27-يوليو-2017

لا تزال الشواطئ وجهة محبذة عند المغاربة في الصيف (عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

بمجرد حلول فصل الصيف، يبدأ المغاربة بالتفكير في كيفية قضاء الإجازة، بعيدًا عن متاعب العمل وروتين الحياة اليومية. الاختيارات تتعدد وتختلف من أسرة إلى أخرى، لكن المؤكد أن الدخل المادي يسيطر على الاختيارات والتوجهات. "الترا صوت" يقدم لمحة عن كيفية قضاء المغاربة عطلة الصيف والاختيارات القائمة وطريقة الفصل بينها.

اختيارات المغاربة لمكان وطريقة قضاء العطلة تختلف وفقًا لميزانيتهم فالهاجس عادة ما يكون ماديًا

اقرأ/ي أيضًا: صيفٌ ساخن في لبنان: جيوبنا احترقت!

المال يحسم الاختيارات

عبر 47 في المئة من المغاربة عن نيتهم في قضاء عطلتهم الصيفية لدى أحد أقربائهم داخل المغرب، وأكد 67 في المئة أنهم قضوا عطلتهم السنوية مجانًا، دون اللجوء إلى خدمات الوكالات السياحية أو الشقق المفروشة. هذه أبرز نتائج دراسة حديثة حول الأسفار والتوجهات السياحية التي ينوي المغاربة التوجه إليها خلال الصيف، وهذه الدراسة أنجزها مرصد تابع لشركة "وفا سلف"، التي تعنى بالقروض.

كما أن الدراسة ذاتها أشارت إلى أن نصف المغاربة لا يقومون بالتخطيط المسبق لتنظيم أسفارهم، وسجلت تراجعًا في نسبة المغاربة الراغبين في قضاء عطلتهم الصيفية خارج بيوتهم بـ4 في المئة. والمؤكد وفقاً للخبراء الذين تواصل معهم "الترا صوت"، أن "اختيارات المغاربة  لقضاء العطلة، تختلف وفقًا لميزانيتهم فالهاجس دائمًا يكون ماديًا".

فمنهم من يختار السفر خارج المغرب أو خارج المدينة التي يقطن بها، من خلال الاستعانة بوكالات الأسفار التي تقدم عروضًا مغرية بتنظيمها لأسفار منظمة، بينما يفضل آخرون البقاء في البيت والاكتفاء بزيارة العائلة والأحباب.

فالطبقات الفقيرة لا تمتلك الإمكانات المادية التي تخول لها التمتع بالعطل، بل إنها في الغالب تفكر في كيفية توفير مصاريف الموسم الدراسي الجديد، خلال فترة الصيف، بينما نجد الطبقات المتوسطة تخطط لقضاء العطلة قبل شهور عبر توفير المال، وأحيانًا تمتد العطلة عند الطبقة المتوسطة على أبعد تقدير لأسبوع واحد. وأما الطبقة المرفهة أو الميسورة، فتميل إلى تقسيم عطلها بين المناطق الترفيهية داخل وخارج المغرب.

يقول عبد العزيز الأكحل، موظف في وكالة الأسفار، ضمن حديثه لـ"الترا صوت": "الكثير من المغاربة من الطبقة المتوسطة قد يفضلون في أحسن الأحوال الذهاب إلى إسبانيا، بسبب انخفاض ثمن المبيت والأكل مقارنة حتى ببعض المدن المغربية، إضافة إلى قرب إسبانيا من المغرب، أو السفر إلى تركيا، التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة الوجهة المفضلة عند الكثير من المغاربة".

ويضيف: "أما الطبقة الميسورة فتفضل السفر إلى فرنسا وأمريكا، فضلًا عن أندونيسيا، إضافة إلى وجهات تركيا وإسبانيا أيضًا، حيث يحجزون في فنادق فخمة".

اقرأ/ي أيضًا: إجازة الجزائريين الصيفية.. بين تونس والجزائر

المغاربة وثقافة العطلة

تضطر بعض الأسر الفقيرة أو متوسطة الدخل للاستدانة من البنوك للسفر خلال إجازاتها الصيفية وهو تقليد يزداد انتشارًا في المغرب

يمكن القول إن مفهوم "ثقافة العطلة" بالنسبة المغاربة قديم، إذ اعتاد المغاربة على أخذ قسط من الراحة سواء في نهاية الأسبوع أو العطلة الصيفية، عن طريق الخروج في نزهة خارج المنزل أو ما يسمى "نزاهة" بالدارجة المغربية، وغالبًا ما تكون عبر التوجه إلى الفضاءات التي تزخر بمعالم طبيعية كالغابات أو الشواطئ القريبة من المدينة.

لكن في الوقت الراهن، تغير مفهوم العطلة نوعًا ما ليشمل السفر خارج المدينة، والتوجه إلى الشواطئ، فضلاً عن المنابع المائية أو الجبال أو الشلالات. تعلق على هذا الأمر،  إيمان المرابط، مختصة في علم الاجتماع، لـ"الترا صوت": إن "مفهوم العطلة في أذهان الكثير من المغاربة صار يقترن باستحضار فكرة السفر، حيث الرغبة في تغيير المكان ملحة،  خاصة إذا كانت هذه الأسر تقطن في المدن الكبرى التي تعاني من قسوة الحرارة خلال فصل الصيف".

وفي بعض الأحيان، قد تضطر بعض الأسر الفقيرة أو متوسطة الدخل، إلى الاستعانة بقروض بنكية قصد السفر، سواء داخل أو خارج المغرب بهدف قضاء العطلة. وهذا راجع  وفقًا لإيمان المرابط إلى "كون المجتمع المغربي أضحى يعتمد على المظاهر وحب التباهي". فهي توضح: "من الطبيعي أن تلغي أسر معينة فكرة السفر بسبب المشاكل المادية، المتمثلة في كثرة المصاريف وغلاء الأسعار وميزانية التعليم والتطبيب، لكن من غير الطبيعي أن تلجأ بعض الأسر إلى القروض البنكية بهدف تسديد مصاريف السفر".

كما أنه توجد عوامل كثيرة، تفسر لجوء بعض الأسر إلى القروض البنكية، قصد السفر لقضاء عطلة الصيف. من بين هذه الأسباب وفقًا للمرابط،: "مواقع التواصل الإجتماعي التي تساهم  في الضغط على الأفراد للجوء إلى الاستدانة لقضاء العطلة بأي ثمن، من أجل السفر والتقاط الصور هنا وهناك،  بهدف التباهي أمام الأصدقاء أو الأحباب".

وتضيف لـ"الترا صوت": "هذا العامل يسبب تعاسة عند البعض وعواقب وخيمة عند الكثيرين، خصوصًا بعد انتهاء العطلة، حيث تفكر تلك الأسر في كيفية سداد الأقساط التي تفرضها القروض البنكية، وغالبًا ما تسبب مشاكل اجتماعية خطيرة".  

 

اقرأ/ي أيضًا:

3 أفكار لقضاء إجازة بتكاليف أقل

تستور.. قطب واعد للسياحة الجبلية في تونس