13-فبراير-2020

من محاضرة محمد زبيب التي سبقت الاعتداء عليه (ألترا صوت)

عقد النادي العلماني بالجامعة الأمريكية، الأربعاء، ندوة تثقيفية للباحث الاقتصادي والإعلامي محمد زبيب تحت عنوان "اقتصاد السلطة ينهار فمن يدفع الثمن؟"، في أحد مقاهي شارع الحمرا في بيروت. دارت المداخلة بالأساس حول المطالبة بالتوقف عن دفع أقساط الديون المستحقة على لبنان أو إعادة جدولتها، والتفاوض بشأنها، وهو موضوع يثير جدلًا واسعًا في الراهن اللبناني.

بعد المحاضرة، وبمجرد خروج محمد زبيب الذي استقال من جريدة الأخبار احتجاجًا على تحريضها على الانتفاضة اللبنانية، حاول عدد من الأشخاص مجهولي الهوية، الاعتداء عليه

بعد المحاضرة، وبمجرد خروج الصحفي الذي استقال من جريدة الأخبار احتجاجًا على تحريضها على الانتفاضة اللبنانية، حاول عدد من الأشخاص مجهولي الهوية إلى الآن، الاعتداء عليه، بضرب رأسه بشكل مستمر باستخدام العصي، وهو ما أثار التساؤلات حول مضمون المحاضرة، وإن كان لها علاقة بالاعتداء عليه.

اقرأ/ي أيضًا: دفعة جديدة على حساب اللبنانيين: ما الذي سيحدث بعد تسديد اليوروبوندز؟

وسط جمع كبير من الحاضرين الذين كان غالبيتهم من شباب الجامعات، بدأ زبيب الندوة بتشخيص الحالة الاقتصادية اللبنانية الحالية والتي وصفها بالمنهارة من جرّاء حكم الأوليغارشية التي تتكون من شبكة مصالح لعدة أشخاص وشركات، تهدف للاستحواذ على ثروة الدولة، موضحًا بأن هذا يتمثل فيما ورد في التقارير الاقتصادية اللبنانية والدولية التي أوضحت بأن 1% من اللبنانيين الأكثر ثراءً يستحوذون على 40% من الثروة، وأن هؤلاء ممن يمثلون نسبة 1% على سبيل المثال يستحوذون على 50% من الودائع بالبنوك والمصارف اللبنانية، وعلى 60% من الدخل في البلاد.

كما أشار زبيب إلى أن التفاوت المناطقي يشبه التفاوت الطبقي، موضحًا بأن بيروت العاصمة تستحوذ على 70% من النشاط الاقتصادي في لبنان، والذي قال بأنه يفسر إعاقة تنفيذ كثير من الأنشطة والمشاريع في باقي المناطق.

وعن الأزمة الهيكلية بالاقتصاد اللبناني، قال إنه "في عام 2018 كانت المساحة المزروعة في لبنان من إجمالي الأرض الصالحة للزراعة لا تتجاوز 22% فقط رغم الموارد المائية والتنوع الجغرافي في البلاد، وإن مساهمة الزراعة في الاقتصاد الوطني لا تتجاوز 2% وكذلك الصناعة التي من المفترض أن تشغل الأيادي العاملة وتستفيد من القوة البشرية، فإنها لا تساهم في الاقتصاد سوى بـ 8% فقط"، في حين أن قطاع الخدمات يستحوذ على 70% من الناتج المحلي وعلى 76% من القوة العاملة، وأن هذا القطاع لا يوفر فرص عمل لذوي المهارات والتعليم ولا يعطي أجورًا عادلة، وهو أحد أهم أسباب الهجرة الواسعة للشباب اللبناني.

وأضاف زبيب بأن طبقة 1% التي تستحوذ على الثروة والسلطة في لبنان استطاعت أن تراكم ثروات ضخمة عبر عدة مصادر هي الفائدة من الودائع وأدوات الدين، والريع العقاري والمضاربات العقارية وانتزاع الملكيات العامة والخاصة، ضاربًا مثالًا بشركة سوليدير الخاصة التي صادرت عقارات وبيوت الناس عبر أذرعها الحكومية، وكذلك عن طريق احتكار الأسواق، حيث أوضح البنك الدولي بأن نصف المبيعات في الأسواق خاضعة للاحتكار بأرباح تصل إلى 9 مليارات دولار سنويًا، مستشهدًا بقطاع الأدوية الذي تستحوذ عليه 5 شركات بقيمة واردات 1.8 مليار دولار سنويًا.

وأوضح زبيب بأن مصادر الدخل اللبناني لتمويل هذا النمط الفاسد من الاقتصاد كانت عبر التدفقات المالية الخارجية من تحويلات وقروض، وبعد أن توقفت تلك التدفقات ولم تعد قابلة للاستمرار انتقل الصراع إلى الودائع والأجور وتراكمت الفواتير والخسائر وأصبح الصراع اليوم على من يسدد هذه الفواتير من الديون والاقتصاد المتهاوي، في ظل عدم وجود أي خطة حكومية للجواب على سؤال الخروج من الأزمة وإكمال الحياة، في ظل تعهد حكومة حسان دياب الجديدة بالسير على نفس نمط وطريقة الحكومات السابقة التي قضت على الاقتصاد، قائلًا بأن أسوأ ما تم ترديده هو المطالبة بحكومة تكنوقراط في الوقت الذي نحتاج فيه إلى حكومة تكون مسؤولة سياسيًا أمام المواطنين عن الإجراءات المتخذة.

وطالب زبيب بالتوقف عن دفع الديون المستحقة على البلاد فورًا والمطالبة بإعادة الهيكلة والتفاوض بشأنها مع الدائنين، قائلًا بأن لبنان لا يستطيع سداد ديونه حتى ولو أراد ذلك، فلا يوجد رصيد من العملات الأجنبية يكفي، لافتًا إلى توقف حاكم مصرف لبنان عن نشر حساب الربح والخسارة السنوي والذي يوضح حجم الموجودات بالعملات الأجنبية وسط تقديرات دولية تتراوح بين 6 و10 مليارات دولار، في الوقت الذي يستحق على لبنان سنويًا 8 مليارات دولار فوائد دين وحدها دون الأقساط، وذلك بعد أن بلغ الدين على مصرف لبنان للمصارف 80 مليار دولار ودين حكومي 32 مليار دولار.

وأكمل قائلًا بأن حجم الاستيراد في لبنان يبلغ 17 مليار دولار من وقود وأدوية ومواد خام وغذاء وغيرها، وفي حال دفع كل الموجودات من العملات الأجنبية للدائنين فلن نستطيع استيراد شيء وسيكمل الانكماش طريقه في الصعود، والذي وصل من 8 إلى 10 بالمائة هذا العام مقارنة بـ6% العام الماضي، وهو ما يعني إغلاق شركات وفقدان وظائف وزيادة في الفقر، موضحًا بأن تقدير البنك الدولي عن عام 2020 يشير بأن 50% من الأسر ستصبح تحت خط الفقر.

وشدد زبيب على ضرورة الامتناع عن دفع قسط اليوروبوند المستحق خلال الشهرالقادم والبالغ 1.8 مليار دولار، مستغربًا من التهديدات بتخفيض التصنيف الائتماني للبنان في الوقت الذي يُصنف فيه على أنه في مرحلة "التوقف عن الدفع" بالأساس، ومتعجبًا من تصريح الحكومة بأنها ستدفع الاستحقاق ثم ستبحث في آلية التوقف عن دفع الأقساط التالية والتفاوض مع الدائنين، قائلًا بأن هذه الـ 1.8 مليار دولار هي حجم واردات لبنان من الأدوية لمدة عامين.

وأشار زبيب إلى أن هناك "عملية نصب" تحدث الآن في ملف الدين، وذلك بعد عرض حاكم مصرف لبنان دفع الديون المستحقة للأجانب فقط واستبدال الديون المستحقة محليًا بسندات أفضل وأعلى فائدة، والذي استتبعه بيع المصارف 30% من السندات الحكومية لجهات أجنبية خلال الأسابيع الخمسة الماضية فقط.

وبسؤال لـ"ألترا صوت" عن مخاطر توقف لبنان عن دفع أقساط الدين وما له من عواقب دولية ومالية، رد زبيب قائلًا "إن التوقف عن الدفع وإعادة التفاوض والهيكلة والجدولة جزء لا يتجزأ من تراث الأسواق المالية، والغالبية العُظمى من دول العالم تُعيد جدولة ديونها، وحتى على القطاع المحلي فالبنوك تقوم بإعادة جدولة وشطب لمليارات الديون على القطاع الخاص، فلماذا لا يحدث مع الدين الحكومي؟".

اقرأ/ي أيضًا: "يسقط حكم المصرف".. عقدة رياض سلامة في منشار الاقتصاد اللبناني

وأضاف: "إن جزء كبير من الديون على لبنان تُصنف بأنها ديون جائرة، وبشكل مفصل فإن ديون ما قبل عام 2005 كلها تُصنف على أنها ديون جائرة بسبب الاجتياح والاحتلال الإسرائيلي والوصاية والاحتلال السوري، واستدانة حكومات ديكتاتورية قمعية غير منتخبة، وأن الدعوة لإعادة الهيكلة ستعطي البلاد مهلة 6 أشهر وهو ما سيعطينا وقت لتدبير شؤوننا، حيث إننا أمام خيارين إما إعادة الهيكلة والجدولة أو التوقف تمامًا عن دفع الديون".

 بدأ زبيب الندوة بتشخيص الحالة الاقتصادية اللبنانية الحالية والتي وصفها بالمنهارة من جرّاء حكم الأوليغارشية التي تتكون من شبكة مصالح لعدة أشخاص وشركات، تهدف للاستحواذ على ثروة الدولة

وختم زبيب قائلًا بأن لا مؤتمر سيدر ولا صندوق النقد الدولي سيحلون مشكلة لبنان، لأن أي تدفقات مالية ستذهب إلى ثلاث جهات هي العجز التجاري، والعجز المالي، وعجز ميزان المدفوعات، وإن الحل داخليًا عبر تغيير ثوري جذري يُغير من نية الاقتصاد والسياسة والاجتماع في لبنان، يقوم على توزيع عادل للثروة التي اكتسبت سابقًا والتي ستأتي لاحقًا، ويكون اقتصاد قائم على الزراعة والصناعة المرتبطة بالزراعة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

محلل الممانعة ومناقيش السفارة

الاستقالات الجماعية من "الأخبار".. كشف آخر ما تبقى من الستار