18-أبريل-2017

البحث عن كتب عربية في الدول الغربية يحتاج رحلة مضنية (أ.ف.ب)

غالبًا ما نوصي أي شخص قادم من بلد عربي على كتب عربية أو ترجمات، وفي حال عدم توفره نلجأ ربما لشراء الكتب عن طريق مواقع المكتبات العربية الإلكترونية، لندخل في رحلة انتظار قد تمتد لأسابيع. تلك هي الخيارات الممكنة في أوروبا لشراء كتاب ما باللغة العربية، وبالرغم من وجود بعض المكتبات التي تبيع الكتب العربية في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية تبقى الأسعار غير مشجعة ما يجعل من القراءة ترفًا يبدو معه الانتظار أمرًا أسهل.

تتوفر بعض المكتبات التي تبيع الكتب العربية في عدد من الدول الأوروبية لكن أسعارها غير مشجعة، ما يجعل من القراءة ترفًا

في مقابل صرف مبالغ كبيرة نسبيًا لاقتناء كتب ورقية، يفكر البعض بإمكانية تحميلها من الانترنت، بالنسبة للكتب القديمة، أما الإصدارات الحديثة فهي غالبًا لن تكون متوفرة في المكتبات العربية في أوروبا، وبالتالي نعود لانتظار القادم الذي سيحمل كتاباً أو الشراء عبر الإنترنت.

اقرأ/ي أيضًا: الشراء عبر الإنترنت عربيًا: مخاطرة أم حظ؟

يقول جوزيف، وهو يعمل في إحدى المكتبات العربية في باريس، لـ"الترا صوت": "معظم الكتب متوفرة نوعًا ما لكن الطلب قليل، أعمل هنا منذ خمس سنوات وأرى أن أغلب زبائننا من السياح العرب العابرين، أو الأجانب الذين يتعلمون اللغة العربية ويرغبون بقراءة كتاب ما. أما بالنسبة لغلاء الأسعار فهذا أمر طبيعي بالنسبة لمكتبة في وسط باريس مثلًأ".

توفر بعض المواقع الإلكترونية للمكتبات العربية يساهم في تسهيل شراء الكتب، كما تعمل دور النشر على تأمين إصداراتها الحديثة، وتباعًا أصبح شراء الكتب من خلال مواقع إلكترونية وعبر بطاقات بنكيّة بديلًا عن زيارة المكتبة، وأكثر سهولة من البحث عن كتاب معين أو توصية الأشخاص المهتميّن بالكتب لإيجاده.

ولكن على صعيد آخر يعتقد كثيرون أن المكتبات العربية لا تزال فقيرة فهي لا توفر جميع الكتب والترجمات والكتب المتخصصة بالدراسات والأبحاث، أمّا بالنسبة للروايات فالأمر أقل صعوبة حيث يمكنك أن تجد ما يخطر ببالك عادة من عناوين.

ويبقى موضوع تعلّم لغة أجنبية جديدة مؤثرًا في مسألة شراء الكتب العربية، حيث يرى كثيرون من المقيمين في بلدان أوروبية، أنه من غير المهم اقتناء كتب مترجمة للعربية أو البحث عن مكتبة عربية، لأن تعلم لغة جديدة وإتقانها بشكل جيد سيوفر إمكانية القراءة بهذه اللغة.

يذكر أن الكثير من البلدان العربية تعرف أسواقًا لبيع الكتب القديمة والمستعملة والتي تميزت كتبها عن كتب المكتبات بالرخص والندرة، فأرصفة بعض الشوارع في دمشق كانت مفروشة كل يوم بالقديم والمستعمل وأحيانًا كثيرة بالجديد والنادر، وكان ذلك مصدراً هامًا لثقافة شريحة كبرى من الطبقة الوسطى، التي اعتمدت على "بسطات الكتب" كمرجع أساسي للقراءة والمعرفة.

أصبح شراء الكتب من خلال مواقع إلكترونية وعبر بطاقات بنكيّة بديلًا عن زيارة المكتبة في أوروبا وأكثر سهولة من توصية الآخرين

كما هي الحال في مصر، التي حفظ لها سوق الأزبكية جزءًا هامًا من إرثها الثقافي، باحتوائه على أعداد مهولة من الكتب المستعملة والقديمة في مختلف مجالات المعرفة، يبيعها أصحابها بعد قراءتها، أو يشتريها التجار من ورثة الكتّاب والأدباء، وبالتالي فهي فرصة متاحة للمواطن البسيط الذي يسعى للقراءة والاطلاع. شارع المتنبي في قلب بغداد يندرج في ذات السياق، تلك المساحة الثقافية الأصيلة في المدينة، والتي تعود إلى أواخر العهد العباسي فقد اشتهر منذ ذلك الزمان بمكتباته واحتضن أعرق المؤسسات الثقافية.

اقرأ/ي أيضًا: التسوق الإلكتروني في العراق.. "ماكو رقابة"

في هذه المناطق وغيرها، التي كانت تعتمد على شراء وتبادل الكتب القديمة والمستعملة كأمر أصيل وعريق، يبدو موضوع شراء الكتاب عبر الانترنت كأمر خافت من بهجة ولمعان القراءة وتداولها وتحفيزها، كخط تواصل بين قارئ قديم ينقش ملاحظة أو خط ما على الهوامش ينتقل إلى قارئ آخر.

وفي ذات السياق، يبدو ما أصاب "بسطات الكتب القديمة والمستعملة" في دمشق أمرًا له ثقله على الأشخاص المهتميّن والمنكبين على القراءة وتأسيس المكتبات المنزلية، فقد صارت تلك البسطات كتبًا مسروقة من بيوت مهجورة تركها أهلها خلال الحرب، ليصادف القارئ كتبًا يملكها في الأصل وقد حُرم منها بين الكثير من الكتب الأخرى.

اقرأ/ي أيضًا:

باعة الكتب المستعملة.. ذاكرة كتاب المغرب

دكاكين الكتب المستعملة... وجه آفل لمدينة عمان