17-يناير-2017

أحد البنوك المغربية المعروفة (عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

أعطى بنك المغرب، وهو البنك المركزي للمملكة المغربية، الضوء الأخضر لإحداث خمسة بنوك تشاركية، أو ما يصطلح عليه بـ"البنوك الإسلامية"، وأعلن البنك أيضًا على الترخيص لثلاثة بنوك بتقديم منتجات تشاركية لزبنائها، دون الاختصاص الإسلامي حصريًا.

أعطى بنك المغرب الضوء الأخضر لإحداث خمسة بنوك تشاركية (إسلامية) وهو ما أثار جدلًا حول مدى فائدتها وتأخر العمل بها مغربيًا

وأوضح بلاغ للجنة المكونة من ممثلين لبنك المغرب وممثلين للوزارة المكلفة بالمالية، أنه تم قبول الطلبات المقدمة من أجل إحداث بنوك تشاركية من طرف كل من "القرض العقاري والسياحي" بشراكة مع بنك قطر الدولي الإسلامي، و"البنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا" بالشراكة مع المجموعة السعودية البحرينية "دلة البركة". ووفقًا للبلاغ ذاته، تم أيضًا قبول الطلبات المقدمة من طرف "البنك الشعبي المركزي" مع المجموعة السعودية "غايدنس" (شركة مالية متخصصة في التمويل العقاري) و"القرض الفلاحي للمغرب" بالشراكة مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، التابعة للبنك الإسلامي للتنمية و"التجاري وفا بنك"، الذي لا يزال يجري مناقشات بشأن شراكة مستقبلية.

اقرأ/ي أيضًا: الاقتصاد الإسلامي بين الرأسمالية والاشتراكية..

وبذلك ينخرط المغرب في تجربة البنوك الإسلامية التي تلقى رواجًا كثيرًا خلال السنوات الأخيرة. ووفقًا لكمال المجذوب، وهو باحث في الاقتصاد المغربي، وخلال حديثه لـ"ألترا صوت" أنه "لا شك أن يكون الطلب متزايدًا على هذا الصنف من البنوك، خصوصًا من طرف بعض المغاربة الذين يرفضون معاملات البنوك التقليدية، وأساسًا التعامل بالفوائد، فالبعض سيتعامل مع البنوك الإسلامية لشراء السكن وسيارات ومسائل أخرى أيضًا". وأشار المتحدث ذاته، أن "شركات أيضًا قد تفضل التعامل مع البنوك التشاركية".

وعن تسمية هذه البنوك بالتشاركية عوض الإسلامية مثل بلدان الخليج مثلًا، يؤكد باحثون اقتصاديون أن القانون المغربي اختار تسميتها بهذا الاسم لإبعاد الإسلام عن كل ما هو تجاري.

ومن جهة أخرى، صرح عبد السلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، في حديث له مع صحف محلية مغربية، أن "نظام البنوك التشاركية لا يختلف كثيرًا عن البنوك العادية، شريطة أن لا تتعامل بالفائدة أخذًا أو عطاء أو هما معًا". وأضاف بلاجي أن "القانون البنكي المغربي يحرم على هذه البنوك في مادته 52، التعامل بالفائدة، فيما يبيح لها أن تأخذ الودائع وتعطي بطاقة السحب وتقوم بصرف العملات". وتنبأ عبد السلام بلاجي أن تستقطب "البنوك التشاركية" ما نسبته 35% من المواطنين غير المنخرطين في البنوك التقليدية.

وأكد بلاجي أن المنافسة بين "البنوك التشاركية" والتقليدية ستكون شريفة وفق ما ينص عليه القانون، خصوصًا وأن هناك رغبة شعبية وطلبًا متزايدًا على هذه البنوك، التي تسعى "اللجنة الشرعية للمالية التشاركية" على مطابقتها للشريعة الإسلامية والمقاصدية.

اقرأ/ي أيضًا: إسلام أوروبا أيكون أوروبيًا؟

ويذكر أن القانون المنظم للبنوك بالمغرب، خصص للبنوك التشاركية عقودًا أخرى خاصة بها، وهي ستة عقود، من بينها المرابحة والإجارة والمضاربة وعقد الاستصناع. ففي عقد المرابحة على سبيل المثال، يقوم البنك التشاركي بشراء شقة لزبون ويبيعها له مقابل الربح، فالفرق حسب رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي في هذه الحالة، بين البنوك التشاركية والتقليدية، يكمن في كون البنوك العادية تعطيك تمويلًا وتأخذ فائدة، في حين أن البنك التشاركي يقوم بعملية بيع وشراء فقط دون فائدة، لكن مع ربح عائد للتجارة طبعًا.

يعتقد جزء من المغاربة أن البنوك الإسلامية تستغل الدين للربح بينما يؤكد جزء آخر إقبالهم عليها وعلى منتجاتها

لكن عبد الوهاب الرفيقي، الملقب بـ "أبو حفص"، من التيار السلفي في المغرب، فقد كتب مؤخرًا مقال رأي حول البنوك التشاركية بالمغرب، موضحًا أن "هذه البنوك تأكل أموال الناس باسم الدين"، متسائلًا "هل ستحقق هذه البنوك مقاصد الشريعة في الأموال توفيرًا وحماية ومنعًا للظلم والاستغلال؟ وهل ستتجنب هذه البنوك المزالق التي وقعت فيها كثير من البنوك التي سمت نفسها إسلامية فقط لتستحوذ على أموال الناس باسم الإسلام والمعاملات الإسلامية".

وأضاف أبو حفص: "ما يجعلني أطرح هذه التساؤلات هو خيبة الأمل من كثير من المعاملات التي سميت إسلامية والتي ليست في نظري إلا تحايلًا وخداعًا للناس باسم الدين"، مبرزًا "من هذه المعاملات مثلاً ما يعرف ببيع المرابحة للآمر بالشراء وهي من أكثر التعاملات رواجًا عند ما يسمى بالبنوك الإسلامية، وتقوم الفكرة على أن يتجه الزبون إلى البنك ويطلب منه أن يشتري له بيتًا أو سيارة معينة يقوم البنك بشرائها ودفع ثمنها ثم يحولها لملكيته، ومن ثم يحولها للزبون بثمن أكبر على أن يدفعها تقسيطًا".

اقرأ/ي أيضًا:

النمو والاستثمار.. وعود أحزاب المغرب الاقتصادية

مشاريع تونس الكبرى.. الوعود المُنتظرة