25-نوفمبر-2019

ندد المتظاهرون بالتدخل الأمريكي في الشأن اللبناني (ألترا صوت)

تظاهر العشرات من اللبنانيين صباح الأحد أمام السفارة الأمريكية في بيروت تنديدًا بما وصفوه بالتدخل الأمريكي في الشأن اللبناني الداخلي، وهي التظاهرة التي تتزامن مع عدة إجراءات وشهادات قامت بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكذلك السفير الأمريكي في لبنان سابقًا جفري فيلتمان.

تظاهر العشرات من اللبنانيين صباح الأحد أمام السفارة الأمريكية في بيروت تنديدًا بما وصفوه بالتدخل الأمريكي في الشأن اللبناني الداخلي، رافعين هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية

في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأمريكي، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وسفير الولايات المتحدة في لبنان سابقًا، جفري فيلتمان، إن على الولايات المتحدة التدخل في لبنان لمنع روسيا من السيطرة على كامل شرق البحر المتوسط بعد الدعم الذي يتلقاه الجنرال خليفة حفتر في ليبيا من الروس، قائلًا "إن الروس يريدون أن يكونوا هناك وسيذهبون لملء الفراغ في حال لم نكن هناك".

اقرأ/ي أيضًا: عنف واعتداءات وحشية على المحتجين.. "زعران" حزب الله مجددًا

أدت تلك العبارات إلى غضب داخل صفوف المتظاهرين في لبنان خلال الانتفاضة الحالية التي اندلعت في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لتنتشر دعوات على مواقع التواصل للتظاهر أمام السفارة الأمريكية في بيروت ضد التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية للبنان.

ندد المحتجون اللبنانيون بمطالب نزع سلاح المقاومة (ألترا صوت)

وخلال ساعات الصبح الأولى الأحد وصل عدد من المتظاهرين رافعين أعلام فلسطين ولافتات مناهضة للإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي إلى مقر السفارة، مُشيرين إلى أن ما يهم الولايات المتحدة في القضية اللبنانية هو مصالح الكيان الصهيوني فقط وليس مصلحة اللبنانيين، وقاموا بإحراق الأعلام الأمريكية والإسرائيلية وصور للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ترديد هتافات مؤيدة للقضية الفلسطينية ومناهضة للدور الأمريكي في المنطقة، وقد شهدت مداخل السفارة الأمريكية حشدًا كبيرًا من قوات الجيش اللبناني وقوات مكافحة الشغب مع إغلاق تلك المداخل بالأسلاك الشائكة لمنع المتظاهرين من اقتحام مبنى السفارة.

 

وقد أشار فيلتمان في شهادته إلى دور الجيش اللبناني في الانتفاضة الحالية والدور المرجو منه، في نظره، للوقوف في وجه حزب الله، حيث قال في شهادته "إنّ الجيش اللبناني هو على الأرجح المؤسسة الأكثر احترامًا في البلاد، لكن هذا لا يعني أنّها فوق أيّ نقد ولا يعني أنّها مثالية، فلقد رأينا خلال المظاهرات وحدات عديدة منه تقوم بعمل جيّد جدًّا بما خص حماية المتظاهرين في بيروت، كما رأينا وحدات تقف بعيدًا وتنسحب بينما كانت فرق البلطجية تضرب المتظاهرين في النبطية في الجنوب، وأنه بالرغم من ذلك، يبقى الأمر الأهم أنّنا نقوم بتقويض حجة حزب الله التي تقول إنّه وحده قادر على حماية لبنان، فصواريخ حزب الله لا تدافع عن لبنان بل تضعه في خطر الحرب".

وأشار فيلتمان إلى قرار الإدارة الأمريكية بوقف المعونات عن الجيش اللبناني الذي اتُخذ في وقت سابق بعد اندلاع الانتفاضة قائلًا: "قد يسأل البعض في واشنطن ما إذا كان على الجيش اللبناني أن يستعد لمواجهة حزب الله حركيًا ولنزع سلاح حزب الله بالقوّة، هذا الأمر قد يسبّب حربًا أهلية، وإيران كما القاعدة يميلون إلى الازدهار في الحروب الأهلية، لذلك يجب علينا التفكير أكثر على المدى الطويل وكخطوة أولى، يجب تحرير المساعدات العسكرية التي وضعت قيد المراجعة بأسرع وقت". مُضيفًا أنه "يعتبر لبنان مساحة للتنافس الاستراتيجي العالمي، وعلى قدر ما هو محبط ومحتاج ومعقد، إلا أننا نحن بحاجة إلى أن نلعب لعبة طويلة وألا نسمح لإيران أو سوريا أو الصين أو روسيا باستغلال غيابنا".

وكانت الإدارة الأمريكية قد أصدرت قرارًا في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بحجب مساعدات أمنية وعسكرية عن لبنان تبلغ قيمتها 105 ملايين دولار بعد يومين من استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، وكانت تلك المساعدات تشمل أجهزة رؤية ليلية وأسلحة لتأمين الحدود قالت الإدارة الأمريكية سابقًا إنها ضرورية للبنان لتأمين الحدود وإمكانية السيطرة عليها.

من أمام السفارة الأمريكية في بيروت (ألترا صوت)

وعلى صعيد الملف الاقتصادي، أشار فيلتمان إلى أن حزب الله هو المسؤول الأول عنه قائلًا "لا يمكن لحزب الله بعد الآن أن يزعم أنّه بريء ونظيف، وسيكون على اللبنانيين اختيار المسار الذي يقود إمّا إلى الفقر الدائم وإمّا إلى الازدهار المحتمل، وذلك من خلال تحديد ما إذا كانوا سيستمرون في قبول سوء الإدارة". وهو ما أوضحه في حوار له مع جريدة الشرق الأوسط قائلًا إن "على اللبنانيين أن يتذكروا أن السياسة الأمريكية مهمة لأن الولايات المتحدة تستطيع أن تساعد لبنان لإنهاضه من أزمته الاقتصادية". وهو ما علق عليه نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، في مقابلة مع وكالة رويترز بأن ما قاله فيلتمان يُعد تهديدًا للبنانيين، بالاختيار بين الفقر الدائم أو الرخاء الذي يمكن أن تؤدي إليه خيارات أمريكا المخالفة لحقوق الشعب اللبناني، كما اتهم الإدارة الأمريكية في التسبب بتأخر تشكيل الحكومة اللبنانية عن طريق بعض السياسيين اللبنانيين قائلًا: "فليتركونا حتى نتفاهم، فكلما ازداد تدخلهم أخروا الحل، الآن تأخير الحل بسبب أمريكا".

ومن أمام السفارة الأمريكية في بيروت قالت هالة أبي غانم، إحدى المتظاهرات، في حديث مع "ألترا صوت"، إن "أمريكا هي السبب في إذلال لبنان اقتصاديًا عبر تبنيها سياسات اقتصادية مبنية على الديون من خلال مؤتمرات باريس وسيدر، وهي سياسات تُزيد من ديوننا ولا تخلق أي فرص استثمارية زراعية أو صناعية لتحسين وضع الليرة اللبنانية، وكذلك بالتحكم في مواردنا مثل السماح باستخراج البترول من عدمه. تلك السياسات التي ينفذها أتباع واشنطن في السياسة والاقتصاد اللبناني، تلك الديون التي يمكن شطبها في حال الرضوخ للشروط السياسية الأمريكية والتي منها عزل سلاح حزب الله والتخلي عن السلاح، ما يصب في صالح إسرائيل".

أشار المتظاهرون اللبنانيون أن ما يهم الولايات المتحدة في القضية اللبنانية هو مصالح الكيان الصهيوني فقط وليس مصلحة اللبنانيين

تُضيف هالة قائلة: "لتلك الأسباب السابقة ربما رأى حزب الله في الحراك أنه ضده، وكنت أتمنى أن يستثمر الحزب هذا الحراك بالوقوف إلى جانبه ويقطع الطريق على استغلاله من قبل الجهات الخارجية، وكان يمكن أن يفعل ذلك بالدعم فقط دون الانضمام على الأرض كالذي حدث بأول خطاب للأمين العام، إلا أنه بعد 72 ساعة وخروج الورقة الإصلاحية للحريري التي تبناها الحزب تبدل الخطاب وبيّن بأنه يُغطي على الفساد، إذا اعتبرنا أنه غير فاسد، مقابل الإبقاء على سلاحه، بينما نحن مع المقاومة وضد الفساد وهو ما يمكن أن نُعلن عنه بكل صراحة ويمكننا فعل الشيئين معًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 "مقاومة" الناصري والشيوعي في وجه "ممانعة" حزب الله