20-يناير-2016

ثوار.. (أ.ف.ب)

يشير الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 47/133 المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر  1992 إلى أنه: 

"يقصد بالاختفاء القسري، الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون ولا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياس الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري".

بات الاختفاء القسري ظاهرة متكررة في مصر منذ انقلاب العسكر في الـ3 من تموز/يوليو 2013، إلى الحد الذي يذكر بسنوات الدكتاتورية في الأرجنتين

مصر التي تتمتع بحرية غير مسبوقة وفقا لتصريحات رئيسها وبرامجه الإعلامية، يحدث فيها الاختفاء القسري أسوة بسنوات الحرب القذرة في الأرجنتين حين كان الطلاب والموظفون والمواطنون يختطفون من مقار عملهم و من بيوتهم في الليل، في عمليات انتقامية، هو ما جعل الأمهات والجدات تتحركن للبحث عن أبنائهن وبناتهن فيما بات يعرف عالميا بحركة أمهات ميدان مايو. وهي الحركة التي اتخذت من وشاح الأمهات الذي يضعنه فوق رؤوسهن شعارا لها.

النظام في مصر الذي يسعى خلف "فلوس" الاستثمار، و يتأفف من الحركات الاحتجاجية، وخصص قانونا خاصا لقمع التظاهر، لا يعترف بجرائم الاختفاء القسري الذي وصل بعضها إلى خمس سنوات بحد أقصى وسنتين كما هو الحال في قصة أشرف شحاتة الذي تأبى وزارة الداخلية الموقرة أن تعترف بمكان وجوده. وتلهث أسرته حرفيا للبحث عنه منذ عامين على أمل تتبع حالته. المشكلة غياب الأوراق الرسمية للاعتقال، وبالتالي يعاني المختفي في بعض الأحيان تيها بالمعنى الحرفي في سجون الدولة.

أعلنت "مها مكاوي" في أكثر من مناسبة عن قضيتها وعن معاناة أسرتها من غيابه، بصفته الزوج ورب الأسرة والعائل الوحيد لها. لجأت الزوجة إلى إضراب عن الطعام. لكن لا حياة لمن تنادي.

جدد الجرح إعلان الوزارة عن أسماء بعض المختفين قسريا في سجن الزقازيق، و كان من بينهم اسم أشرف شحاتة. لكن اتضح في النهاية وجود تشابه في الأسماء ولم يكن المختفي هو أشرف شحاتة زوج مها مكاوي.

تورط بمباركة رسمية

يقول نشطاء إن الاختفاء القسري بات ظاهرة متكررة منذ انقلاب 3 تموز/يوليو 2013، مشيرين إلى أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام فقط تجاوز عدد هذه الحالات أكثر من 600 حالة دون إذن من النيابة العامة ودون تهمة محددة، بخلاف أكثر من أربعين ألف معتقل.

وفقاً لما صرحت به حملة "الحرية للجدعان" تم توثيق حالات إخفاء قسري واحتجاز من دون تحقيق في مصر منذ إبريل/نيسان الماضي، والتي بلغت 163 حالة تمت في 22 محافظة، وتم تصنيف 66 منها كحالة إخفاء قسري، و31 حالة إخفاء قسري من دون متابعة، و64 حالة إخفاء قسري منتهية، بالإضافة إلى حالتي وفاة، هما: إسلام عطيتو الذي سيق من لجنة امتحانه في كلية الهندسة جامعة عين شمس إلى مصيره المجهول ولقي حتفه في اليوم التالي، وصبري الغول، الذي قتل في مدينة العريش.

أما محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان،  فقد أشار إلى أن المجلس أحال لوزارة الداخلية 191 شكوى من أهالي المختفين قسريا خلال الفترة الماضية، وتم التعرف على 121 شكوى، وبقيت 70 حالة مجهولة المصير.

ثناء على السفاح!

في الثالث من كانون الأول/ديسمبر الماضي، وفي ذروة انتقاد الناس لانتهاكات الشرطة بحق المواطنين، زار الرئيس أكاديمية الشرطة، كانت رسالة هذه الزيارة واضحة للمعترضين على أداء الجهاز من المؤسسات الحقوقية وأصحاب الرأي والمواطنين العاديين. وجه الرئيس كلمة خلاصتها أنه لا يجب محاسبة جهاز الشرطة على بعض الأخطاء الفردية التي لا يجب تعميمها، ووجه الشكر لقيادة الجهاز على ما سماه بين قوسين "جهودها" في حماية الوطن والحفاظ على استقراره في ظل محاربة الإرهاب.

مؤخرًا خصصت مؤسسة الرئاسة 103 فدانًا من الأراضي لبناء سجون جديدة تستوعب الشباب، وبإضافتها إلى مساحات السجون الآن، تبدو المساحة الكلية رحبة لحالات إخفاء قسري لا تنتهي.

______

اقرأ/ي أيضًا: 

مصر الانقلاب..كوكتيل المنع والفقد

مصر..ستنتصر الحياة للمشاغب