01-أغسطس-2019

فقد الشارع السوداني الثقة في المجلس العسكري واتسعت الهوة بينه وبين قوى الحرية والتغيير (أ.ف.ب)

رضوخًا لضغوط المبعوث الأفريقي، الحسن ولد لبات، اتفق طرفا الأزمة في السودان على الانخراط في جولة أخرى من المفاوضات في الأيام القادمة، بعد اجتماع اللجنة الفنية المشتركة بين قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي، يوم أمسٍ الأربعاء 31 تموز/يوليو 2019. 

جرى الاتفاق على إجراء مفاوضات أخرى للاتفاق النهائي على الوثيقة الدستورية، في ظل انعدام ثقة الشارع السوداني في المجلس العسكري

والغرض من جولة أخرى من المفاوضات، الاتفاق النهائي لتوقيع الوثيقة الدستورية المكملة للوثيقة السياسية الموقعة سابقًا. غير أن هذه المفاوضات المرتقبة سوف تجري في جوٍ يسوده نوع من القتامة والغليان في الشارع السوداني، خاصة بعد حادثة مدينة الأبيض، حاضرة شمال كردفان، حيث تعرض متظاهرون للاعتداء من قبل مسلحين، ما أسفر عن مقتل سبعة من المتظاهرين.

اقرأ/ي أيضًا: تقرير لجنة التحقيق يفتح الباب أمام مزيد من الاحتمالات الثورية في السودان

كما تسود حالة انعدام تام للثقة في المؤسسة العسكرية، خاصة بعد تقرير لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة، فضلًا عن اتساع الهوة بين الشارع السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير، التي تقود الحراك سياسيًا. 

حادثة الأبيض وغليان الشارع السوداني

لم تضمد جراح بعض المصابين على إثر مجزرة فض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم في 29 رمضان الماضي، إلا وكسا الحزن مرة أخرى الشارع السوداني، بالاعتداء على تظاهرة للطلبة في مدينة الأبيض، أفضت إلى مقتل سبعة وإصابة عشرات آخرين. وقد وجهت الاتهامات من قبل المتظاهرين مباشرة إلى قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، نفسها الضالعة في مجزرة القيادة العامة.

احتجاجات السودان
يزداد احتقان الشارع السوداني مع كثرة الدماء المسالة

أدى الحادث إلى زيادة الاحتقان في الشارع السوداني تجاه المجلس العسكري، رافقه غضب تجاه قوى الحرية والتغيير بسبب ما يعتبره كثيرون "مواقف مائعة"، وهو تعبير استخدم كذلك للوصف تعليق الحرية والتغيير على تقرير لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة. 

ومع تطورات حادثة الأبيض، انتظم الشارع السوداني خلال الأيام الماضية في احتجاجات واسعة في أنحاء السودان، تنديدًا بمقتل الطلبة، فيما دعا تجمع المهنيين، لمليونية "القصاص العادل"، اليوم الخميس. 

مفاوضات الوثيقة الدستورية وانقسام الشارع السوداني

يشهد الشارع السوداني الآن انقسامًا أعمق من الوقت الذي سبق التوقيع على الوثيقة السياسية. ومن المتوقع أن المفاوضات المرتقبة، ستجري في ظل احتقان كبير من قبل المواطنين تجاه المجلس العسكري وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، والتي تبرز حولها العديد من علامات الاستفهام، عن دورها ودور حميدتي المثير للشكوك في المشهد السياسي بالبلاد.

يُضاف إلى ذلك أزمة الثقة بين الشارع السوداني وقوى الحرية والتغيير، والتي وصلت لحد تخوين البعض لقادة في قوى الحرية والتغيير. كل ذلك يمثل مهددات لمفاوضات الاتفاق النهائي على الوثيقة الدستورية.

احتمالات الفشل!

تبدو احتمالات فشل المفاوضات المرتقبة كبيرة، لعدة أسباب:

1. عدم تضمين الحركات المسلحة في هذا الاتفاق: وهي من الانتقادات التي قدمت للوثيقة السياسية السابقة، فحسب المتحدث الرسمي باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد، منسق لجنة الدستور في إعلان قوى الحرية والتغيير، فإن هنالك قوى رئيسية ومؤثرة غير موجودة، وهي الجبهة الثورية.

كما لم يتم تضمين قضايا السلام التي تم الاتفاق عليها بين قوى الحرية والتغيير في محادثات أديس أبابا، في الوثيقة الدستورية، الأمر الذي اعتبره سعيد "خطأ فادحًا قد يطيح بالاتفاق".

السودان
تبدو احتمالات فشل المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير كبيرة

 

2. رفض الحزب الشيوعي المشاركة في المفاوضات: يرفض الحزب الشيوعي المشاركة في المفاوضات بحجة ارتكاب المبعوث الأفريقي "خطأً جسيمًا"، فحسب الحزب فإن لبات قد "انحرف عن مهمته الأساسية، وهي الإشراف على نقل السلطة من العسكريين إلى المدنيين، وأصبح يطرح محاصصة". 

كما أن الحزب في مؤتمر له أمس الأربعاء، ذكر بأنه لن يشارك في أي تفاوض مع المجلس العسكري لأنه "قام بقتل المتظاهرين العزل"، وطالب الحزب بحل كل المليشيات المسلحة بما فيها الدعم السريع.

3. خطر فلول نظام البشير: يمثل فلول نظام الرئيس المطاح به عمر البشير، إحدى مهددات نجاح المفاوضات، لما قد يعنيه ذلك من تطور في المشهد السياسي قد يؤدي في إحدى حالاته الأكثر تفاؤلًا، مساءلة لأوجه الفساد السابقة.

اتسعت الهوة بين الشارع السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير، لدرجة تخوين البعض لقادة في ائتلاف القوى الذي يمثل الحراك سياسيًا

هذا ولا يتضح أن لدى الشعب السوداني أملًا كبيرًا في أن توقف هذه المفاوضات حمام الدماء، مع تكرر العنف المفرط والمميت تجاه المتظاهرين. كما لا يأمل كثيرون في الشارع السوداني أن يضمن لهم الاتفاق الناجم من المفاوضات العدالة والقصاص. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الانقلاب الفاشل في السودان.. مسرحية حميدتي لإتمام السيطرة؟

جدال واسع في الشارع السوداني بشأن محادثات أديس أبابا