استبق وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الجولة الثالثة من المفاوضات النووية مع إيران، بتصريحات أكد فيها أن أي اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة يجب أن ينصّ على وقف إيران لتخصيب اليورانيوم بشكل كامل، مع السماح لها فقط باستيراد الكميات اللازمة للأغراض المدنية.
وتكشف تصريحات روبيو عن إصرار إدارة ترامب على تفكيك البرنامج النووي الإيراني، من خلال التخلص الكامل من مخزون اليورانيوم المخصّب وأجهزة الطرد المركزي. وهو موقف ينسجم مع المطالب الإسرائيلية، كما يوضح التصريحات السابقة للمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، والتي فُهم منها أن الإدارة ربما تسمح بالتخصيب عند مستويات منخفضة، كما هو وارد في اتفاق 2015.
ويأتي هذا التصعيد في الموقف الأميركي بالتزامن مع تأجيل الجولة الثالثة من المفاوضات التي كانت مقررة يوم الأربعاء، إلى يوم السبت المقبل، ومع اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إضافة إلى إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على رجل الأعمال الإيراني سيد أسد الله إمام جمعة، وشبكته التجارية، بتهمة شحن كميات ضخمة من الغاز والنفط إلى الخارج، وجمع مئات الملايين من الدولارات، تُستخدم، حسب بيان الوزارة، في تمويل البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين.
تصرّ إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم
ردّت طهران بامتعاض على الحزمة الجديدة من العقوبات الأميركية، واعتبرتها "مؤشرًا واضحًا على الموقف العدائي لإدارة واشنطن تجاه الشعب الإيراني"، مشيرة إلى أنها "تتناقض مع مسار الحوار القائم بين البلدين". وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن "واشنطن تمارس الترهيب السياسي، والعقوبات غير قانونية". ويُعتقد على نطاق واسع أن قرار تأجيل جلسة المفاوضات الأخيرة مرتبط بهذه التطورات.
هل تقبل إيران باستيراد اليورانيوم المخصّب؟
في مقابلة مع موقع "ذا فري برس"، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إنّه لا يمكن القبول بأي برنامج نووي إيراني يشمل التخصيب المحلي لليورانيوم، مشددًا على أن السبيل الوحيد المسموح به لإيران، إذا كانت جادة في التوصّل إلى اتفاق، هو استيراد اليورانيوم لأغراض مدنية فقط، بعد التخلص الكامل من أجهزة الطرد المركزي والمخزونات المخصبة.
وأضاف روبيو: "إذا أصرّوا على التخصيب، فسيكونون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تملك برنامجًا نوويًا عسكريًا، ومع ذلك تُخصّب اليورانيوم بنفسها. وهذا أمر إشكالي للغاية".
وفيما بدا توضيحًا لتصريحات سابقة للمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، أوضح روبيو أن "ويتكوف كان يشير إلى مستويات المواد المخصبة التي يمكن لإيران استيرادها، على غرار ما تقوم به دول أخرى في إطار برامجها النووية السلمية".
وكان ويتكوف قد أثار الجدل سابقًا حين تحدث عن "عدم الحاجة لتجاوز نسبة تخصيب 3.67%"، قبل أن يعود ليؤكد لاحقًا أن على إيران "التخلي عن التخصيب بالكامل".
الموقف الإيراني
من جانبها، تؤكد طهران باستمرار أن حقها في تخصيب اليورانيوم "غير قابل للتفاوض". وقال مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز"، إن "فرض حظر شامل على التخصيب مرفوض بالكامل من الجانب الإيراني".
وقال وزير الخارجية الإيراني في تصريحات جديدة إن "التناقض في الرسائل الأميركية يزيد من حذر طهران"، لكنه أكد أن الوفد الإيراني سيشارك في الجولة المقبلة من المحادثات في سلطنة عمان بـ"جدية"، مطالبًا الولايات المتحدة بإظهار التزام مماثل.
وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران رفعت بالفعل نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة التقنية لتصنيع الأسلحة (90%)، وهو ما حصل بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي في 2018.
ويُذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدّد عزمه منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وفعّل منذ عودته إلى البيت الأبيض سياسة "الضغط الأقصى"، ملوّحًا بالخيار العسكري، وبدأ حملة عسكرية في اليمن تستهدف جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ما تزال مستمرة حتى اليوم.