20-يناير-2020

شهدت عطلة نهاية الأسبوع تصعيدًا هو الأوسع في الانتفاضة اللبنانية (Getty)

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت أحداثًا متسارعة خلال عطلة الأسبوع، هي الأكثر عنفًا ودموية منذ انطلاقة الانتفاضة في وجه الطبقة السياسية في 17 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. وكان ناشطون  مؤيدون للانتفاضة قد دعوا لتظاهرة مركزية عصر السبت في بيروت أمام المجلس النيابي، وقد استخدموا وسم #نازلين_كلنا_عالمجلس للدعوة إلى التظاهر ولترتيب خطواتهم.

كان الهدف الأساسي من التظاهرات هو إعادة إحياء روح الانتفاضة اللبنانية، والتأكيد على عدم الرضوخ أمام الإجراءات التي قامت بها السلطات

وكان الهدف الأساسي من التظاهرات هو إعادة إحياء روح الانتفاضة، والتأكيد على عدم الرضوخ أمام الإجراءات التي قامت بها قوى السلطات قبل أيام، واعتقالها عشرات الشبان في شارع الحمرا في بيروت على خلفية تحطيمهم زجاج عدد من المصارف، كتعبير عن إصرارهم على إسقاط النظام المصرفي الذي يعتبرون أنه الحامي الأساسي للطبقة السياسية. مع الإشارة إلى أن الناشطين كان قد أطلقوا اسم أسبوع الغضب على هذا الأسبوع، بعدما "طفح الكيل" بحسب تعبيرهم، في ظل عجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة، وفي ظل استمرار تردي وتفاقم الوضع المالي والنقدي.

اقرأ/ي أيضًا: أربعة اتجاهات في الانتفاضة اللبنانية

 وزادت الطين بلة، المقابلة التي أجراها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسبوع الماضي، والتي لوّح خلالها بإجراءات جديدة قد تتخذها المصارف، تساعدها في الاستمرار في حجز أموال المودعين.

قوات مكافحة الشعب تقمع المحتجين أمام البرلمان

وانضمّ عصر ومساء السبت عشرات الشبان والشابات من مختلف المناطق باتجاه بيروت، حيث التقوا مع رفاقهم المتجمعين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، واتجهوا نحو مبنى البرلمان اللبناني في مسيرة أطلقوا عليها شعار "لن ندفع الثمن"، وحاولوا اقتحام الأسلاك الشائكة التي وضعتها القوى الأمنية.

 وقد أطلق المحتجون الحجارة وأغصان الأشجار باتجاه القوى الأمنية التي منعتهم من الوصول إلى مبنى مجلس النواب، كما ألقت هذه القوى عشرات القنابل المسيلة للدموع باتجاه المحتجين ما سبب حالات اختناق. وقد أعلن الصليب الأحمر عن نقل أكثر من ثلاثين مصابًا إلى مستشفيات بيروت. وقامت عناصر من القوى الأمنية بإحراق عدد من خيم المتظاهرين في ساحة رياض الصلح، واعتقلت عشرات الناشطين.

تدّخلت لاحقًا قوات من الجيش وفصلت بين المتظاهرين والقوى الأمنيية، قبل أن يستتّب الأمن تدريجيًا. وانتشرت على مواقع التواصل صور ومقاطع فيديو تظهر الوحشية التي تعاملت بها قوى الأمن مع المحتجين، فيما كان القادة الأمنيون يصرون على أن قواتهم كانت في حالة دفاعية، ونشرت صفحة الأمن الداخلي على فايسبوك صور تظهر رجال أمن تعرضوا لإصابات طفيفة.  

 القمع الذي تعرض له المتظاهرون ليل السبت زاد من عزيمتهم، وأعاد للاحتجاج زخمه، فعمت الدعوات إلى التظاهر يوم الأحد والاحتشاد في بيروت منذ الصباح، وتحدى المنتفضون الظروف المناخية واحتشدوا مرة أخرى في بيروت، بعد أن حددوا الساعة السادسة مساءً موعدًا لتوجههم نحو مبنى البرلمان مرة أخرى. وقد أظهرت صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حشد القوى الأمنية للعناصر والعتاد عصر الأحد، ما أعطى انطباعًا بأن العنف تجاه المتظاهرين يأخذ منحىً تصاعديًا. مع الإشارة إلى أن الضغوطات التي مارسها المحتجون والحقوقيون ونقيب المحامين، حملت السلطات على الإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة في ثكنة الحلو، وقد بلغ عددهم 38 موقوفًا. وقد تحدثت مصادر طبية عن إحصاء أكثر من 400 حالة إصابة نتيجة لأحداث السبت من المنتفضين وقوى الأمن.

الأحد.. عودة إلى الشارع

كما كان متوقعًا وصل المحتجون إلى محيط البرلمان في ساحة النجمة، فبادرت القوى الأمنية برشهم بخراطيم المياه، قبل ان تلجأ لاستخدام القنابل المطاطية باتجاه المنتفضين، وأوقعت العديد من الإصابات في صفوفهم. وقد تحدث الناشطون عن عشرات الإصابات في صفوف المتظاهرين، من بينها حالات بتر أطراف وإصابات خطيرة في الوجه، كذلك أشاروا إلى  انتشار عناصر القوى الأمنية على أسطح المباني المجاورة، وقيامهم بإلقاء الحجارة والرصاص المطاطي باتجاه المتظاهرين.

يبدو أن الأمور في لبنان تتجه نحو التصعيد في الأيام القادمة، فالمنتفضون يصرون على مطالبهم بإسقاط النظام المصرفي، فيما تستمر القوى السياسية في تعنتها

يبدو أن الأمور في لبنان تتجه نحو التصعيد في الأيام القادمة، فالمنتفضون يصرون على مطالبهم بإسقاط النظام المصرفي واستعادة الأموال المنهوبة، وتشكيل حكومة مستقلين تمهد لانتخابات مبكرة بقانون شفاف وعادل، فيما تستمر القوى السياسية في تعنتها ورفضها الاستماع لمطالب الناس، بينما يظهر فشلها التام بالتوازي في إدارة الشأن العام، فيما يعجز فريق الثامن من آذار عن تشكيل حكومة من لون واحد حتى، مع بقاء الخلافات على نوع "المحاصصة" غير المتفق عليه إلى الآن.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الانتفاضة اللبنانية تستعيد زخمها.. الشعب يريد إسقاط النظام المصرفي