الإغلاق الحكومي يدخل أسبوعه الثالث وإدارة ترامب تواصل عمليات الترحيل والتضييق على الحريات
15 أكتوبر 2025
يتأكّد يومًا بعد آخر أنّ الحريات في الولايات المتحدة الأميركية، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، باتت مهدَّدة أكثر من أيّ وقت مضى؛ إذ أقدمت وزارة الخارجية على إلغاء تأشيرات ستة أجانب لمجرّد تعبيرهم عن آراء تتعلّق باغتيال الناشط المحافظ المقرّب من ترامب، تشارلي كيرك، تناولوا فيها مواقفه وتصريحاته المعادية للأجانب عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي خضمّ هذا التطوّر، الذي وصفه المنتقدون بـ"السابقة الخطيرة"، رحّلت السلطات الأميركية أيضًا دفعةً جديدة من المهاجرين المنتمين إلى دول غرب إفريقيا نحو جمهورية غانا. ويأتي ذلك فيما يتواصل الإغلاق الحكومي للأسبوع الثالث على التوالي بسبب الخلافات الحادّة بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونغرس.
دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأميركية أسبوعه الثالث وسط تهديدات من ترامب للديمقراطيين بتنفيذ مخططه لتسريح عشرات آلاف الموظفين في القطاع العام
إلغاء التأشيرات
قالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيانٍ نشرته على منصة "إكس"، إنّ "الولايات المتحدة غير ملزَمة باستضافة أجانبٍ يتمنّون الموت للأميركيين"، على حدّ تعبيرها، وذلك في سياق تبريرها قرارَ إلغاء تأشيرات ستة أشخاص يحملون جنسيات ألمانيا والبرازيل وجنوب إفريقيا والأرجنتين وباراغواي والمكسيك.
وأضافت الوزارة أنّ الشخص الذي يحمل الجنسية الأرجنتينية اتَّهم، في أحد منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، تشارلي كيرك بـ"نشر خطاب عنصري ومعادٍ للأجانب وللنساء"، فيما كتب الشخص الذي يحمل الجنسية الألمانية، تعليقًا على اغتيال كيرك: "عندما يموت الفاشيون، لا يشتكي الديمقراطيون"، وهو ما اعتبرته الخارجية "خطابًا يحرّض على العنف ويبرّره".
وأشار البيان إلى أنّ المصالح الأميركية تواصل تحديد "حاملي التأشيرات الذين احتفلوا باغتيال تشارلي كيرك"، في مؤشرٍ على مستوى الرقابة الذي تمارسه إدارة ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وسبق للإدارة الأميركية أن توعّدت باتخاذ إجراءات عقابية ضد الأجانب الذين "يشيدون بوفاة كيرك أو يبرّرونها أو يستهينون بها".
وكان تشارلي كيرك قد اغتيل في العاشر من أيلول/سبتمبر الماضي داخل جامعة يوتا، أثناء مشاركته في فعالية جامعية، على يد تايلور روبنسون. وتمكّن كيرك خلال سنوات نشاطه من جذب قطاعٍ واسع من الشباب الجامعي الأميركي إلى التيار المحافظ، وكان من أبرز الداعمين لإسرائيل. وبعد اغتياله، منحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسام الحرية الرئاسي، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة.
الترحيل مستمر
تشنّ إدارة الرئيس الأميركي، منذ كانون الثاني/يناير 2025، حملة لا هوادة فيها على الهجرة والمهاجرين. وفي أحدث فصول هذه الحملة، قامت الإدارة الأميركية بترحيل 14 إفريقيًا ينتمون إلى غرب القارة السمراء نحو غانا، التي كانت قد استضافت 28 مُرحّلًا قبل ذلك.
وأفادت الحكومة الكونغولية بوصول الدفعة الأخيرة من المُرحّلين إلى أراضيها قبل يوم أمس الإثنين، فيما اعترفت وزارة الخارجية الغانية بأنها وافقت على استقبال المُرحّلين مقابل "رفع قيود تفرضها واشنطن على التأشيرات".
وفي السياق نفسه، رفعت منظمة حقوقية غانية دعوى قضائية تطعن في الأساس القانوني لموافقة الحكومة على استقبال المُرحّلين قسرًا من الولايات المتحدة. وقال محامو منظمة "Democracy Hub" إن الاتفاق غير دستوري، لأن البرلمان الغاني لم يُصادِق عليه.
كما التحقت الغابون مؤخرًا بركب الدول التي وافقت على استقبال المُرحّلين من الولايات المتحدة الأميركية، والذين يصفهم الرئيس دونالد ترامب بـ"المجرمين".
وكانت وكالة أسوشيتد برس قد كشفت في وقت سابق عن اتفاقٍ سري بين إدارة ترامب وخمس دول إفريقية على الأقل، هي: السنغال، وليبيريا، وغينيا بيساو، وغانا، والغابون، لاستقبال المهاجرين المُرحّلين من الولايات المتحدة. وبموجب تلك الاتفاقيات، تم ترحيل المئات إلى هذه الدول منذ تموز/يوليو الماضي.
كما عقدت إدارة ترامب اتفاقيات مماثلة مع دول في أميركا اللاتينية، من بينها هندوراس وغواتيمالا.
استمرار أزمة الإغلاق الحكومي
دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأميركية أسبوعه الثالث، بعدما أخفق مجلس الشيوخ للمرة الثامنة على التوالي في تمرير مشروع قانون بشأن تمويلٍ فيدراليٍّ مؤقتٍ لإنهاء الإغلاق، وسط استمرار الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين حول عددٍ من البنود الرئيسية في مشروع الموازنة.
ويُشار إلى أن تمرير مشاريع القوانين المالية يتطلب موافقة 60 عضوًا في مجلس الشيوخ، فيما حظي مشروع الموازنة في آخر جلسة بأصوات 45 عضوًا، في حين صوّت ضده 45 آخرون.
وسجّلت الولايات المتحدة الأميركية أطول إغلاق حكومي خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب عامَي 2018 و2019، حين استمر الإغلاق خمسة أسابيع، تكبّد خلالها الاقتصاد الأميركي خسائر قُدّرت بنحو 11 مليار دولار.
ويهدد ترامب الديمقراطيين بتنفيذ مخططه الرامي إلى تسريح آلاف موظفي القطاع العام إذا لم يتم إنهاء الإغلاق الحكومي الحالي. يُذكر أن الإغلاقات الحكومية تؤدي عادةً إلى تعطيل صرف رواتب آلاف الموظفين المدنيين والعسكريين، كما تؤثر على سير عمل المرافق الحكومية ووكالات النقل.