19-ديسمبر-2017

لقطة من فيلم The Machinist

في المقال السابق تحدثت عن الرمزية فقط وكيف تعاملت معها السينما، اليوم سيتعرض هذا المقال للإسقاط، وهو القسم الثاني من أدوات الدراما. كتعريف عام؛ الإسقاط في علم النفس هو حالة نفسية يقوم المصاب بها بإلقاء اللوم على الآخرين، أو يرى الناس كما يرى نفسه، فالشكاك يرى كل الناس تشك مثله وفيه، والكذاب يرى أن كل الناس تكذب، والخائن، واللص.. إلخ. والإسقاط من السلوكيات البشرية التي تتحول إلى سلوك نفسي أو مرضي مع الوقت.

أحد نماذج الإسقاط النفسي هي سلسلة قصص Wild Tales من أيقونات السينما الأرجنتينية؛ ففي كل قصة يستعرض لنا المخرج داميان زيفرون نموذجًا عن الانعكاس النفسي

المعالجات السينمائية تناولت هذا البُعد النفسي بشكل رائع وانفرد بفئة وحده استطاعت أن تجذب إليها الجمهور من كل الأعمار، لأن المعالجة الإسقاطية سلاح ذو حدين، تعرض حالة نفسية وتناقش حالة اجتماعية بحسب الإطار الذي خُصص لها.

معالجة الإسقاط النفسي

كما وضحت أعلاه في التعريف؛ أن هذه المعالجة تتناول حالة وتعرضها في إطار غامض وذكي مثل فيلم The Machinist، هذا الفيلم مميز لسببين، الأول هو تقمص النجم كريستيان بيل للدور بشدة، والثاني هو تناول سلبيات الأرق وجَلد الذات، حتى وإن كان ما ارتكبته بغير قصد!

نلاحظ خلال سير أحداث الفيلم؛ أن البطل يشعر بالشك دائمًا، والرهبة، وهذه السلوكيات يبررها بأرقه المزمن الذي حرمه من النوم لمدة عام كامل حتى وصل إلى هذه المرحلة المزرية، هنا نرى أن هذا النوع من المعالجات قام بتقديم القالب المطلوب للإسقاط؛ البطل شكاك، يشعر بالريبة طوال الوقت وينعكس هذا على أحداث الفيلم وأجوائه حتى النهاية التي سوف تصدمك بلا شك!

اقرأ/ي أيضًا: ديزني تستحوذ على فوكس.. هل تحتكر مستقبلًا خدمات البث عبر الإنترنت؟

مثال آخر عن الشك نأخذه من السينما المصرية، هو فيلم "زوجتي والكلب" للمخرج سعيد مرزوق، هذا الفيلم أيقونة نفسية خالدة من كل الجوانب. تتناول قصة الفيلم حياة "الريس مرسي" الذي يتزوج حديثًا من فتاة شابة ويتركها ليذهب إلى عمله في البحر، وتحديدًا مراقبة الساحل عبر الفنار، الريس مرسي يحظى بتاريخ سيئ مع النساء فهو عاشر الكثير منهن ويخشى أن يحدث لزوجته الجميلة في غيابه ما كان يفعله هو مع هؤلاء النسوة اللاتي عاشرهن، وهنا تبدأ رحلة الشك القاتلة.

للريس مرسي صبي جاد في عمله وهو "نور" الشهواني المحروم من النساء الذي يضيع رغبته المكبوتة على صور المجلات العارية. "نور" هنا يقع عليه إسقاط الكلب، كما هو ظاهر في اسم الفيلم، فالصبي نور "كلب" بالنسبة لمرسي لكن بنفس الوقت محل ثقته فيقرر أن يرسل مبلغًا من المال بيده لزوجته الجميلة ويتأخر نور في طريق عودته إلى الساحل وتبدأ مرحلة الشك القاتلة للريس!

نموذج آخر عن الإسقاط النفسي، هو سلسلة قصص Wild Tales من أيقونات السينما الأرجنتينية. ففي 6 قصص يستعرض لنا المخرج داميان زيفرون، في كل قصة نموذجًا على الانعكاس النفسي. وبصرف النظر عن القصة الأولى، ركز في القصة الثانية، التي بدأت بتنمر وانتهت بسوء فهم!

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "كوكو Coco".. أهم وأحدث إنجازات بيكسار وديزني

الموضوع بدأ بشجار بين سائق غني وآخر فقير بسبب تنمر الأول على الثاني، وحدث بينهما عراك دام انتهى نهاية مأساوية. طبعًا لم يشاهد المارة ما حدث أو كيف جرت الأمور حتى انتهت هكذا، لكن فسروا الأمر أنهما انخرطا في علاقة شاذة على الطريق انتهت بنهاية سيئة!

وأيضًا لدينا القصة الثالثة، عن رباطة الجأش والإهانة.

والرابعة عن سخافة السلطات وتنمر موظفي الحكومة!

والخامسة عن أن الأغنياء المترفين لا يمكنهم أن يقعوا في فخ الخطأ، وعلى الآخرين تحمل أعبائهم مقابل مبلغ من المال!

وأخيرًا الحب والخيانة، هذه صادمة ولكنها واقعية جدًا.

الفيلم رائع للغاية، يقدم لك وجبة إسقاطات لا مثيل لها؛ ولكن يربط هذه القصص صفة واحدة يشتكي الجميع منها، وهي التنمر. جمع هذا الفيلم بين الإسقاط النفسي والاجتماعي، بين العرض والمناقشة، وهنا رقعة الإسقاط تكبر وتشمل كل شيء عن عالم الفيلم بشخصياته ومكان تصويره.. إلخ.

فيلم The Machinist مميز لسببين؛ الأول هو تقمص النجم كريستيان بيل للدور بشدة، والثاني هو تناول سلبيات الأرق وجَلد الذات، حتى وإن كان ما ارتكبته بغير قصد!

مثل هذا النوع من المعالجات، يأخذنا إلى فيلم مهم جدًا؛ وهو "فيلم ثقافي"، الفيلم الذي منع جيلنا من مشاهدته وقت عرضه، خشية أن يحرضنا على الوقوع في الخطأ! لكن لهذا الفيلم قيمة فنية وسينمائية كبيرة.

عناصر الفيلم؛ هم ثلاثة شباب يحاولون إخراج كبتهم الجنسي من خلال الاستنماء على المجلات الإباحية، حتى يقع بين أيديهم فيلم "ثقافي" أي "إباحي" بالطبع، عقدة الفيلم هي أين سنشاهد الفيلم؟ هنا تبدأ رحلة الإسقاط من خلال تعرض الثلاثة لعدد من المواقف منها الكوميدية.

نجد أن الشباب في سن السابعة والعشرين؛ وهم عاجزون على تفريغ رغبتهم الجنسية بسبب العادات والتقاليد والعيب والحرام، أيضًا تداول المواد الإباحية على أنها جريمة فادحة رغم أن الكل يمارسها بالسر! وهنا يكشف النقاب عن تناقض المجتمع، أيضًا مشاكل الزواج والارتباط، وهذه مشكلة العمل والبطالة. كل هذه المحطات يعرضها الفيلم بسياق دقيق وساخر حتى النهاية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جولي دلبي: على الناس الاهتمام بجوهرهم الداخلي

أفضل 10 أفلام أكشن لعام 2017