الاحتلال يوسع دائرة الدم في غزة والضفة ويُخرج المستشفى الأوروبي عن الخدمة
15 مايو 2025
في تصعيد دموي جديد، وسّعت إسرائيل نطاق عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية، مخلفة عشرات الشهداء ومستهدفة البنية التحتية الطبية بشكل مباشر.
وقد تواصل القصف الجوي والمدفعي على مختلف مناطق قطاع غزة منذ فجر اليوم الخميس، ما أسفر عن استشهاد 74 فلسطينيًا، وفق ما أفادت به مصادر طبية، في وقت لا تزال فيه طواقم الدفاع المدني تعمل على انتشال الضحايا من تحت الأنقاض وسط ظروف إنسانية مأساوية.
وفي مدينة خانيونس جنوبي القطاع، ارتفع عدد الشهداء جراء الغارات الإسرائيلية إلى أكثر من 30 شهيدًا، فيما استُشهد 3 فلسطينيين إثر قصف استهدف منزلًا غربي دير البلح وسط القطاع. كما أعلنت فرق الإنقاذ عن انتشال 5 شهداء ومصابين من منزل في جباليا شمال القطاع بعد تعرضه لقصف جوي.
تواصل القصف الجوي والمدفعي على مختلف مناطق قطاع غزة منذ فجر اليوم الخميس
وفي سياق مواصلة إسرائيل استهداف الصحفيين والعاملين في الحقل الإعلامي، استُشهد الصحفي حسن سمور وعدد من أفراد أسرته جراء قصف منزلهم في مدينة خانيونس، في هجوم جديد يعكس الخطر المتصاعد الذي يواجهه الإعلاميون في قطاع غزة.
وشهدت بلدة خزاعة شرقي خانيونس غارة جوية، كما تعرضت منطقة السكة وسط المدينة لقصف عنيف أسفر عن سقوط ضحايا.
المستشفى الأوروبي خارج الخدمة
أعلنت وزارة الصحة في غزة أن مستشفى غزة الأوروبي خرج عن الخدمة بشكل كامل نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة، والتي ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية، من ضمنها خطوط الصرف الصحي والأقسام الداخلية، بالإضافة إلى تدمير الطرق المؤدية إلى المستشفى.
وأوضحت الوزارة أن استمرار القصف جعل من المستحيل تقديم الرعاية الطبية، بسبب الخطر المباشر على الطواقم الطبية والمرضى والجرحى. وأكدت أن توقف المستشفى عن العمل يعني فقدان خدمات تخصصية حيوية لا تتوفر إلا فيه، مثل جراحة الأعصاب، وجراحة الصدر، ومركز القسطرة القلبية، وجراحة القلب والأوعية الدموية، وطب العيون.
كما أشارت إلى أن مستشفى غزة الأوروبي بات المستشفى الوحيد المتبقي لمتابعة مرضى السرطان في القطاع بعد تدمير مستشفى الصداقة التركي، مما يعني أن خروجه عن العمل سيحرم هؤلاء المرضى من مواصلة بروتوكولاتهم العلاجية ويضاعف من تدهور حالتهم الصحية. ويضم المستشفى 28 سريرًا للعناية المركزة، و12 حضّانة للأطفال، و260 سرير مبيت، و25 سريرًا للطوارئ، و60 سريرًا لمرضى الأورام، جميعها توقفت عن العمل بالكامل.
النظام الصحي منهار بالكامل
قال مدير مجمع الشفاء الطبي، الدكتور محمد أبو سلمية، في تصريح لـ "التلفزيون العربي"، إن الاحتلال يتعمد استهداف المستشفيات والمنشآت الطبية، بالتزامن مع الانهيار الكامل للمنظومة الصحية، في ظل منع إسرائيل إدخال أي مساعدات إنسانية أو طبية، ما يؤكد، وفق قوله، وجود نية "لتصفية أكبر عدد من سكان القطاع".
من جهتها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إن نحو 90% من سكان قطاع غزة اضطروا إلى النزوح من منازلهم منذ بدء الحرب، وبعد 77 عامًا من النكبة، لا يزال الفلسطينيون يُشردون قسرًا من أرضهم.
تصعيد ميداني في الضفة الغربية
بالتوازي مع العدوان على غزة، وسّعت قوات الاحتلال من عملياتها العسكرية في الضفة الغربية المحتلة. واقتحمت صباح اليوم الخميس بلدة طمون شمالي الضفة، مدعومة بجرافة عسكرية وآليات قتالية، حيث حاصرتمنزلًا فلسطينيًا واعتلت سطحه، وصادرت أسلحة تعود لشبان فلسطينيين تحصنوا بداخله، بحسب مصادر محلية.
وشهدت البلدة إطلاق نار كثيف وتفجيرات متفرقة، فيما أعلنت كتيبة طوباس في بيان لها أن مقاتليها يشتبكون مع قوات الاحتلال في محاور القتال المختلفة، ويستهدفون قوات المشاة "بوابل كثيف من الرصاص"، مؤكدة وقوع إصابات مؤكدة في صفوف الجنود.
وذكرت المصادر المحلية أن قوات الاحتلال فجّرت مقهىً قرب جامعة القدس المفتوحة في مدينة طوباس.
وفي مخيم قلنديا شمال شرقي القدس المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال المخيم وسط إطلاق نار وقنابل غاز، دون تسجيل إصابات حتى اللحظة، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
كما اندلعت مواجهات عنيفة في بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم مساء أمس الأربعاء، بعد اقتحام قوات الاحتلال للبلدة ومداهمة عدة منازل في أحياء متفرقة، تخللها إطلاق قنابل الغاز والصوت.
قطر تنتقد إسرائيل وتشكك في نواياها التفاوضية
في الشأن السياسي، عبّر رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في مقابلة مع قناة "سي أن أن" عن استيائه من الموقف الإسرائيلي، مؤكدًا أن تل أبيب تبعث "بإشارات سيئة" من خلال مواصلة قصف غزة في الوقت الذي ترسل فيه وفدًا للمفاوضات، ما يُظهر تناقضًا واضحًا في سلوكها.
واعتبر الوزير أن إطلاق سراح المحتجز عيدان ألكسندر يمثل اختراقًا مهمًا لإعادة التفاوض إلى مساره، لكنه استبعد تحقيق أي تقدم قريب في محادثات وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن رد إسرائيل على إطلاق سراح عيدان ألكسندر يُعزز الانطباع بعدم جدية الحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل تصريحاتها بشأن الاستعداد للتفاوض دون إنهاء الحرب، وهو ما اعتبره مؤشرًا على غياب النية الحقيقية للتوصل إلى حل.
وأوضح أن قطر أبلغت الإسرائيليين بضرورة الدخول في مفاوضات هادفة، مشددًا في الوقت نفسه على أن بلاده لم تتلقّ أي خطة إنسانية أميركية بشأن غزة، وأن ما يُتداول حاليًا لا يتجاوز التقارير الإعلامية.
وخلص إلى القول إنه لا حاجة لخطة إنسانية جديدة، بل يجب تمكين الأمم المتحدة من أداء مهامها في إيصال المساعدات وحماية المدنيين داخل القطاع.
غضب في إسرائيل بسبب ملف الأسرى: انتقادات داخلية لنتنياهو
وفي الداخل الإسرائيلي، وجهت هيئة عائلات الأسرى في غزة رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير، تساءلت فيها: "كيف يمكن إطلاق سراح المحتجزين دون مقابل؟".
وقال شقيق أحد الجنود المحتجزين: "الحكومة لم تحسب لنا حسابًا منذ البداية وتخلت عنا"، معربًا عن أمله في أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب الوحيد القادر على تحريك هذا الملف.
من جانبه، وصف عضو حزب معسكر الدولة، غادي آيزنكوت، إصرار نتنياهو على إتمام صفقة جزئية بأنه "خطأ فادح".
من جانبه، صرّح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد بأن "الجميع يعلم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد سئم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو"، منتقدًا تقاعس الحكومة الإسرائيلية في ملف الأسرى.
وأكد أنه من غير المعقول أن تتمكن الإدارة الأميركية من استعادة مواطنيها، بينما تفشل إسرائيل في ذلك، مشددًا على أن المختطفين وقعوا في الأسر خلال فترة عمل الحكومة الحالية، ومن مسؤوليتها إعادتهم.
وأضاف أن الوضع في غزة يقتضي التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، في حين أن القضاء على حركة حماس هو هدف طويل الأمد يتطلب سنوات من الجهد. وختم بالقول إن إسرائيل بحاجة إلى إنشاء منطقة عازلة في القطاع، لكنها في الوقت ذاته مطالبة بحسم مسألة الجهة التي ستتولى إدارة غزة لاحقًا.