11-ديسمبر-2016

أنس سلامة/ سوريا

ماذا قالَ الطفلُ لقاتلهِ آنَ شحذَ السكّين؟
الطِّفلُ كانَ يَعي تَمَامًا أنَّ السكينَ فقط أداةٌ لِقطْعِ البطّيخ في ليالي الصيف.. 
ماذا قالَ الذابحُ للمَذبوحْ آنَ دَنَا السكّينُ الخائفُ من العنق في هَذِهِ اللَّيلة؟
*

في المرآة الدمويَّة لن تَرَى رسمًا مُطابِقًا لوجهكَ أيُّهَا الذَّابحُ، 
سَتُبْصِرُ حقدًا مرسومًا على جبينكَ المتعرِّق
حَشرَجَاتُ الأطفالِ لَنْ تُغَادِرَ ساحةَ وَعيكْ.
*

لَنْ يَبْقَى ثَمّة أطفال.. سيُصبحونَ رجالًا في برهَةٍ..
أيُّهَا الذَّابحُ سَتصرخُ: لِمَ كبرتُمْ أَيُّهَا الأطفال.. أعناقَ مَنْ سَنَجُزُّ؟
*

في بيتِ جارنا يرقُدُ طفلٌ صغيرٌ هوَ صديقي، إنَّهُ يحبُّ السكاكينَ، لَكن، ليسَ مجرمًا
هكذا خَاطَبَ عَقلُ الطّفلِ المذبوح يدَ الذَّابحِ.
*

ليلًا أَيُّهَا الأطْفَال هُناكَ من يَدْفَعُ ثَمَن الحريَّة.
*

روحكَ ستبقى خائِفَة أيُّهَا الذَّابحُ، ستبقى تهيمُ على وجهكَ، تخاطِبُ أعنَاقَنَا الطريَّة.
*

لأنَّني لَمْ أُقْتَلْ في تظاهُرَةٍ أيُّهَا الأطفَال،
بمحاولةٍ بارعة الفشل أوثقتُ الحبلَ بمروحة السقف وعقدتهُ جيدًا في عنقي واضعًا كرسيًا بلاستيكيًا، تحت قدميَ، وما إن تحرَّكْتُ قليلًا محاولًا الاختناق، حتى صدرت مني صرخة مدويَّة، وصلت كل أرجاء البيت لينقذوني وأنا بعدُ على قيد الحياة.
ما يحيُّرني الآنَ بعدَ الفَشَل:
لِمَ الصَّرخَة إن كنتُ أُريدُ الاختناق فعلًا؟
*

بِمِديَةٍ وَكِتَابٍ مُهْتَرِئٍ خَرَجَ إثرَ لَيْلَةٍ كُحوليّةٍ، 
وَعَدَ الأزهَارَ بَعيشٍ يَليقُ بِحَنانِ قُلُوبِهم، وَبعينهِ اليُمْنَى التي لا تُبْصِرُ إلَّا الأطفَالَ لَمَحَ عَلى غَير العَادةِ ريحًا بَارِدَةً تَعْصُفُ بالأشْجَارِ الذَّاهِلَةِ، 
كَانَ الذَّاهبونَ إلى مَوتهم يُحَيونهُ بِرَأفَةٍ: 
أنْتَ يَا شَبيهَ الشيطَان سَتَوَسَّدُ أصيصَ الآلام، وَتَتَعَثَّرُ بابتسَامَاتِ الأطفالِ المَذبوحينَ عَلى غَفلَةٍ مِن ذَويهم 
*

القَذيفَةُ لَم تُخْطئ مَكَانَها،
القَذيفَةُ بِنْتُ الحَياةِ التي عَاشوها، 
السكِّينُ لُعْبَتُهُم البَريئَةُ، خَانَت أنَامِلَهُم الطَّازَجَة: 
إِنَّهُم لا يَذبحونَنَا يَا أمَّاهُ، إِنَّهُم فَقَطْ يُذَكِّرونَنَا بالحَيَاةِ المُقْبِلَةِ، بالألعَابِ التي تَنْتَظِرُنَا في مَكَانٍ آخَرَ مِن هَذهِ الأرض..
*

التوابيتُ بُيوتُنَا الصَّغيرة التي فُصِّلَت عَلَى مَقَاسَاتِنَا في لَيلَةٍ صَيفيَّةٍ بَارِدَة، 
التابوتُ أعَزُّ الأصْدِقَاءِ، لَن يَخونَ أفئِدَتَنَا.
*

لَسْنَا جُبَنَاءَ حَتَّى نُذْبَحَ بالسكاكين 
لَسْنَا أطْفَالًا عِشْنَا حَيَاةَ الطُّفولَةِ 
نَحْنُ حَمَلْنَا عَن أهْلِنَا تَعَبَ العَيش.

اقرأ/ي أيضًا:

بالدواء سيكون كل شيء بخير

حكايا "الجرية": البئرُ الهرم