06-ديسمبر-2019

عرف لبنان ثلاث حالات انتحار لأسباب اقتصادية (تعبيرية/ أ.ف.ب)

استفاق اللبنانيون، صباح الأربعاء الماضي، الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2019 الجاري، على خبر انتحار المواطن داني أبي حيدر، بإطلاق النار على رأسه من بندقية صيد.

خلال الأيام القليلة الماضية، انتحر ثلاثة مواطنين في لبنان، لأسباب تتعلق بتردي الأحوال المعيشية وتراكم الديون

داني أبي حيدر الذي انضم للقائمة بعد مواطنه ناجي الفليطي، تبيّن أن انتحاره كان لأسباب تتعلق بتردي أوضاعه المادية وتراكم الديون عليه، قبل أن ينضم إليهما ثالث، يوم أمس الخميس.

اقرأ/ي أيضًا: الانتحار في لبنان.. الفليطي ليس الأول ولا الأخير

في ظلال الانتفاضة

حمّل اللبنانيون الدولة وأجهزتها، مسؤولية انتحار أبي حيدر، الموظف في إحدى شركات الإنارة، خاصة وأن الشركة دفعت له مطلع الشهر الجاري نصف راتبه فقط.

وتأتي حالات الانتحار المكثفة خلال أيام قليلة، في ظلال الانتفاضة اللبنانية التي اندلعت بشكل أساسي كرد فعل غاضب على تردي الأحوال المعيشية، ورفعت شعار "يسقط حكم المصرف"، وفي ظل تدهور حاد لظروف العمال والموظفين في البلاد.

الانتحار في لبنان

وعلى إثر حالات الانتحار، رفع المتظاهرون اللبنانيون في الساحات لافتات تدين الدولة، وتحمل سياسيي المجموعة الحاكمة مسؤولية إقدام المواطنين على الانتحار، خاصة وأن جميعها، كما تبين، حالات انتحار مدفوعة بالفقر.

اتساع رقعة الانتحار

ربط البعض بين صور أبي حيدر، الأب لثلاثة أبناء، مشاركًا في مظاهرات الانتفاضة المستمرة منذ شهر ونصف، وبين انتحاره، محيلينه إلى شعور باليأس من إمكانية إحداث تغيير بنيوي، في ظل تمسك أحزاب السلطة، بالسلطة وسياساتها.

وبعد انتحار أبي حيدر، تداولت أنباء عن انتحار مواطنين آخرين، تبين أن أحدها إشاعة، والثانية كانت محاولة انتحار لمواطن في صيدا، تبين أيضًا أنها مدفوعة بتردي الأوضاع المعيشية.

ويوم أمس الخميس، الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2019، أقدم المواطن نزيه عون (54 عامًا)، من قرية تبنين الجنوبية، على الانتحار بتناول مادة سامة، بعد أن فقد الأمل في العثور على عمل منذ شهر.

محاولات وحالات الانتحار هذه، تأتي بعد أن وضع المواطن ناجي الفليطي حدًا لحياته شنقًا، بسبب عجزه عن دفع ديون مستحقة، قدرها 400 دولار أمريكي، وعجزه عن تأمين الاحتياجات المعيشية لأسرته.

وأحدث انتحار الفليطي هزة في الرأي العام اللبناني. وأضيئت الشموع له في ساحات الانتفاضة، كما أطلق عدد من النشطاء حملات لجمع التبرعات لعائلته. وعلى إثرها أُطلقت دعوات لدعم "اليائسين"، وعرض تقديم المساعدة لمن يفكرون في الانتحار!

مسؤولية السلطة

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أطلق نشطاء لبنانيون وسم "#لبنان_ينتحر"، لتسليط الضوء على دوافع حالات الانتحار الأخيرة، وانتقاد الأوضاع المتردية في ظل تمسك السلطة بسياساتها، وعدم إصغائها لمطالب الشارع بالتغيير.

من جانبها، أكدت إلهام الشعراني، أستاذة علم النفس والرئيس السابق لنقابة المعالجين والمحللين النفسيين، على مسؤولية السلطة في وقوع حالات الانتحار الأخيرة.

وفي حديثها لـ"الترا صوت"، عزت الشعراني حالات الانتحار الأخيرة إلى ضيق ذات اليد، مع تراكم الديون والخصم والاقتطاع من الرواتب، مضافةً إلى الضغوط النفسية والعصبية مع تفاقم الأحداث في البلاد مؤخرًا.

ومع استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية، ما يعكسه تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية؛ عبرت إلهام الشعراني عن مخاوفها من تفاقم ظاهرة الانتحار في البلاد خلال الفترة المقبلة، في الوقت الذي تُصر فيه المجموعة الحاكمة على تمرير تشكيلة حكومية لا تلبي طموحات الشعب.

عبرت الرئيس السابق لنقابة المعالجين النفسيين، عن مخاوفها من تفاقم ظاهرة الانتحار في لبنان، في ظل تمسك السلطة بسياساتها

وتحذر الشعراني من "الإحباط والاستسلام" باعتبارهما النهاية التقليدية المؤدية للانتحار، مشيرةً إلى مساعِ السلطة إيصال المنتفضين إلى هذه الحالة، داعية للتكاتف في مواجهة، مستشهدة في ختام حديثها بمقولة مهاتما غاندي: "بإمكانكم قتل الثوار، لكن لا يمكن قتل الثورة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الانتحار في لبنان.. "رغبة" التوقف عن العيش تنافس المعدلات العالمية

إعلان تشكيل الحكومة في لبنان.. اغتراب السلطة عن الشارع