22-ديسمبر-2018

يعتقد خبراء أنه لا أمل في إصلاح وتطوير الإعلام الحكومي اللبناني (TL)

في وقت تتعدد فيه وتكثر الوسائل الإعلامية في لبنان، من محطات تلفزة وإذاعة، وصحف ورقية وإلكترونية؛ ينحصر عمل الإعلام الحكومي بإذاعة لبنان التي بدأت البث إبّان فترة الانتداب الفرنسي، قبل أن تتولى الحكومة اللبنانية إدارتها والإشراف عليها بعد الاستقلال، إضافة إلى تلفزيون لبنان، والوكالة الوطنية للإعلام، التي تتولى نشر الأخبار الرسمية عبر الإنترنت، في حين لا توجد صحيفة يومية واحدة حكومية.

منذ أربع سنوات ولا يوجد مجلس إدارة للتلفزيون اللبناني الحكومي، بسبب التجاذبات السياسية التي أعاقت تعيين مجلس جديد

وفيما تتبع المحطات التلفزيونية والإذاعية للأحزاب السياسية بشكل مباشر، مثل تلفزيون المستقبل التابع لتيار المستقبل، وقناة المنار وإذاعة النور لحزب الله، وOTV  للتيار الوطني الحر. أو يكون لها توجهات سياسية واضحة أو مبطّنة مثل LBC وتلفزيون الجديد؛ فإن وسائل الإعلام الحكومية يفترض بها أن تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وألا تتبنى وجهة نظر هذا الفريق أو ذاك، وألا تكون بالتالي جزءًا من الانقسام السياسي.

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام اللبناني يضرب مجددًا!

"لا يمكن منافسة الإعلام الخاص"

تواصل "ألترا صوت" مع الإعلامي اللبناني المخضرم عبد الغني طليس، مقدم برنامج "مسا النور" على شاشة تلفزيون لبنان، للحديث عن واقع الإعلام الحكومي في لبنان. 

وأقر طليس بأن الإعلام الحكومي في لبنان أقل انتشارًا من الإعلام الخاص، ومنذ سنوات طويلة، ويُرجع ذلك لخضوعه لمعايير وضوابط خاصة ومحددة تقررها الحكومة، إضافة إلى أن هناك برامج كثيرة لا يستطيع الإعلام الحكومي إنتاجها، على عكس المحطات الخاصة، التي لديها هامش كبير من الحرية، ومن رأس المال.

وفي ما يخص البرامج السياسية، قال طليس إن الإعلام الرسمي "لا يمكنه تقديم برامج توك شو وحوارات مبنية على نقاشات حادة بين المتخاصمين السياسيين"، موضحًا: "السياسة الرسمية للإعلام الحكومي هي التقريب بين الفرقاء وليس استثارتهم واستدراجهم لحوارات ساخنة". 

في المقابل تنتشر هذه النوعية من البرامج الحوارية في الإعلام الخاص، الأمر الذي يحسم المنافسة لصالح الإعلام الخاص دون وجه مقارنة.

عبدالغني طليس
طليس: لم يطرأ أي تحديث على الإعلام الحكومي اللبناني في السنوات الأخيرة

وأكد الإعلامي اللبناني أنه لم يطرأ أي تحديث على مؤسستي التلفزيون والإذاعة الحكوميتين خلال السنوات الأخيرة، لا على صعيد المحتوى، ولا على صعيد الكادر الفني والتقني، بل تصل الحال المعقدة لذروتها بعدم وجود مجلس إدارة للتلفزيون منذ أربع سنوات، بسبب التجاذبات السياسية التي أعاقت تعيين مجلس جديد، بحسب عبدالغني طليس.

غير أن طليس ينتظر وزملاؤه من الإعلاميين وغيرهم من كوادر المؤسسة الإعلامية الحكومية، تنفيذ وعود بإجراء إصلاحات من شأنها تطوير قطاع الإعلام الحكومي، بُعيد تشكيل الحكومة المرتقبة.

متى ظهر "تلفزيون لبنان"؟

في حديث مع "ألترا صوت"، أوضح الكاتب الصحفي اللبناني حسن عباس، أن "تلفزيون لبنان" الحكومي بشكل كامل، لا يعود لعام 1957 كما يظن كثيرون، وإنما يعود تحديدًا لعام 1996، بعد أن أصبحت الدولة مالكة لكل أسهمه.

وقبل ذلك، بين عامي 1977 و1996، كانت الدولة اللبنانية تمتلك نصف أسهم التلفزيون، والنصف الثاني يمتلكه القطاع الخاص. أما قبل عام 1977، فلم يكن هناك وجود لـ"تلفزيون لبنان"، بل كانت ثمّة شركتان خاصتان، واحدة باسم "شركة التلفزيون اللبناني" بدأت بالبث في 1958، وكانت تتبع لها القناة السابعة والقناة التاسعة، والشركة الأخرة كانت تسمة "تلفزيون لبنان والمشرق"، وبدأت بالبث عام 1962، وكانت تتبع لها القناة الخامسة والقناة 11.

"فشل" ينعكس على الإعلام الحكومي

يشدد عباس على ضرورة معرفة متى بدأ تحديدًا تلفزيون لبنان الحكومي بشكل كامل، لفهم سياق ظهوره وتتبع أدائه منذ ذلك الحين وحتى الآن، مشيرًا إلى "أبرز البرامج التلفزيونية والمسلسلات المنسوبة لتلفزيون لبنان دون تمييز أو تحديد، كانت في الواقع من إنتاج القطاع الخاص، أو أنه لاحقًا ثمرة تعاون بين القطاع الخاص والدولة، إنما ليس إنتاجًا رسميًا".

وتأسيسًا على هذه المعطيات، يعتبر عباس أن "تلفزيون لبنان الحكومي، أي ذلك الذي وُلد عام 1996، هو محطة فاشلة، أو شبه فاشلة على الأقل، منذ بدايتها". وهو لا يعتقد أنه من الممكن بأي حال أن يكون تلفزيونًا ناجحًا مهما حدث.

يربط عباس بين ما أسماه "الطبيعة الفاشلة للدولة اللبنانية" وبين إعلامها الرسمي، فيقول: "طبيعة الدولة اللبنانية الفاشلة تحول دون أن يحمل هذا التلفزيون رسالة، بمعنى Message لا بمعنى الرسالة كشيء سامٍ. هذه الدولة سلطتها ليست موحّدة على شيء لتقوله، بل منقسمة، وبالتالي كل وثائقها الرسمية مرقّعة بشكل يحاول إخفاء مكامن الخلل بين مكوّناتها".

تلفزيون لبنان
لا يوجد مجلس إدارة لتلفزيون لبنان منذ أربع سنوات بسبب التجاذبات السياسية

ويدلل الصحفي اللبناني على رأيه بالبيانات الوزارية الصادرة عن الحكومات المتعاقبة: "لننظر مثلًا لأداء وزراء الخارجية منذ عام 1996 حتى اليوم. هل تشعر أن أحدًا منهم كان يملأ موقعه؟ لا. وهذا ليس ناتجًا عن عدم جدارتهم، أو على الأقل هذا ليس ناتجًا حصرًا عن عدم جدارتهم، بل هو ناتج عن أنهم في منصب يرقّع صاحبه الكلام ليملأ الفراغات عند ضرورة الإدلاء بتصريح هنا أو هناك".

وفي رأي حسن عباس، فهكذا الحال مع تلفزيون لبنان الحكومي، "هو قناة لا يمكن أن تمتلك خطابًا، لأن شركاء السلطة منقسمون أصلًا". 

العجز عن مواكبة العصر

لم ينجح الإعلام الحكومي اللبناني في مواكبة متطلبات العصر الحديث. ويغلب على تلفزيون لبنان البرامج والمسلسلات القديمة التي يعود بعضها للقرن الماضي. وهذه البرامج والمسلسلات وإن كانت تحوز أحيانًا إعجاب الذين عايشوا تلك الفترات، كنوع من النوستالجيا، إلا أنها لا تستهوي بطبيعة الحال قطاعًا واسعًا يمثله الشباب، الذي يبحث عمّا يواكب العصر الذي يعيشه.

يعتبر الصحفي اللبناني حسن عباس أن طبيعة الدولة اللبنانية الفاشلة، تنعكس على الإعلام الحكومي وتُحمّله هذا الفشل

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي يسخر اللبنانيون من الإعلام الحكومي ومحتواه القديم، فتنتشر على نطاق واسع نكات ساخرة حول نوعية الأخبار العاجلة التي يعرضها الإعلام الحكومي وهي ليست إلا أحداثًا مرت عليها سنوات طويلة.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الإرهاب وأخطاء الإعلام اللبناني التي لا تحتمل

حريات الإعلام في لبنان.. رجعنا يا زمان