29-يناير-2017

لقطة من الفيلم

سيمثل الفيلم السينمائي الطويل "البحث عن السلطة الضائعة" المغرب، ضمن المنافسة الرسمية عن فئة الفيلم الطويل لمهرجان "واغادوغو الإفريقي" بساحل العاجل، والذي سيعقد ما بين 25 فبراير إلى 4 مارس المقبلين.

الفيلم حاز على إعجاب النقاد، فبرغم ميزانية الفيلم المحدودة، إلا أن طريقة كتابة سيناريو وأسلوب الحوار الذي دار بين الممثلين، وأسلوب التصوير والأماكن التي جرت فيها أحداث الفيلم، كلها عوامل لقيت استحسانًا بين الكثيرين.

يتناول فيلم البحث عن السلطة الضائعة قصة جنرال، يعيش آخر أيام سلطته، بسبب تقدم سنه وانتهاء خدماته العسكرية

يتناول الفيلم قصة جنرال، يعيش آخر أيام سلطته، بسبب تقدم سنه وانتهاء خدماته العسكرية. يلعب شخصية الجنرال الممثل "عز العرب الكغاط"، الذي أتقن دوره بامتياز.

يمثل الجنرال السلطة والجبروت، سيغرم بسيدة جميلة ورقيقة تعزف البيانو في حانة، هذا الفضاء الذي كان يتردد إليه الجنرال كلما سمحت له طبيعة عمله بذلك، أما هاته السيدة فهي تمثل نقيض الجنرال، فنانة تعشق الموسيقى، وتجسد دورها الممثلة "نفسية بنشهيدة".

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "الأبرياء".. صناديق الأديرة البولندية السوداء

يجمع الفيلم تناقضًا بين السلطة المتمثلة في شخصية "الجنرال" وبين "التسامح" المتمثل في شخصية محبوبته التي ستصبح زوجته. إلا أن هذه المرأة الرقيقة الحس، لن تستطيع أن تعيش تحت سطوة رجل، عاش طوال حياته يفرض سيطرته وهيمنته على من حوله. فهو اعتاد على العيش داخل "فيلا" كبيرة، بين خادمته المطيعة وحراسه العسكريين، وبستاني مغلوب على أمره.

حاول الفيلم أن يتطرق إلى معاناة رجل سلطة معروف ومراقب طوال الوقت، يعيش أرذل العمر، فهو على مشارف إنتهاء خدماته العسكرية، وبالتالي هو على وشك فقدان هيبته وسلطته رويدًا رويدًا، ويحاول المخرج أن يبين لنا أن هذا الأمر يمثل كابوسًا لكل رجل سلطة.

ويعرض أيضًا معاناة زوجته التي تحاول التأقلم مع سلطته، ومع العزلة التي يحاول أن يفرضها عليها، بسبب غيرته، وهي الفنانة المعتادة على العيش بحرية وفق اختياراتها وطبيعة عملها أيضًا.

مع مرور أحداث الفيلم، سيظهر لنا أن مخرج الفيلم "محمد عهد بنسودة" يريد أن يُصل لنا أن السلطة والفن متباعدان ولا يلتقيان أبدًا، وكأنهما يمثلان النقيض. وبرغم صحة وجهة نظره أم لا، فقد حاول أن يتطرق إلى شخصية الجنرال المركبة وهوسه بالسلطة، ومعاناته. فهو برغم عشقه لزوجته إلا أنه يؤذيها بسبب العزلة التي يفرضها عليها، بحكم أنه رجل عسكري، مشغول طوال الوقت، وهي عليها أن تتفهم الأمر.

لكن الزوجة مرهفة الحس ترفض هذا الوضع، فهي حاولت أن تتأقلم مع وضعها الغريب عنها، سواء عبر جلب بعض أفراد أسرتها كوالدتها أو شقيقتها، أو التقرب من الحراس لعلها تستأنس بهم، أو اللجوء إلى شغفها المتمثل في الغناء أو الموسيقى.

اقرأ/ي أيضًا: كل ما تريد معرفته عن ترشيحات أوسكار 2017

أغلب أحداث الفيلم تدور في مكان مغلق وهو فيلا كبيرة، معزولة عن الناس، سوى من الحراس العسكريين الذي يمتثلون لأوامر الجنرال.

مخرج فيلم "البحث عن السلطة الضائعة" محمد عهد بنسودة يعرض أن السلطة والفن متباعدان ولا يلتقيان أبدًا، وكأنهما يمثلان النقيض

"الفيلا" أيضًا ترمز إلى طبقات اجتماعية، بين الجنرال وحاشيته، بالإضافة إلى تحول هذا المكان إلى سجن/كابوس لزوجة مرهفة الحس والمتمردة في نفس الوقت، برغم الرفاهية التي يتمتع بها المكان.

وقد تطرق الفيلم أيضًا إلى تفاصيل حياة هذا الجنرال على امتداد اثنى عشرة سنة، من لحظة سقوط نظام صدام حسين بالعراق إلى لحظة إحالة الجنرال للتقاعد.

حاول المخرج أيضًا أن يوصل إلينا أنه برغم من قبضة العسكري المحكمة على زوجته، التي ترمز للفن أو الحياة الأخرى غير العسكرية، إلا إنها ستنتفض ضد إرداته وجبروته.

الفيلم من بطولة الممثلين عز العرب الكغاط ونفيسة بنشهيدة، وإخراج محمد عهد بنسودة.

قرأ/ي أيضًا:
فيلم تيترو (2009): الأبناء والأب في أفلام كوبولا
ما الذي تكذب هوليوود علينا بشأنه؟