31-مارس-2022
إيطاليا

"Getty"

فجرت مقدونيا الشمالية قبل أيام مفاجأة من العيار الثقيل، عندما حرمت إيطاليا من مواصلة طريقها نحو مونديال قطر 2022. فقد فشل الآزوري للمرة الثانية على التوالي في المنافسة في كأس العالم، وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ الكرة الإيطالية.

وكانت إيطاليا قد تغيبت عن المونديال أوّل مرة عام 1958، ثم توالت السنوات والعقود، حتّى غاب الآزوري عن نسختي 2018 و2022 على التوالي، في سابقة شكّللت خيبة كبيرة لعشاق المنتخب. 

بداية الأزمة

غاب الآزوري عن مونديال روسيا 2018، عندما خرج خاسراً أمام منتخب السويد، في الملحق الأوروبي الفاصل والمؤهل للمونديال، فشلت إيطاليا خلال المباراتين في تسجيل أي هدف، فاكتفى بالتعادل السلبي على أرضه في مباراة الإياب، وكان قد خسر ذهاباً بهدف دون رد، لتغيب إيطاليا عن مونديال روسيا وهو الأمر الذي لم يحدث منذ 60 عاماً.

إيطاليا

خرج بوفون وأصدقاؤه من الباب الضيق، ولم يتمكن الآزوري من فرض أسلوبه خلال الكثير من مباريات التصفيات، بل لعب المنتخب دون تكتيك أو أسلوب واضح، وسادت العشوائية بسبب عدم ثبات المدرب جان بييرو فنتورا على تشكيل واضح، المدرب الذي لقي عند تعيينه عدة تساؤلات تم توجيهها إلى رئيس الاتحاد الإيطالي تافيكيو، فهو لا يملك سجلاً تدريبياً يؤهله لهذا المنصب، وثبت ذلك عندما تجاهل عدداً من المواهب الشابة، واعتمد على لاعبين كبار في السن، لتكون النتيجة غياب منتخب بلاده عن مونديال روسيا 2018.

مانشيني يقود إيطاليا إلى عرش أوروبا:

تسلم روبيرتو مانشيني تدريب منتخب إيطاليا عقب إقالة فنتورا، و قام مانشيني بعدة تغييرات على صعيد التشكيل ساهمت في إعادة الروح للفريق، و بدأ معهم بلعب مباريات ذات نسق تصاعدي، فمنذ خسارته أمام البرتغال في أيلول 2018، حقق مانشيني سلسلة لا هزيمة وصلت لـ37 مباراة خلال 3 سنوات، إضافة لتحقيقه لقب يورو 2020، فهزم بلجيكا القوية واجتاز إسبانيا وإنجلترا بركلات الترجيح، و دخل مانشيني تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم بمعنويات مرتفعة و فريق رائع.

إيطاليا

بدأت الأوضاع بالتدهور خلال مباريات التصفيات، وأضاع الفريق نقاطًا سهلة وضعته مع مدربه في مأزق حرج، فتعادل الآزوري مع سويسرا مرتين، وكذلك الأمر أمام إيرلندا الشمالية و بلغاريا.

الفريق يعاني من الإصابات والغيابات طالت أبرز لاعبي الفريق، زانيولو وكيليني وفيراتي وبيلجريني، ولأن المصائب لا تأتي فرادى، وقف سوء الحظ في وجه إيطاليا. تفاصيل صغيرة كانت كفيلة لإنهاء قصة فريق طامح، جورجينهو يضيع ركلة جزاء في الدقيقة الـ90 أمام سويسرا، كانت كفيلة لوصول الفريق للمونديال.

 

إيطاليا

لكن الفريق ذهب إلى الملحق بحالة ذهنية سيئة جداً، لاعبو يوفنتوس يفكرون في المحافظة على مركزهم المؤهل للشامبيونز، دوناروما بأداء مهزوز مع باريس، كييزا بخلافات مع الإدارة، إيموبيلي المنتخب مختلف تماماً عن إيموبيلي لاتسيو، لتدقّ مقدونيا المسمار الأخير في نعش إيطاليا، وتضعها رسمياً خارج المونديال.

إيطاليا

منتخب إيطاليا أمام رحلة صعبة في مرحلة التعافي القادمة، وعليه أن يبدأ بالتركيز على المواهب الشابة ورفع مستواهم الذهني والفني، كما هو الحال عند إسبانيا وألمانيا، وعلى الاتحاد الإيطالي تعديل قليل من قوانينه في الدوري المحلي، فليس من المعقول أن نشاهد فريقاً كاملاً لا يلعب ضمنه لاعبون إيطاليون!

إيطاليا

 القانون الإيطالي يسمح بتسجيل ثلاثة لاعبين من خارج الاتحاد الأوروبي كل عام، وأتت التعديلات عقب الأداء الكارثي في مونديال 2014، لتنص على تقليص عدد اللاعبين في كل فريق إلى 25 لاعبًا، يشترط تواجد 4 لاعبين منهم ولدوا في إيطاليا إضافة لأربعة لاعبين تكونوا في النادي، أي من الممكن مشاهدة تشكيل فريق كامل على أرض الملعب لا يحوي لاعبين إيطاليين بعد عدة سنوات.

إيطاليا

 مثلاً في تصفيات يورو 2016 ، واجه كونتي مدرب منتخب الآزوري آنذاك صعوبة كبيرة في اختيار لاعبي المنتخب، حيث انحصر الاختيار بـ45 لاعبًا فقط، والجدير بالذكر أن أندية إنتر ميلان ولاتسيو وفيورنتينا تضم بين 7 إلى 9 لاعبين أجانب ضمن التشكيلة الأساسية، بينما يقل العدد إلى 5 لـ6 في يوفنتوس و روما وميلان، حتى النظام المالي و الضرائب كان له الأثر الأكبر في عزوف النجوم عن الذهاب للكالتشيو، لذلك تجد خبرة الطليان قليلة في التعامل مع أغلب المباريات مهما بلغت سهولتها.

إيطاليا

مثّل غياب إيطاليا مرتين متتاليتين عن المونديال صدمة كبيرة لكل عشاقه، و يجب البدء بتصحيح المسار من كل الجوانب، الإدارية و الفنية و المادية، فالمنتخب الذي فاز بألقاب مونديالية أربعة، والبلد التي أنجبت منتخب الـ2006،  قادرٌ على العودة، وستكون العودة قوية و قريبة لا محال.