06-أغسطس-2016

إعدام جماعي في شيراز -2007 (أ.ف.ب)

نحن نعدم وأنتم تنتقدون.. تشعلون كل الماكينة الدعائية المتوفرة. يمكن تخيل بروتوكول الأمر الواقع الذي تفرضه أداءات معسكري الإعلام الأكثر إنفاقًا وتناحرًا في الشرق الأوسط، أي السعودي والإيراني، ملخصًا في جملة المفتتح. 

السعودية تعدم علامة دينيّا أو ناشطًا سياسيًّا أو تحبس حرية فنان، لا يمر الأمر مرورًا سهلًا على آلات دعاية الجمهورية الإسلامية، كيف تقبل بألا تشعل هواء البث وصفحات المواقع والصحف انتصارًا لحقوق الإنسان المهدورة في جزيرة العرب، ثم تحضر قيم الإسلام السمح، ضد ذلك المتطرف، والدعوات للتعقل وكذلك الاتهامات بالتعنت والإجرام. 

 كل من يفكر خارج عباءة سلطة رجل الدين القهرية والنظام الفاسد في البلدين مآله العدم وفق شرعة كل من النظامين وإعلامهما

في كل مرة تقع جريمة سياسية في السعودية يتوفر الجمهور العربي المتابع للإعلام الإيراني الناطق بالعربية على حفلة انتصار حقوق الإنسان والحريات. كم هو جميل تضامن الإنسان مع إخوته من البشر، وحداثي أيضًا هو التضامن مع حقوقهم، هي حقًا مرحلة متطورة من التضامن الأخوي. في المقابل، يعج الإعلام السعودي من لندن إلى أبو ظبي، بل يثور لأجل حقوق الإنسان، عندما يقبل النظام الإيراني على فعلات جرمية، كما هي عادة الطرفين دائمًا، ويصبح المتابع لهذا القطاع من الإعلام المتوفر بالعربية يخال أن ثورة حقوق الإنسان المقبلة ستطلق عبر شاشة العربية أو سموم افتتاحيات الشرق الأوسط بلا شك، خاصة عندما تتعلق جرائم النظام الإيراني بـ"أقليات" بعينها، عرب وكرد، أي سنة بشكل أساسي هنا يكبر الجرم في عين الإعلام السعودي، ويعود لا يطاق، وتنفجر الموجة بأحقاد كانت قد خزنت من آخر ثأرة إيرانية لحقوق الإنسان في السعودية، بالتالي هذه هي اللحظة لتسجيل هدف في مرمى الملالي ختامًا للهجمة المرتدة السانحة. 

هل هو عصر الاستماتة لأجل حريات مواطني دول الجوار؟ 

هذا ما تقوله مجمل ساعات البث وصفحات مطبوعات ومنشورات المعسكرين طوال عمريهما في عصر الإعلام الفضائي والإلكتروني، نعم هناك حالة استماتة وتعويم للبث بمتقتضيات الدفاع عن حقوق وحيوات مواطني الدولة الأخرى، كل من النظامين في السعودية وإيران يتبع هذه الصنمية، اعتقادًا بالفائدة الأولى، فرصة تجريم وإحراج الخصم، ونزولًا عند الثانية، الظهور السمح/السمج بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان والمتبني لخطابه، تنصلًا من فداحة جرائمه هو المعروفة والمُعرفة جيدًا في أرشيفاته، فالحريات والحقوق ليست محل دفاع عندما يكون مطلوب احترامها منه. 

لكن، ماذا بشأن الإعدام السياسي؟ 

الإعدام السياسي جرم موصوف وفق شرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي، هذا بما أن صراع الخطاب حول استخدام هذه العقوبة وتجريمه يدور بين دولتين، أي عضوين فاعلين في الأسرة الدولية، بنفطهما وحروبهما وجرائمهما. لكن هذا التفسير لمعنى إرسال الإنسان إلى العدم/الموت ليس هو ما يهم الطرفان ولا إعلامهما، ليمسي الإعدام واجبًا مقدسًا بحق أعداء الشيخ والإمام في إمبراطوريتي الظلام، كل من يفكر خارج عباءة سلطة رجل الدين القهرية والنظام الفاسد في البلدين مآله العدم وفق شرعة كل من النظامين وإعلامهما ضمن مقولة "وكل الحرية والتضامن مع ضحايا الطرف الآخر فقط"!

اقرأ/ي أيضًا:

الحكومة والمعارضة في الجزائر.. إخوة في الرضاعة

عندما يكون الصمت "شريكاً"