10-يناير-2023
gettyimages

تتجه تركيا للتطبيع مع نظام الأسد بشكلٍ كامل خلال الفترة المقبلة وسط الحديث عن دور إماراتي في العملية (Getty)

حمل العام الجديد معه أخبارًا متواليةً حول التطبيع مع النظام السوري، تتصدرها تركيا تحديدًا، التي تسعى لإعادة علاقاتها مع نظام الأسد بعد قطعها عام 2011. ويأتي ذلك بعد محاولات عربية لإعادة تعويم النظام السوري مرةً أخرى، تكثفت عند عقدة قمة الجامعة العربية في الجزائر، دون نجاح.

يحمل العام الجديد معه، أخبارًا متواليةً حول التطبيع مع النظام السوري، تتصدرها تركيا تحديدًا، التي تسعى تجاه إعادة علاقاتها مع نظام الأسد

وفي الأيام الأولى من العام الجديد، استقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، للمرة الثانية، فيما جاءت هذه الزيارة، بعد أقل من عام على زيارة الأسد للإمارات، في واحدةٍ من زياراته الخارجية المحدودة منذ بداية الثورة السورية. ومع كل هذه المحاولات، تشير تقارير إعلامية إلى أن الإمارات تلعب دورًا فعالًا في إعادة تأهيل نظام الأسد، سعيًا لتطبيع العلاقات معه من قبل عدة دول عربية وأخرى من المنطقة.

جذور هذه العلاقة مع نظام الأسد، برزت بشكلٍ علني عند قيام الإمارات بإعادة فتح سفارتها لدى النظام السوري في دمشق في كانون الأول /ديسمبر 2018، وكانت قبلها قد رحبت بالتدخل العسكري الروسي في سوريا في نهاية أيلول/ سبتمبر 2015، والذي أدى لاحقًا لسيطرة نظام الأسد على مناطق واسعة في سوريا، وارتكاب مئات المجازر ضد الشعب السوري.

getty

وبالرغم من وجود "قانون قيصر"، إلّا أنّ الإمارات سعت إلى دعم نظام الأسد بشكل سري، وشمل ذلك تدريب ضباط مخابرات النظام على أنظمة المعلومات والاتصالات، وكذلك الأمن السيبراني والشبكات طوال عام 2020، وزودت الشركات الإماراتية جيش الأسد بالوقود. كما أن الإمارات من الدول التي شددت على ضرورة إعادة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية للنظام، عبر الحشد لهذا المقترح الذي لم يكلل بالنجاح.

مؤخرًا، ومع تسارع وتيرة التقارب بين تركيا والنظام السوري، والذي توج باللقاء الثلاثي في موسكو بين وزيري دفاع تركيا والنظام السوري، ورؤساء جهازي المخابرات، بحضور روسي، صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، عن لقاء سيجمعه في النصف الثاني من هذا الشهر مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد، دون تحديد مكان انعقاده، لكن مصادر إعلامية روسية  قالت إن أبو ظبي ستكون مكان انعقاد هذا اللقاء، وقد يكون اللقاء تمهيدًا لاجتماع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبشار الأسد.

getty

وربطت التقديرات بين زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد إلى دمشق الأربعاء الماضي، واللقاء مع بشار الأسد، بمساعي التقارب بين تركيا والنظام السوري، خاصةً أن الزيارة جاءت بعد ساعات فقط من اتصال هاتفي بين الوزير الإماراتي ونظيره التركي. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة على الملف لوكالة "بلومبرغ" الأمريكية عن أن تركيا ستعقد صفقة مع نظام الأسد، بدعم روسي وإماراتي.

وبحسب الوكالة، فإن تركيا مستعدة الآن للاعتراف علنًا بشرعية حكم بشار الأسد في سوريا، والعمل على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية والأمنية والتجارية معه، بجهود روسية وإماراتية. ويريد الرئيس التركي مقابل ذلك من رئيس النظام السوري، المشاركة في منع  قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة، من تشكيل منطقة حكم ذاتي في أجزاء من الشمال السوري التي تسيطر عليها حاليًا، كجزء من أي اتفاق مستقبلي، وطرح أردوغان فكرة الاجتماع مع الأسد، بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، قائلًا "سنجتمع كقادة وفقًا للتطورات".

المساعي الإماراتية للدفع بهذا التقارب، ستعزز من تموضعها كوسيط إقليمي قادر على تحقيق اختراقات نوعية في الملفات الحساسة في المنطقة، فالإمارات تأمل أن يكون لها دور في أية وساطة مستقبلية ما بين النظام السوري وإسرائيل. كما تقدم الإمارات تبريرات لنهجها هذا، بأنها تسعى لإبعاد الأسد عن النفوذ الإيراني، وقد تمهد الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام، للذهاب نحو هذه الخطوة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الإمارات للحصول على مكاسب اقتصادية من خلال مشاريع إعادة "إعمار سوريا"، خاصة وأنها كانت ثاني بلد عربي مستثمر هناك، قبل قيام الثورة السورية. 

في المقابل، يبدو أن الولايات المتحدة غير راضية على تطور العلاقات بين الإمارات والنظام السوري، وكذلك التقارب التركي مع الأسد، وفي هذا الإطار قال عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور جيم ريش، في تعليقه على زيارة وزير الخارجية الإماراتي الأخيرة إلى دمشق، أن "تقارب الإمارات مع نظام الأسد لا يوفر فائدةً تذكر للبلد الخليجي، كما أنه ينطوي على مخاطر كبيرة على سمعة أبوظبي، ويمكن أن يعرضها لعقوبات قيصر، إضافة إلى أن مساعي الإمارات تضر بجهود السعي إلى المساءلة عن جرائم الأسد ضد الشعب السوري".

يذكر أن الموقف الأمريكي الرسمي كان صريحًا برفض التقارب التركي مع نظام الأسد، وعبر عن ذلك منسق الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الإستراتيجية جون كيربي، قائلًا إن بلاده "تنتظر نتائج محادثات تركيا مع النظام السوري"، مؤكدًا في الوقت نفسه أن "واشنطن لن تشجع أي دولة على تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد"، وتابع كيربي بأن بلاده "لا ترى التقارب التركي مع النظام السوري خطوة صحيحة"، مشددًا على أن واشنطن "لم تقم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، ولن تشجع أي دولة على تطبيع علاقاتها معه".

الموقف الأمريكي الرسمي كان صريحًا برفض التقارب التركي مع نظام الأسد

لكن يبدو أن الإمارات تتجاوز التحذير الأمريكي بخصوص لعبها دور إعادة تأهيل نظام الأسد، فهى  ترى نفسها أقرب للرؤية الروسية للحل في سوريا، خاصةً بعد تضارب المواقف بين أبوظبي وواشنطن، في عدد من القضايا، كان من بينها الموقف الإماراتي من الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد أثار موقفها شعورًا بالغضب والخيبة والإحباط في البيت الأبيض، حيث ينظر لأبو ظبي على أنها أحد الشركاء في الشرق الأوسط.

دلالات: