17-ديسمبر-2016

تنتشر قاعات لعب البلياردو في تونس (الأناضول)

يمر الوقت في يوميات بعض الشباب التونسي ثقيلًا. يجد البعض متعة ناقصة، أمام ارتفاع نسب البطالة وقلة المصادر المالية. ويلجأ بعضهم إلى تسلية غير مكلفة، والأهم أنها قريبة من اهتمامهم. وتعدّ لعبة "البَايْبِي فُوتْ" (طاولة كرة القدم) أو"البِيَارْ" (كما يفضّل الشّباب التونسي تسميتها)، من الأشهر في قاعات الألعاب التونسية والمرغوبة من الشباب. فالميدان هو طاولة صغيرة ملوّنة بالأخضر، فيها مجموعة من الأعمدة التي تمتد أفقيًا وتنتهي بمقبض اصطلح على تسميته "مَانَاتْ". القوانين سهلة وعدد اللاعبين المتنافسين يتراوح بين شخصين أو أربعة أشخاص كحدّ أقصى.

تعدّ "بايبي فوت" لعبة منتشرة لدى الشباب التونسي لكلفتها القليلة ووفرة البطالة

كل هذه العوامل، جعلت هذه اللعبة تحظى باهتمام واسع لدى الشباب المولع بكرة القدم في الأساس، ويتابع المسابقات الدولية والمحلية بشكل دائم. فبالإضافة إلى أنّ "البيار"، تُعْتَبَرُ اختبارًا للمهارة والتمرّن على التحكّم في مجموعة من اللاعبين لتسجيل النّقاط وتحقيق الفوز، ساهم انخفاض تكلفة اللعب كذلك في انتشارها لدى كلّ الفئات الاجتماعيّة.

يكفي أن تضع قطعة نقدية من فئة 100 ملّيم تونسي، لتتمكّن من خوض "طُرِحْ" (جولة) يدوم عادة دقائق معدودة وذلك حسب درجة مهارة المتنافسين. والحقيقة أنّ المتمعّن في أسباب انتشار لعبة "اٌلبَايْبِي فُوتْ" يستنتج بسهولة أنها الوسيلة الأسهل والأقل تكلفة للتّرفيه عن النّفس، فبالنّسبة لشباب عاطل عن العمل، طلبة أو حتّى موظّفين، تكون قاعات الألعاب هي الملجأ والمتنفّس الوحيد. يقول عفيف (35 سنة)، وهو صاحب قاعة ألعاب إنّ "سبب انتشار هذه اللّعبة، هو أنها غير مكلفة ويستطيع أيًّا كان أن يلعبها".

اقرأ/ي أيضًا: أهم 5 أحكام في قانون المالية المثير للجدل في تونس

ولأجواء قاعات الألعاب بصخبها وقع خاص. تكون مصدر إزعاج في البداية، ثمّ ما يلبث الشباب أن يندمجوا ويركزوا في اللّعب، احتساب النّقاط وتزداد المنافسة اشتعالًا مع كلّ جولة. ويوجد قوانين صارمة دأب مرتادو قاعات الألعاب على احترامها. تحوّلت "تّرسانة القوانين"، إلى قانون داخليّ لزم احترامه قبل وأثناء وما بعد اللّعب. ويبقى أهمّها على الإطلاق، وهو عرف في كلّ قاعات الألعاب في مختلف محافظات البلاد، وضع القطعة النّقديّة من فئة 100 ملّيم على طاولة اللّعب كإعلان للتحدّي، أي أنّ المنهزم ينسحب، ويدخل ثنائي جديد بعده مباشرة.

إنّ قوانين هذه اللّعبة تختلف من مكان إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى كلّ حسب ما اعتاده أثناء اللّعب، لكن عمومًا يُمْنَعُ المتنافسون من التّسجيل من الوسط (قاعدة لا تُؤخَذُ بعين الاعتبار في بعض المناطق). يمكننا أن نصنّف هذه اللّعبة على أنّها لعبة الشعب، فالكلّ تقريبًا قادرعلى توفير 500 ملّيم/ربع دولار (5 جولات) يوميًّا إضافة إلى ما تولّده هذه اللّعبة من روح تنافسيّة وجوّ حماسيّ، هذا ما يقوله هادي (22 سنة)، مضيفًا أن هذه "اللّعبة وسيلته الوحيدة للتّرفيه في المدينة. لا مكان أقصده غير قاعة الألعاب"، وإضافة إلى تردّي الأوضاع المالية، يعد نقص الأنشطة الترفيهية، أحد أسباب انتشار هذه اللعبة.

يقول ليث (23 سنة)، إنّ "انسداد الآفاق وغياب أماكن التّرفيه لا تترك لنا الخيار"، موضحًا "نحن نقضي معظم أوقاتنا في الدّراسة أو قاعة الألعاب، نقتل الوقت ونحاول أن نغيّر طرق المنافسة فننكبّ على اللعب لساعات دون ملل". ويؤكد أشرف (26 سنة) أنّ "البَايْبِي فُوتْ" وسيلته الوحيدة لكسر الرّوتين والخروج من اليوميات العادية"، مضيفًا: "صحيح أنّ اللّعبة ثابتة وقوانينها لا تتغيّر لكن المنافسة اليوميّة مع الأصدقاء والمجهود البدني والفكري الذي يُبْذَلُ هو سرّ تجدّد هذه اللّعبة وإقبال الشّباب عليها".

_______________

البِيَار: كلمة أصلها من اللّغة الفرنسيّة، اعتاد التونسيون على استعمالها وأصبحت مألوفة عند الجميع وتعني البلياردو.
مَنَاتْ: كلمة فرنسيّة تعني مقبض التّحكم.

اقرأ/ي أيضًا:

"قوانين صندوق النقد الدولي" تؤرق البرلمان التونسي

هل سيتمّ تعديل دستور تونس؟