وصلت نسبة البطالة في المغرب بنهاية العام المنصرم إلى 13.3%، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين. وربط البعض هذا الارتفاع بالعجز الحكومي عن تنفيذ "استثمارات استراتيجية"، لا سيما في مجالات تمكين الشباب المغربي.
في المقابل، عزت الحكومة، وفقًا لوكالة "رويترز" للأنباء، الارتفاع الملحوظ في معدلات البطالة إلى موجة الجفاف التي ضربت القطاع الزراعي منذ سبع سنوات، مما أثر على المزارعين واليد العاملة في هذا القطاع الحيوي، الذي يعد ركيزة أساسية لاقتصاد المغرب.
وأمام هذه النسبة المقلقة، أعلنت الحكومة المغربية عن برنامج لمحاربة البطالة، بميزانية تصل إلى 1.4 مليار دولار أميركي.
ووفقًا لما هو معلن، يهدف البرنامج إلى "مواجهة التحديات التي تعترض سوق العمل، خاصة مع استمرار الجفاف للعام السابع على التوالي". ويُذكر أن القطاع الزراعي في المغرب يستوعب وحده نحو 40% من اليد العاملة في البلاد.
كما تواجه الحكومة المغربية، وفقًا لرويترز، انتقادات من المعارضة، التي تتهمها بالتقصير في الوفاء بوعودها بخلق فرص العمل، معتبرة أن تعليق الفشل على الجفاف ليس مبررًا، نظرًا لكونه معطًى بنيويًا تعاملت معه الحكومات السابقة بطرق أكثر فاعلية.
ارتفع معدل البطالة بين الشباب المغربي إلى 36.7%، مقارنة بـ35.8% في العام الماضي. وبلغ المعدّل بين الخريجين 19.6%، وبين النساء 19.4%، مقارنة بـ19.7% و18.3% في العام السابق.
وفي سياق هذه الانتقادات، يرى النقابي والبرلماني المغربي خالد سطي، في تصريحٍ لوكالة "الأناضول"، أن تصاعد نسبة البطالة في المغرب ووصولها إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 20 عامًا "يُعزى إلى محدودية تدبير الحكومة وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها". وأضاف أن الوضع المقلق للبطالة يستدعي من الحكومة "دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتمكين الشباب من الإعفاءات الضريبية، وربط التعليم بسوق العمل".
وضع البطالة في المغرب
كشفت المندوبية السامية للتخطيط، هذا الأسبوع، أن معدل البطالة في المغرب ارتفع إلى 13.3% في عام 2024، بزيادة 0.3% مقارنة بعام 2023، مشيرةً إلى أن هذا الارتفاع يعود إلى فقدان قطاع الزراعة للوظائف بسبب الجفاف المستمر.
ووفقًا لمعطيات المندوبية، فإنه حتى نهاية عام 2024، بلغ عدد العاطلين عن العمل في المغرب 1.63 مليون شخص، حيث فقد القطاع الزراعي 137 ألف وظيفة تحت تأثير موجة الجفاف التي دخلت عامها السابع على التوالي.
في المقابل، تصر الحكومة المغربية على إرجاع ارتفاع معدلات البطالة إلى الجفاف، معلنة عن خطة بقيمة 1.4 مليار دولار لتعزيز خلق فرص العمل هذا العام، تتضمن تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز تشغيل الشباب.
وتجدر الإشارة إلى أن قطاع الخدمات، وفقًا للمندوبية، يخلق معظم الوظائف في المغرب، يليه قطاعا الصناعة والبناء.
كما ارتفع معدل البطالة بين الشباب المغربي إلى 36.7%، مقارنة بـ35.8% في العام الماضي، بينما بلغ بين الخريجين 19.6%، وبين النساء 19.4%، مقارنة بـ19.7% و18.3% على التوالي في العام السابق.
برنامج مكافحة البطالة
تحت ضغط معدلات البطالة المرتفعة، لا سيما بين الشباب، أطلقت الحكومة المغربية برنامجًا لمكافحة البطالة بقيمة 1.4 مليار دولار.
ووفقًا لتصريحات وزير التشغيل المغربي يونس السكوري، يهدف البرنامج إلى "مواجهة التحديات المستجدة في سوق الشغل، في ظل التغيرات المناخية التي أصبحت هيكلية"، مشيرًا إلى أن البرنامج جاء "بعد استشارات موسعة وفق مقاربة تشاركية شملت القطاعات الإنتاجية والاجتماعية، وأرباب العمل من خلال الاتحاد العام لمقاولات المغرب".
ويتضمن البرنامج، وفقًا للوزير، عدة محاور، من بينها: "تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على توفير فرص عمل، وإعادة هيكلة البرامج النشطة للتشغيل، وتوسيعها لتشمل فئة غير حاملي الشهادات، عبر استهداف جميع الباحثين عن العمل، من خلال الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات".
عجز حكومي عن الوفاء بالالتزامات
يرى البرلماني والنقابي المغربي خالد سطي أن الإشكال الرئيسي في قضية البطالة وإنعاش سوق العمل في المغرب لا يرتبط فقط بالتمويل، بل بمحدودية تدبير الحكومة وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها.
ويضيف أن هناك عجزًا في الإدارة والتسيير يؤثر على تحسن مؤشرات الاقتصاد والاستثمار المنتج لمناصب الشغل، معتبرًا أن الحكومة غير قادرة على الاستثمار الاستراتيجي.
ودعا سطي إلى توجيه الميزانية المرصودة لمكافحة البطالة، والتي تقدر بـ14 مليار درهم مغربي (1.4 مليار دولار)، إلى الفئات الأكثر استحقاقًا، خصوصًا الشباب العاطلين عن العمل، مشددًا على أن "الجفاف، الذي تحاول الحكومة تحميله مسؤولية ارتفاع معدلات البطالة، هو معطى بنيوي تعاملت معه الحكومات السابقة لسنوات طويلة"، وفق تعبيره.