30-سبتمبر-2015

تهدد الأزمة داخل جامعة الأقصى مستقبل 28ألف طالب وطالبة(محمد عابد/أ.ف.ب)

وقعت جامعة الأقصى الحكومية بغزة، منذ عدة أشهر، في فخ الانقسام السياسي ولا يزال طلابها يعانون إلى حد الآن من الخلاف الحاد القائم بين حركتي فتح وحماس حول منصب رئيس الجامعة. تلقي كل حركة سياسية على الأخرى باللوم وتختلف الروايات، في هذا الموضوع، إلى حد التناقض. ويبقى مصير الطلبة والعاملين في الجامعة مجهولًا.

أصل الحكاية، بحسب أكاديميين في جامعة الأقصى، يتمثل في تقديم علي أبو زهري رئيس الجامعة السابق استقالته، فهو حسب تصريحاتهم لم يكن قادرًا على إدارة ملفاتها على الوجه الأمثل، رغم تمتعه بكفاءة عالية، غير أن العراقيل السياسية كانت عديدة وساهمت في اختياره المغادرة.

إثر استقالة أبو زهري، تسارعت الأطراف المتنازعة إلى تعويض الفراغ الحاصل. أقدمت حركة فتح، ممثلة بوزارة التربية والتعليم العالي برام الله، على تعيين عبد السلام أبو زايده قائمًا بأعمال رئيس الجامعة، فيما عينت حماس محمد رضوان قائمًا آخر بأعمال رئيس الجامعة.

تطورت المناكفات في جامعة الأقصى، ونتج عنها إصدار وزارة التربية والتعليم العالي برام الله بيانًا تحذر فيه حركة حماس (باعتبارها المسيًر الفعلي للجامعة)، من مغبة مواصلة تجاهلها لقرارات الوزارة، ممهلة إياها شهرًا. وإن لم تلتزم حماس بقرار الوزارة فسيتم سحب الترخيص منها وتحويلها إلى كيان تعليمي غير معترف به، حسب نص بيان الوزارة.

إن لم تلتزم حماس بقرار وزارة التربية برام الله فسيتم سحب الترخيص من جامعة الأقصى وتحويلها إلى كيان تعليمي غير معترف به

يقول فؤاد عياد، مساعد نائب الشؤون الأكاديمية ورئيس نقابة العاملين في الجامعة، لـ"ألترا صوت": "إذا ما استمر الخلاف فسوف يعود بالضرر خاصة على مستقبل الطلبة. تبذل نقابة العاملين في الجامعة جهدًا مع طرفي النزاع من أجل التوصل لاتفاق يحل الأزمة قبل نهاية المهلة المحددة". واستبعد عياد أن تُقدم وزارة التربية والتعليم العالي برام الله على خطوة سحب الترخيص، مبررًا ذلك بأن وزير التعليم في حكومة التوافق الوطني صبرى صيدم، أكثر عقلانية وحكمة من اتخاذ قرار سيؤثر سلبًا على الطلبة.

ويضيف عياد: "الخلاف في الجامعة قائم منذ سنوات، ولكن شغور منصب رئيس الجامعة كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فمنذ بدء الانقسام السياسي، والجامعة تقع في نوبات شد وجذب، حول قضايا محورية، كتحويل أموال الجامعة من رام الله إلى غزة، وعدم الاعتراف بعدد من العاملين الذين عينتهم حماس عقب الانقسام السياسي والجغرافي عام 2007".

ويرى كثيرون أن الأزمة داخل جامعة الأقصى مفتعلة ويتحمل طرفي النزاع مسؤوليتها. فوزارة التربية والتعليم بغزة، ترى أن رضوان الأحق بمنصب قائم بأعمال رئاسة الجامعة رغم كونه غير حاصلٍ على درجة الأستاذية، التي تعد شرطًا رئيسيًا لتمتعه بهذا المنصب، وترى أن تعيين حكومة التوافق لأبو زايده لا يتلاءم مع القوانين التعليمية، التي تمنح الحق في الحصول على المنصب للنائب الأول الأكثر أقدمية.

أما وزارة التربية والتعليم في حكومة التوافق، فترى أن شرعيتها تمنحها الحق في تعيين من تريد لمنصب رئيس الجامعة، مع تأكيدها أن المرشح من قبلها يحمل درجة الأستاذية التي تخول له شغل المنصب.

وتهدد الأزمة داخل جامعة الأقصى مستقبل 28ألف طالب وطالبة، وتلقي بهم جميعًا إلى المجهول. تقول هديل الأخرس، طالبة في المستوى الرابع بكلية الإعلام، لـ"ألترا صوت": "أنا على أبواب التخرج، وسحب الاعتراف من الجامعة يعني أن ما مضى من عمري داخل أروقة هذه الجامعة، لا معنى له".

لا تخفي أسيل بركة، الحاصلة على معدل 94 في المئة في الثانوية العامة والتي كانت جامعة الأقصى اختيارها الأول، مخاوفها أيضًا وتفكر جديًا في ترك الجامعة إلى جامعة أخرى، وتتمنى أن يتصرف الساسة بعقلانية وحكمة.

وفي جامعة الأقصى، لا يقتصر القلق على الطلبة. يشعر العاملون في الجامعة، من أكاديميين، وإداريين، وفنيين، بنفس القلق. في حديث لـ"ألترا صوت"، يدعوعميد كلية الإعلام بالجامعة زهير عابد طالب إلى "تغليب مصلحة الطلبة والجامعة، والنأي بهم عن موازين الربح والخسارة في السياسة".