18-فبراير-2022

العداء للمسلمين أصبح خطاب أوساط متعددة في فرنسا (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

رغم أن الحملات الانتخابية للتنافس على منصب الرئيس في فرنسا لم تبدأ بشكلٍ رسمي بعد، ومن المقرر أن تنطلق في 28 مارس/ آذار القادم، إلا أن الهجوم على المهاجرين في فرنسا والمسلمين، قد بدأ بشكلٍ مبكر لدى المرشحين المحسوبين على اليمين، ويتوسع باستمرار ليصبح خطابًا سائدًا حتى خارج أوساط اليمين المتطرف.

رغم أن الحملات الانتخابية للتنافس على منصب الرئيس في فرنسا لم تبدأ بشكلٍ رسمي بعد إلا أن الهجوم على المهاجرين في فرنسا والمسلمين، قد بدأ بشكلٍ مبكر

بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "في فرنسا، نظرية مؤامرة عنصرية تصبح تدريجيًا خطابًا سائدًا"، فإن نظرية "الاستبدال العظيم" التي كانت طوال السنوات الماضي جزءًا من سردية اليمين المتطرف، أصبحت تنتشر في أوساط تعتبر أقل تطرفًا، بل وبدأت تتحول، حسب الصحيفة، إلى خطاب سائد.

اقرأ/ي أيضًا: بسبب العنصرية.. مسلمون يتركون فرنسا

ونظرية "الاستبدال العظيم" هي نظرية مؤامرة عنصرية تعتبر أن هناك عملية ممنهجة من أجل استبدال المسيحيين البيض، بمهاجرين من غير البيض، وبالأخص أفارقة وعرب، وتربط بين وجودهم في فرنسا والأخطار المحتملة وتدمير الثقافة والحضارة الفرنسية. كما أن هذه النظرية ألهمت عمليات قتل جماعي نفذت في الولايات المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا ضد مسلمين ومهاجرين.

المصطلح الذي كان مرفوضًا في فرنسا قبل عامين، حتى من قبل رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني مارين لوبان، أصبح مقبولًا في أوساط عديدة، حيث إن السباق الرئاسي الحالي في فرنسا قد وسّع حدود المقبول سياسيًا. في هذا السياق،استخدمت مرشحة "حزب الجمهوريون" الذي يصنف باعتباره يمين وسط، فاليري بيكريس، نظرية "الاستبدال العظيم" في خطابها الأخير، الذي تخللته هجمات ضد المسلمين والمهاجرين. بيكريس التي تعتبر المنافسة الأبرز للرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، كانت قد هاجمت المهاجرين في خطابات سابقة لها وقالت إنها سوف "تقضي على المناطق غير الفرنسية"، وتبنت مصطلحات اليمين المتطرف في خطاباتها بدلالاتها العرقية والاستعمارية. وكان الكاتب اليميني إريك زامور والمرشح اليميني للانتخابات الفرنسية الحالية، كان الشخصية الطلائعية في الترويج لهذا المصطلح في فرنسا خلال العقد الماضي، معتبرًا الهجرة إلى فرنسا تهديدًا لها ولبقية أوروبا.

أما ماريان لوبان التي كانت قد رفضت المصطلح سابقًا، واعتبرته نظرية مؤامرة، فقد بدأ رئيس حزبها جوردان بارديلا، ياستخدامه مؤخرًا. هذا وتشير استطلاعات الرأي، إلى أن بيكرس ولوبان وزامور يحتلان المرتبة الثانية خلف الرئيس الفرنسي الحالي، في الانتخابات المقرر عقدها في 10 نيسان/ أبريل القادم.

وقال أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في دراسة الحركات اليمينية نيكولا ليبورغ، إن استخدام المصطلح يعكس حسابات سياسية، فقد تحولت الطبقة الوسطى المناصرة تقليديًا ليمين الوسط إلى اليمين، مشيرًا إلى أنه منذ عام 2010 ظهر تشدد من قبل ناخبي الطبقة الوسطى ضد الهجرة والإسلام.

"الاستبدال العظيم"، المصطلح الذي كان مرفوضًا في فرنسا قبل عامين حتى من قبل رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني مارين لوبان، أصبح مقبولًا في أوساط عديدة

وكان الكاتب الفرنسي وأحد مروجي نظرية المؤامرة، رينو كامو، قد صك مصطلح "الاستبدال العظيم" في عام 2010، وخلال مقابلةً تلفزيونية له عام 2019 عبر عن خيبة أمله من أن سياسيين كبار لم يتبنوا مصطلحه، كما أن نشره للمصطلح حوله إلى شخصية منبوذة لدى الأوساط الأدبية والإعلامية في فرنسا التي توقفت عن استضافته. لكنه في الأشهر الأخيرة دعي للعودة إلى البرامج الحوارية التلفزيونية، فيما أعرب عن سعادته باستخدام المصطلح في الحملة الانتخابية الحالية، معتبرًا أن بقية القضايا مثل الوباء والقدرة الشرائية للمستهلكين ليس لها أهمية مقارنةً بخطر "الاستبدال العظيم" الذي يصف الواقع.