27-يناير-2018

استدعاء هشام حداد من المدعي العام، حلقة جديدة في صراع سياسي لبناني (فيسبوك)

في خطوة مفاجئة، استدعى المدعي العام التمييزي سمير حمود، الإعلامي هشام حداد بسبب انتقاده ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في إحدى حلقات برنامجه "لهون وبس" الذي يعرض على تلفزيون LBC. وقد أحالت النائب العام الاستئنافي، القاضية غادة عون، الادعاء إلى محكمة المطبوعات بجرم المادة 23 من القانون 77\104، لكن ما خلفيات وتفاصيل الموضوع؟

يرى محللون أن حادثة الادعاء على هشام حداد هي حلقة في مسلسل تصفية الحسابات بين بيار الضاهر وبين الجهات القضائية من جهة أخرى

"لهون وبس" هو برنامج كوميدي أسبوعي ساخر يحظى بنسبة مشاهدة عالية في لبنان. فكرته تقوم على عرض مواقف وأحداث سياسية واجتماعية، والتعليق عليها بطريقة ساخرة. أما القضية المشار إليها أعلاه فقد أتت على خلفية قيام حداد بالتعليق على توقّع لميشال حايك، المنجّم الشهير في لبنان، نصح فيه ولي العهد السعودي بتخفيف تناول الوجبات السريعة. فعلّق حداد: "هلأ كل شي عم بصير بالمنطقة وعم تنصحوا يوقف همبرغر؟ أنا بنصحه يوّقف الاعتقالات السريعة، الحملات السريعة، الحروب السريعة، بس أنا شو خصني بالوجبات السريعة؟ شو دخلني بكوليسترول الأمير؟..".

اقرأ/ي أيضًا: شاشة "ال بي سي".. آركان حرب بيار الضاهر الانعزالية

في تصريح له بعد الحادثة، قال هشام حداد إنه تفاجأ بالقرار الصادر، وإن "المزحة كانت عادية جداّ وحلقات سابقة من برنامجه تضمنت نكاتاً بسقف أعلى بكثير ولم يتم التوقف عندها". ويشير حداد إلى أن "المستهدف من هذه الخطوة هو برنامجه ومن خلفه المحطة والإعلام والحريات بشكل عام في لبنان".

المتابعون اللبنانيون في معظمهم استنكروا قرار المدعي العام، ورأوا فيه مساساً بحرية التعبير. والمشاهد اللبناني معتادّ على النقد اللاذع والجارح أحياناً في البرامج التلفزيونية وخاصة الساخرة منها، وهو لن يرضى بوضع خطوط حمراء تحت حجج واهية حتى لو اختلف مع توجّه البرنامج سياسياً أو أيديولوجياً، وبمعزل عن رأيه في جودة المادة المقدمة.

 

وبغض النظر عن السبب المعلن، فإن المرجح أن القضية ضد هشام حداد تحمل بعداً سياسياً والدليل أن آلاف المواد التلفزيونية والصحافية في السابق تخطت بجرأتها ما تضمنته حلقة "لهون وبس" وقد مرّت مرور الكرام. فلماذا طلب الادعاء على هشام حدّاد؟ وفي هذا التوقيت بالذات؟

اقرأ/ي أيضًا: سقوط شربل خليل في lbc. ..العنصرية لا تضحك

يذهب عدد من المحللين الى القول إن حادثة الادعاء هذه على هشام حداد، هي حلقة في مسلسل تصفية الحسابات بين بيار الضاهر، رئيس مجلس إدارة LBC، وبين الجهات القضائية من جهة أخرى. وقد كان آخرها توجيه وزير العدل سليم جريصاتي كتابًا إلى النائب العام في المحكمة التمييزية القاضي سمير حمود، مدعياً بموجبه على الصحفيين السعوديَين إبراهيم  مرعي وعوضان الأحمري إضافة إلى مارسيل غانم، مقدم برنامج كلام الناس، الذي تعرضه المحطة، بجرم "توجيه الإهانات إلى شخصيات سياسية لبنانية". سليم جريصاتي بالمناسبة، هو وزير محسوب على التيار الوطني الحر، المعروف بالتيار العوني، نسبةً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون.

يعتبر جزء من اللبنانيين أن ما حصل لحداد هي محاولة سعودية جديدة لإظهار الحضور والسطوة السعودية في لبنان

محللون آخرون رأوا فيما حصل، محاولة للمملكة العربية السعودية لاستعادة ماء وجهها، بعد "الصفعة"  التي تعّرضت لها عقب إعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الرياض، وعودته عنها لاحقاً من بيروت، مع ما صاحب القضية من تخبط سعودي في التعامل مع الأزمة والذهاب بها للآخر، وسخط غالبية اللبنانيين من ما حصل واعتباره إهانة لهم. وهكذا قد يكون استدعاء هشام حداد، "عرض عضلات سعودي" في هذا المنحى، ومحاولة من السعودية لإظهار حضورها وسطوتها في لبنان.

لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن هشام حداد هو مناصر سابق للتيار الوطني الحر، وإعلامي سابق  في محطة OTV العونية. وقد دأب في برنامجه "لهون وبس" على تصويب سهام سخريته في وجه التيار الوطني الحر، وخاصة ضد وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس التيار وصهر الرئيس عون. وبالتالي من الممكن وضع هذا الاستدعاء في سياق توجيه رسالة إلى هشام حداد بشكل غير مباشر. ومن المفارقة أن هشام حداد، المعروف ببعض المواقف العنصرية، استضاف الممثلة انطوانيت عقيقي قبل أسبوع، وقد روت خلال الحلقة نكتة عنصرية وجندرية، سخرت عبرها من العاملات المنزليات، فانفجر هشام حداد بالضحك، الأمر الذي أزعج عددًا كبيرًا من الناشطين وطالبوا بمحاسبته وعدم السماح بتمرير مواد تحمل هذا الكم من العنصرية والابتذال، لكنه لم يستدع من أجل هذا التصرف بل من أجل سخرية عادية جدًا.

وعلى أبواب الانتخابات النيابية، يشعر جزء واسع من اللبنانيين أنهم يتعرضون في الفترة الأخيرة لعملية تكميم أفواه، ولتضييق على حرياتهم ومساحات التعبير بشكل عام، فيما يُخشى أن يكون مقدمة لما قد ما يحصل في وجه أي حركة تغييرية في المستقبل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"التوك شو" السياسي في لبنان.. استعراض النشاز

حريات الإعلام في لبنان.. رجعنا يا زمان