأن كل تجاربها السابقة تؤكد ذلك.

لكننا، كما يشير محمد نجم، "لا نستطيع حتى الآن تحديد من يقف وراءه على وجه الدقة". المؤكد فقط  في هذا الإطار هو أن شبهة التجسس موجودة فعلاً، ومن داخل مبنى الأمن العام، وأن أبحاثًا علمية تؤكد وقوع فعل التجسس. وأضاف محمد نجم، أن "هذه ليست الحالة الأولى من نوعها في لبنان، حيث تعرضت المنظمة في السابق لعدد من الحالات التي تظهر قيام أجهزة أمنية لبنانية بعمليات تجسس داخل لبنان". إلا أن الجديد هذه المرة، بحسب محمد نجم، هو أن "التجسس حصل من الداخل إلى الخارج، وهذه سابقة خطيرة وقد يكون لها تبعات خطيرة من الناحية القانونية، في ظل وجود قوانين تتابع عمليات التجسس الرقمي بين الدول".

اقرأ/ي أيضًا: سكاي غو فري Skygofree: جاسوس موبايل بأسلوب هوليوود

أي تبعات على "المواطن العادي"؟

هل يشكل التجسس الذي ورد في التقرير خطرًا على أمن المواطن اللبناني؟ يقول محمد نجم إن الشخصيات المستهدفة في التجسس، هي "شخصيات لها حيثيات هامة، فالمتجسس عليهم هم إعلاميون من المشاهير ومدراء مصارف وأصحاب شركات وما إلى ذلك في أغلب الأحيان". لكنه يحذر في ذات الوقت إلى أن نشر تقرير كهذا، "يحتّم على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مثلًا في لبنان إيلاء اهتمام أكبر لموضوع الأمن الرقمي، والقيام بالإجراءات اللازمة، التي من شأنها حماية بياناتهم الشخصية، والتعامل السليم مع كل ما يصلهم من روابط  واقتراحات، وتجنب إقامة علاقات افتراضية مع أشخاص مجهولين"، كما يؤكد محمد نجم، ومن خلفه منظمة SMEX، من خلال نصائح وإرشادات تنشرها باستمرار، بهدف الوصول إلى مستوى أعلى من الأمان الرقمي في لبنان والمنطقة.

كيف تعامل اللبنانيون مع كشف عملية التجسس الرقمي؟

الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون، والانقسام السياسي الحاد وترنّح معظم القضايا العالقة بانتظار الانتخابات النيابية القادمة، جعلت القسم الأكبر من الناشطين يلجأ للسخرية عند التعليق على ما حدث. فالمواطن اللبناني، وإن كان يقدس حريته الشخصية وسلامة بياناته الشخصية، فقد شعر تجاه الموضوع، على خطورته، بالاستهزاء، على قاعدة أن شر البلية ما يضحك.

تقبل اللبنانيون التقرير عن تجسس جهاز الأمن بالكثير من السخرية دون إخفاء البعض حذره وتوجسه على هامش الحريات في البلد

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي آلاف التعليقات الساخرة، المحاكية لما يمكن لرجل الأمن أن يعرفه عن حياة المواطن اليومية: الزوجة تطلب من الزوج أن يحضر معه  الخبز والخضار، والزوج يطلب منها تشغيل سخان المياه وأن الحياة الخفية للعشاق مليئة بالخيانات وبتعدد العلاقات السرية، لكن طبعًا هذه السخرية تخفي مرارة وارتيابًا عند البعض من هامش الحريات المتناقص في لبنان.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

هوس ابن زايد.. أبوظبي تستعين بضباط "CIA" لبناء إمبراطورية جاسوسية (2-1)

هوس ابن زايد.. أبوظبي تستعين بضباط "CIA" لبناء إمبراطورية جاسوسية (2-2)