البابا ليو الرابع عشر يجعل "تهديد الذكاء الاصطناعي" قضية محورية في عهده
18 يونيو 2025
في سابقة لافتة، اختار البابا ليو الرابع عشر أن يجعل من الذكاء الاصطناعي ومخاطره على الكرامة الإنسانية والعمل والعدالة الاجتماعية قضية مركزية في حبريته، ليواجه بذلك بشكل مباشر شركات التكنولوجيا الكبرى التي أمضت سنوات تحاول كسب ودّ الفاتيكان.
وبحسب موقع "تيك كرانش"، فالبابا الجديد، وهو أميركي الجنسية، استدعى في موقفه هذا إرث البابا ليو الثالث عشر، الذي اشتهر خلال "العصر المذهب" في أواخر القرن التاسع عشر، عندما تصدى لجشع الرأسمالية الصناعية ودافع عن حقوق العمال في مواجهة أصحاب المصانع الأثرياء والفاسدين. واليوم، يعيد البابا ليو الرابع عشر توجيه هذا الموقف الاجتماعي المحافظ في وجه ثورة صناعية جديدة يقودها الذكاء الاصطناعي.
قال البابا إنه سيعتمد على 2000 عام من التعليم الاجتماعي الكاثوليكي للرد على الابتكارات التي "تشكل تحديًا للكرامة الإنسانية، والعدالة، والعمل"
وفي خطاب ألقاه أمام مجمع الكرادلة، قال البابا إنه سيعتمد على 2000 عام من التعليم الاجتماعي الكاثوليكي للرد على الابتكارات التي "تشكل تحديًا للكرامة الإنسانية، والعدالة، والعمل".
الفاتيكان في مواجهة وادي السيليكون
مواقف البابا أثارت قلق قطاع التكنولوجيا، لا سيما وأنه أصبح يُنظر للفاتيكان باعتباره جهة مؤثرة أخلاقيًا على صانعي القرار العالميين. شركات مثل غوغل، مايكروسوفت، وسيسكو سارعت إلى إرسال وفودها إلى روما في السنوات الماضية، أملاً في كسب تأييد الكنيسة للتقنيات الناشئة، وتقديم الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين حياة البشر.
لكن تحرك البابا ليو نحو دعوة لمعاهدة دولية ملزمة تنظم الذكاء الاصطناعي، وضعه في مواجهة مباشرة مع هذه الشركات، التي ترى أن مثل هذه المعاهدات قد تُقيد الابتكار وتبطئ من تطور التكنولوجيا.
وفي ظل فراغ تشريعي عالمي فيما يخص تقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي، يبرز دور الفاتيكان كمرجعية أخلاقية تسعى إلى التأثير في الخطاب العالمي حول التقنية والإنسان. ويبدو أن البابا الجديد لا يرى في الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل تحولاً وجوديًا يستحق نقاشًا روحيًا وأخلاقيًا عميقًا.
موقف البابا ليو الرابع عشر يعكس تحولًا في تعاطي الكنيسة مع القضايا المعاصرة، حيث لم تعد تتوقف عند حدود التعليم الديني أو القضايا الأخلاقية التقليدية، بل باتت تتدخل في النقاشات العالمية حول مستقبل البشرية. في زمن تتسارع فيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يسعى الفاتيكان إلى وضع فرامل أخلاقية تحمي الإنسان قبل أن تفقده الآلة مركزه في قلب العالم.