17-أكتوبر-2019

تراجعت فرص الليبراليين في الانتخابات الكندية (تويتر)

أظهر أحدث استطلاع للرأي أجري قبل أقل من عشرة أيام على انطلاق الانتخابات الفيدرالية الكندية، تقدمًا نسبيًا لحزب المحافظين اليميني على حساب الحزب الليبرالي الوسطي الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي جوستن ترودو، بعدما حقق في الانتخابات الأخيرة فوزًا كبيرًا جعلت السياسي الشاب يحظى بفرصة تشكيل حكومة ليبرالية من لون واحد، دون مشاركة الأحزاب الأخرى.

تظهر التقارير المتعلقة بالانتخابات الكندية تراجعًا في شعبية الليبراليين بحسب أحدث استطلاع للرأي، أجري يوم الـ12 من الشهر الجاري

ستة زعماء يتنافسون في الانتخابات الفيدرالية  

يتوجه الناخبون الكندويون يوم الـ21 من الشهر الجاري إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للحكومة الفيدرالية الكندية، بعد انتهاء فترة ولاية رئيس الحكومة الحالية ترودو، حيثُ يتنافس ستة مرشحين رئيسيين على منصب رئاسة الوزراء هم: أندرو شير عن حزب المحافظين، جاغميت سينغ عن الحزب الديمقراطي الجديد، والمرأة الوحيدة إليزابيث ماي عن حزب الخضر، ماكسيم بيرنييه حزب الشعب، إيف فرانسوا بلانشيه عن حزب كتلة كيبيك، بالإضافة لترودو عن الحزب الليبرالي.

اقرأ/ي أيضًا: بإلهام من دونالد ترامب.. خطاب النازيين الجدد يتصاعد في كندا

لكن التقارير المتعلقة بالانتخابات الأخيرة تظهر تراجعًا في شعبية الليبراليين بحسب أحدث استطلاع للرأي، أجري يوم الـ12 من الشهر الجاري، فقد أشارت التوقعات إلى تصدر المحافظين استطلاعات الرأي بنسبة 32.4 بالمائة (109.5 مقعدًا في مجلس العموم أو البرلمان)، وجاء خلفهم الليبراليون بنسبة 31.7 (107 مقاعد)، ويليه الحزب الديمقراطي الجديد بنسبة 16.5 بالمائة (55.7 مقعد)، وحزب الخضر بنسبة 9.6 بالمائة (32.4 مقاعد)، وكتلة كيبيك بنسبة 6.3 بالمائة (21.2 مقعدًا)، وحزب الشعب بنسبة 2.5 بمعدل (8 مقاعد)، أما باقي الأحزاب فحصلت على نسبة 0.9 بالمائة بمعدل ثلاثة مقاعد فقط.

ووفقًا لقانون الانتخابات الكندي فإنه يحق للحزب الحاصل على 170 مقعدًا تشكيل الحكومة بمعزل عن باقي الأحزاب، كما حصل في الانتخابات الأخيرة مع الليبراليين عندما فازوا بـ184 مقعدًا مقابل 99 مقعدًا لحزب المحافظين، ما سمح لهم بتشكيل الحكومة بمفردهم، إلا أنه في حال كانت النتائج الحالية موافقة لاستطلاعات الرأي أو قريبة منها، فإنه سيتم تشكيل حكومة تشاركية تحت قيادة الحزب الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات.

ماذا تعرف عن البرنامج الانتخابي للأحزاب الستة؟

يواجه زعيم الليبراليين ترودو في الانتخابات الفيدرالية الراهنة منافسة شديدة من زعيم المحافظين شير، بعد ظهور مجموعة من القضايا التي أثرت سلبًا على شعبيته بين الناخبين، وبينما يتوافق معظم المرشحين على دعم ملف التغيير المناخي بالاتجاه أكثر للطاقة البديلة، فإن مرشح حزب الشعب بيرنييه يبتني برنامجًا يُقال إنه أقرب لبرنامج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي طرحه في حملته الانتخابية، فيما تختلف الأحزاب حول ملف اللاجئين.

  • الحزب الليبرالي.. شعبية ترودو تتراجع

على الرغم من تنفيذ ترودو جزءًا من برنامجه الانتخابي إلا أن شعبيته شهدت تراجعًا منذ منتصف العام الجاري، فقد صادقت الحكومة الكندية على تقنين بيع الماريجوانا من قبل موزعين من الحكومة الكندية، وعلمت على إعادة توطين أكثر من مائة ألف لاجئ، وكان ترودو أول رئيس يشكل حكومة متوازنة من الجنسين، ضمت 15 وزيرًا و15 وزيرًة متنوعي الأعراق والعقائد، ونفذ تعهداته بالتبرع بـ1.4 مليار دولار للمنظمات النسوية، ودعم حقوق الإنسان والتعددية الجنسية، وشرّع المساواة بين أجور الموظفين الفيدراليين، وجميعها كانت جزءًا من برنامجه الانتخابي.

لكن على الجانب الآخر تراجعت شعبية ترودو بعد موافقته على شراء خط أنابيب النفط من إدمونتون وألبرتا إلى بورنابيفي مقاطعة "بريتش كولومبيا" على ساحل المحيط الهادئ بـ3.4 مليار دولار، الأمر الذي يراه معارضو القرار قد يؤثر على التغيير المناخي وسط مخاوف من حدوث تسريب نفطي، كما كان لظهوره في إحدى الصور متنكرًا بهيئة رجل أسود دور في تراجع شعبيته، رغم توضيح ترودو بأن الصورة تعود لعام 2001 عندما حضر أحد الحفلات التنكرية، فاختار التنكر بشخصية علاء الدين، فضلًا عن عدم الوفاء ببعض الوعود المرتبطة بالإصلاح الانتخابي، وتقديم الدعم للسكان الأصليين.

وكان ترودو قد انتهك قواعد الأخلاق الفيدرالية بعد قضائه لإحدى عطله في جزيرة خاصة في الباهاماس مملوكة لإمام الشيعة الإسماعيلية النزارية في العالم الملياردير شاه كريم الحسيني، الذي يحمل لقب الآغا خان الرابع في عام 2017، كما أثيرت مطلع العام الجاري مزاعم بأن مسؤولين في الحكومة حاولوا التدخل في تحقيق قضائي بحق شركة كندية متهمة بتقديم رشوة بملايين الدولارات لمسؤولين ليبيين، في عهد الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي للحصول على مشاريع بمليارات الدولارات في ليبيا، مما أدى لاستقالة مسؤولين في إدارته.

  • حزب المحافظين.. مكافحة الهجرة والمال أولًا

تأخر زعيم المحافظين أندرو شير في إطلاق برنامجه الانتخابي حتى الـ11 من الشهر الجاري، لكنه خلال حملته الانتخابية أفصح عن أهم النقاط التي يدور حولها، فقد أعلن خلال الحملة الانتخابية عن تأييده مشاريع الطاقة، ودعم الاستثمارات في مجال التكنولوجيا عبر الاعتماد على التكنولوجيا الخضراء عوضًا عن الضرائب للحفاظ على الطبيعة، ومكافحة التغيير المناخي رغم أنه كان أبرز الغائبين عن مظاهرة الإضراب العالمي للتغيير المناخي في مونتريال الشهر الماضي.

وتشير التقارير إلى أن المحافظين يركزون في حملتهم الانتخابية على الجانب المالي، إذ تعهد شير بمكافحة الهجرة عبر الحدود، وإلغاء قانون ضريبة الكربون، والعمل على إنشاء ممر للطاقة يسمح بانتقالها من الشطر الغربي إلى الشطر الشرقي الكندي، وفرض ضريبة على عمالقة الشبكات والمنصات الإلكترونية بما فيها شبكة نتفليكس الرقمية، ومنصة فيسبوك (وهو ذات التعهد ضمن برنامج الليبراليين الانتخابي)، بالإضافة لإعلان المحافظين موازنة الميزانية لخمس سنوات عبر خفض الإنفاق والعجز، كما أكدوا على عدم سنهم أي قانون يشرع تقييد الإجهاض.

  • الحزب الديمقراطي الجديد.. نظام جديد للرعاية الصحية  

يعتبر زعيم الحزب الديمقراطي الجديد جاغميت سينغ أول زعيم حزب سياسي من أقلية دينية بتبوأ منصبًا سياسيًا فيدراليًا، بسبب أصول عائلته الهندية المهاجرة التي تنتمي لطائفة السيخ، ويصنف بأنه واحد من أكثر القادة السياسيين الجدد الذين يتمتعون بشعبية داخل كندا بسبب أناقة ملابسه، وظهوره في وقت سابق على غلاف مجلة GQ الأمريكية التي تهتم بثقافة وأزياء الرجال، كما أنه حظي بدعم إيجابي من النقاد خلال المناظرة الأولى، وتوقعوا أن يكون القائد المنتظر للحزب الديمقراطي الجديد اليساري.

وفيما تشير التوقعات إلى إمكانية حدوث تحالف بين الديمقراطي الجديد ثالث كبرى الأحزاب في البلاد والليبراليين لتشكيل الحكومة، فإن سينغ ركّر خلال برنامجه الانتخابي على نظام الرعاية الصحية تحت شعار "نناضل من أجلكم"، من خلال وضع نظام ضمان شامل للأدوية يتضمن الصحة العقلية ومعالجة الأسنان والآذان والعيون، كما أنه أكد على التزام حزبه بدعم القطاع البيئي بتوفير 300 ألف وظيفة خضراء، وإنشاء بنك للمناخ ممولًا من القطاع العام.

  • حزب الخضر .. البيئة أولًا ودائمًا

تشارك زعيمة حزب الخضر إليزابيث ماي بصفتها المرأة الوحيدة، وهي المرشحة التي تقود الحزب في الانتخابات الفيدرالية للمرة الرابعة. خلال هذا العام وسعت ماي البرنامج الانتخابي للحزب ليشمل الإصلاح الانتخابي، وسن قوانين مرتبطة بالمساواة الاجتماعية من خلال حصول الكنديين على أماكن للسكن بأسعار منخفضة، وتوسيع نطاق الضمان الصحي، ويتوافق برنامج الخضر مع بعض الأحزاب بزيادة الضريبة على عمالقة الشبكات والمنصات الإلكترونية.

كما أن ملف التغيير المناخي لا يزال يمثل الأولوية للخضر، فقد تعهدوا في برنامجهم الانتخابي بدعمهم لضريبة الكربون التي فرضها الليبراليون، وخفض الانبعاث الكربوني بنسبة 60 بالمائة بحلول عام 2030، وإنهاء الاعتماد على وارادت النفط الأجنبية، إضافة لمعارضتهم مشاريع الوقود الأحفوري، ودعم الصناعات الخضراء المناصرة للبيئة، والاستثمار في مجال النقل لتصبح جميع السيارات كهربائية بحلول عام 2030.

  • كتلة كيبيك.. حماية القانون 21

عانت كتلة كيبيك من همينة القيادة الواحدة عليها لفترة طويلة، قبل أن يتم انتخاب إيف فرانسوا بلانشيه زعيمًا لها العام الماضي. اتجهت الكتلة بعد تراجعها عن الكتلة الانفصالية في كيبيك التي تنادي بالانفصال عن الاتحاد الكندي، إلى تكثيف برنامجها الانتخابي في قضية التغيير المناخي لإحياء شعبيتها من جديد، فهي كغيرها من الأحزاب تعارض مشاريع الوقود الأحفوري لكنها وعدت في هذا السياق بخفض الدعم عن هذه المشاريع خلال مائة يوم، وأكدت التزامها باتفاقية باريس للتغيير المناخي، ويشدد البرنامج الانتخابي للكتلة على حماية القانون 21 من تدخل الحكومة الفيدرالية، والذي يحظر على موظفي القطاع العام ارتداء الرموز الدينية بكافة أشكالها.

  • حزب الشعب.. النسخة الكندية لبرنامج ترامب الانتخابي  

يمكن وصف زعيم حزب الشعب اليميني المتطرف ماكسيم بيرنييه بأنه النسخة الكندية من رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، أي بـ"ترامب الكندي"، وعلى الرغم من أن حزب الشعب حديث النشأة كونه تأسس في أيلول/سبتمبر لعام 2018، فقد دخل الانتخابات تحت شعار "محاربة اللاجئين" أولًا، ويتبنى برنامجه الانتخابي عدم مناصرة قضية التغيير المناخي ثانيًا، ولربما كان ذلك السبب في تذيله استطلاعات الرأي بحصوله على 2.5 بالمائة وفق ما أشارت الاستطلاعات.

وينفي بيرنييه ضمن برنامجه الانتخابي بأن الأشخاص يلعبون دورًا في تغيير المناخ لذلك يريد الانسحاب من اتفاقية باريس للتغيير المناخي، ويريد عددًا أقل من اللاجئين لذلك تعهد بإعادة اللاجئين الذين يعبرون الحدود بطريقة غير قانونية، وتحدث عن تشييد سياج حدودي كالذي يريد ترامب تشييده مع المكسيك، وسيقوم بإلغاء تمويل الحكومة الفيدرالية المقدم لتعزيز التعددية الثقافية.

كيف تنظر الأحزاب الكندية للوضع الفلسطيني؟

أما فيما يخص الشأن الفلسطيني فلا يبدو أن هناك توجهًا داعمًا لدى قادة الأحزاب المشاركين في الانتخابات على منصب الحكومة الفيدرالية، للوضع الفلسطيني الراهن، بحسب تقرير لموقع ميدل إيست إي البريطاني، الذي أشار إلى تعهد زعيم المحافظين بقطع المساعدات عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تحت ذريعة تأثيرها على المشاعر المعادية للسامية، وتعهد بنقل السفارة الإسرائيلية للقدس، وهو ما يشير إلى سيره على خطى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب في علاقته مع الفلسطينيين.

اقرأ/ي أيضًا: تنامي الحركات اليمينية مع مجيء ترامب.. راعي التطرف في الولايات المتحدة

وتصنف كندا في المرتبة 13 ضمن قائمة الدول الداعمة للأونروا بمبلغ يصل لـ27 مليون دولار، وكانت حكومة المحافظين بزعامة ستيفن هاربر قد ألغت الدعم عنها سابقًا، قبل أن يعيد ذلك الليبراليون في عام 2016، وعلى الرغم من تبني حكومة ترودو مواقف إيجابية لصالح فلسطين، فإنها استخدمت نفوذها خلف الكواليس لدعم إسرائيل تحت مبرر أنها تعامل بصورة غير عادلة في الأمم المتحدة، وتريد توسيع صفقة التجارة الحرة مع إسرائيل، ويختصر النائب الليبرالي أنتوني هوسيفثر موقف حكومة ترودو من إسرائيل بقوله: "إنها أكثر حكومة مؤيدة لإسرائيل في التاريخ الكندي".

يمكن وصف زعيم حزب الشعب اليميني المتطرف ماكسيم بيرنييه بأنه النسخة الكندية من رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، أي بـ"ترامب الكندي"

وفيما تضغط القاعدة التقدمية داخل الحزب الديمقراطي الجديد للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، يرفض بعض النواب تبني هذا التوجه، بالأخص بعد منعهم إصدار قرارات مرتبطة بحظر المنتجات الصادرة عن المستوطنات الإسرائيلية. أما بالنسبة لحزب الخضر فيشير الموقع البريطاني إلى أنه يقترب من تجاوز الديمقراطي الجديد بما يخص الحالة الفلسطينية، في حين يمكن تصنيف موقف مرشح حزب الشعب بيرنييه، بوصف زعيمة الخضر ماي له بقولها: "إذا أراد أي شخص معرفة موقفك، فما عليه سوى معرفة ما يريده ترامب".