17-نوفمبر-2016

إبراهيم الصلحي/ السودان

1

لم تكن له أقدام
حين ولد،
بل شرائط ملونة.
ولم يكن يعرف
أن للإنسان
قدمين
يسير بهما..
لذا،
كان يظن نفسه
هدية..
وكل عيد
كان يربط شرائطه
وينتظر أن يفتحه أحد..

2

 لم يكن يعرف أيضًا
أن شخصًا ما أوجده
وكان يصدق حكاية قديمة
عن لقلق،
يحضر الأطفال
من صدفات البحر..
وكان يظن أن النوم
يعني العودة
إلى الوطن القديم..
وكان وطنه بحرًا
وأمه صدفة..
وحين كان الشخص
الذي أوجده
يهدهده لينام
كان يذهب إلى البحر
ويقفز..
ولم يكن أحد،
يفهم رغبته..

3

كان صديقًا
للعتبات القديمة..
وكان لا يفهم
لماذا لا يصادق أحد ما
عتبة
أو يدعوها للخروج معه..
وكان يجلس دائما بجوار الباب
وفهموا جلوسه
على أنه رغبة
في المغادرة.
وحين سُئل عن أمنيته
قال إنه يريد أن يصير
مصباحًا،
وقال إنه تزوج عتبة
ويريد أن يسطع عليها..
ولم يكن أحد
يفهم حديثه
فقالوا جُنّ
لأنه لم تكن له أقدام
وكان يظن وطنه بحرًا
وأمه صَدفة
وقالوا شيئا
عن كونه ليس إنسانًا..
وحين سألهم ما يكون؟
قالوا:
رغبة قديمة
في المغادرة.

4

مرة سمع صوتًا
فقال بأن للأصوات
ألوانًا وروائح..
وقال بأن الناس
أشكال هندسية..
ولم يكن أحد يفهم حديثه..
لكنه تابع:
بأن للبحر
صوتًا رماديًا..
وأنه يبكي
لأنه أضاع حبيبة قديمة..
وقال بأن البحر حزين،
لأنه كلما أحب صبية
وذهب إليها
غرقت فيه..
وقال بأن البحر،
لم يرد
أن يصير بحرًا
بل عتبة قديمة..
وإنه تمنى
لو أن له حبيبة
تشبه ضوءًا
يسطع عليه.

5

كان البكاء عنده
يشبه القفز..
و لأنه لم تكن له أقدام
بل عجلات..
ولم يكن إنسانًا
بل كرسيًا مدولبًا.
كان كلما رغب في البكاء
وقف على حافة
وطلب من أحد
أن يدفعه..
ولأن أحدًا
لم يكن يفهم حديثه..
كانوا يتركونه واقفًا
هكذا،
على الحواف
والشرفات المفتوحة..
لذلك،
لم يكن يبكي..
كان رغبة قديمة
في البكاء.
وفهم لأول مرة حديثهم
وعرف معنى
ألا يكون لديه أصدقاء
وألا يكون إنسانًا
بل كرسيًا مدولبًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أيُّ مجزرة أحمل في قلبي؟

رغبة قديمة لامتطاء أخطبوط